الأحواز المنسية هكذا تورد الإبل يا عرب
بعد صمت طويل وإهمال للقضية الأحوازية وقضايا الأقليات المضطهدة في إيران أدى ذلك إلى شعور بالإحباط لديهم بان اخوانهم في البلدان العربية والإسلامية أمامهم أولويات ليسوا موجودين فيها، وبالمقابل ترك العنان أمام طهران لتوجيه سمومها الطائفية لزعزعة أمن الخليج والدول الأخرى على حساب معيشة مواطنين يعيشون حياة كريمة في تلك الدول لمجرد أمور انتمائية ومعتقدات عاشوا متصالحين مع الآخرين عليها طوال حياتهم بما أدى إلى خلق صراعات مبنية على أسس طائفية وخلق نوع من أزمة الثقة والدور في انتماءاتهم الوطنية.
اليوم وبعد هذه الإفاقة لابد أن يكون دعم الاخوة في الأحواز وغيرهم نفس التوجه والآليات التي عادة ما تتبناهم المنظمات الدولية الحقوقية وان يتم تحميل تلك المنظمات التي تعمل حسب الأجندات السياسية الملتوية أن تصرح بالحق إذا كانت تؤمن به وان يتم نقدها والاستفسار عن غيابها طوال هذه السنين عن الدفاع عن حقوق هذه المجتمعات التي يمارس ضدها كل أنواع الاضطهاد والظلم، وقبل أن نندفع في دعم هذه المجتمعات لا بد أن نأخذ في عين الاعتبار ألا تكون صحوتنا على حسابهم مما قد يعرضهم للمزيد من الظلم والقضاء على آخر أمل لهم فأهم شيء يجب اتخاذه هو توجيه للمنظمات الدولية لتوفير الحماية لهم مما قد يتعرضون له نتيجة مطالبتهم بحقوقهم، وان تكون هناك حملات إعلامية وقانونية مكثفة ومستمرة لكشف ممارسات طهران غير الإنسانية تجاههم وحملات أيضا على شكل مؤتمرات دولية لإشراك المجتمعات الأخرى التي تعودت أن تكيل بمكيالين ويجب بالمقابل ألا نعول على ردة فعل الغرب لدعم تلك القضايا فنحن اليوم أكثر وعيا وعلما بتوجهاتهم ومصالحهم.
اليوم لابد أن يكون هناك تركيز وتنظيم وعمل جماعي وحشد عربي وإسلامي لإبراز تلك القضايا وتسخير كافة الطاقات الإبداعية لتسليط الضوء على بشاعة وحقد النظام الإيراني الصفوي وإظهار المذابح والمجازر الوحشية التي قام بها النظام ومحاسبته وإعادة كرامة تلك الشعوب معنويا وماديا، فالفقر قد أكل وشرب منهم وأيضا كسر الحلقة التناورية الاسقاطية للنظام الإيراني الصفوي في ترحيل القضايا وإثارة البلابل في أوطاننا المستقرة فلا يجب ان يكون بيننا وبينهم ما يطلق عليه لعبة السياسة وأخلاقيات الجوار، بل يجب أن تتم مواجهتهم بنفس طريقتهم وخططهم فليس هناك أرضية للحوار أمام دولة مارقة لديها أجندة مقتنعة ومصممة على تنفيذها ولن تتوقف ولقد سيطرت على ملاليها الحماقة التي ستؤدي إلى هلاكهم.
اليوم هناك جيل عريض من المجتمع العربي لا يعرف هذه المجتمعات وانتماءاتها وجغرافيتها نتيجة للمجهود المكثف الذي بذله المد الصفوي في توجيه ذاكرة ومعرفة تلك الشعوب نحو قضايا طائفية في نفس بلدان تلك الشعوب وإشغالهم بها في وقت كان هناك تجاهل لا أعرف أسبابه من قبل الحكومات والمنظمات الحقوقية العالمية.
أعتقد أن أمامنا فرصا تاريخية لدعم هذه القضية والقضايا المشابهة وإعادة ترتيب الأوراق وقلب السحر على الساحر حتى تعود مثل تلك القضايا إلى وضعها الطبيعي وتعيش تلك الشعوب برخاء وازدهار وتعود إلى مواطنها بعد عقود من الهجرة القصرية.
د. عبدالله الحريري
- خبير علم النفس السلوكي – المعرفي
المصدر:صحيفة اليوم