حركة الدفاع عن عروبة جنوب العراق ..وفدية الدم لارومة العراق العربي الموحد
تترى الأحداث الجسام وتتوالى في العراق ولا تتوقف عند دم مسفوح على بعض ثراه ومن كان يعتقد بانه بمعزل عن فداحة المخططات وقع في فك اقسى القروش التي تسبح في ظلام السياسة والمنافع ليسقطوا في مأساة الخصوصية والتكتل والتمذهب الذي ارتقى الى مستويات ضياع البلاد التي كانت منارة للعلم والتنوير في فترات طويلة من تاريخها ، اندلعت المواجهات في الجنوب والاسباب هي ذاتها التي تجعل من العراق منطقة لتفتت السياسة التقليدية وقصر النظر لسياسيي العراق وغفلتهم ومقاصدهم وهوانهم وتهوينهم للامور وكذبهم على شعبهم تبين انه كذب على نفوسهم التي لا تعي هول المصاب وما قد تأتي به الايام القادمة ، فبين التخبط في المصالح الخاصة للافراد والاحزاب خسر العراق دم ابنائه وكرامتهم وهجرت العوائل وقتل من قتل وارادوها حصصا وتحولت الى محميات صغيرة متفرقة خاسرة جميعا ، وبين اشعال روح الفتنة بين المذاهب وتعدد الصراعات توهم بعضهم بسبب ضبابية المشهد او الغبار المثار بان الجنوب في العراق قد يكون ضمن حاضنة الحكومة بسبب اثارة الفتن والدفع بالاحتقان المذهبي الى مداه لأمرار لعبة السياسة الخبيثة، حتى تحول الفجور القديم بالارتماء في احضان المحتلين تحت جميع تسمياتهم امرا لا يخجلون بعد ان تمهدت الاجواء النفسية لمباغتة العراقيين بالذهاب الى التقسيم كحل مجبرين عليه لعدم امكانية التعايش بين مكونات الشعب العراقي ، ان ما يحدث الان من صراع دامٍ في الجنوب يدحض فكرة المحاصصة والتمترس السياسي خلف مرادهم في اثارة وانضاج الرغبة في التقسيم او الاقتتال بين ابناء الشعب الواحد ، كل قطرة دم تسفك اليوم بيد القوات الحكومية ومناصريها انما هي قطرة دم تساهم في اعادة المشهد الاعظم لجسد عراقي واحد ان تداعى جزء منه بالالم سهر الجسد كله محموما وغاضبا على من اوصل الامور الى سفالة الكراهية والثأر والانتقام .. ايها العراقيون جنوبكم العربي يدفع فدية الدم عنكم جميعا لتعودودوا الى رشدكم ، عربا من ابناء ارومة واحدة ، يفدي بعضكم بعضا في ايام الخطوب والمحن ..ولان ما يحدث امر جلل لذلك تبدو المراجعة التأريخية للاحداث مهمة, ولكن ذلك قد يستغرق طويلا في السرد وتتبع الحقائق ويحتاج الى الدقة والخوض في التفاصيل.. ولأن وجهتنا مستقبل العراق وافرازات تداعي الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط فمن واجبنا تحمل مسؤولية ايصال الحقيقة بشأن تداعيات الواقع في العراق وبالذات في جنوبه ودحض المحاولات الرامية لتعميم فوضى الطقوس الدينية ودمجها في التأويل الذي يستهدف الخلط بين العقائد والتقاليد وبين تركيبة الواقع الاجتماعي والعشائري وزجها كلها في الصراعات وملابسات المنطقة وانقساماتها الدينية والمذهبية واصطفافات النظم والجماعات الى مشاريعها الخاصة او رؤيتها وقرائتها للاحداث.. ولكي تكون الصورة واضحة لمدى تأثير الواقع السياسي على مجريات التفتيت الدموي للبنية الاجتماعية وتمزيقها للنسيج المتعدد الالوان في سجادة العراق التي كانت بعض خصائصه المضافة الى وحدته وتنوع منابع ومصادر ثقافته.. وباشارة بسيطة نعيد الى الاذهان الحاضر القريب لنبني عليه, ففي بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة في العشرينيات ثار العراقيون سنة وشيعة وقوميات ضد الاحتلال الانكليزي وحينها وافق الشيعة على حكم العراق من قبل السنة وبعيداً عن تنصيب فيصل الاول ملكاً على العراق فقد جاءت الموافقة من الشيعة على تكليف نقيب اشراف بغداد عبدالرحمن الكيلاني وكان في الثمانينيات من عمره لتولي منصب رئيس الوزراء, وفي هذا دلالة كبيرة على وحدة العراقيين وتوجههم حينذاك لبناء وطنهم تحت مفاهيم التقدم والتعايش ليكون الوطن جزءاً مهما من رغبة المنطقة في التخلص من تبعات الماضي والصراعات التي ادت الى التأخر وتمدد ثلاثية التراجع البشري ـ الفقر والمرض والامية ـ وفي الحرب بين ايران والعراق بسنواتها الثمانية كان العراقيون والشيعة منهم، جزء من الافكار القومية السائدة في مفهوم الدولة وخاضوا الحرب وقدموا التضحيات للدفاع عن وطنهم.. وبالعودة الى ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق انفتح صندوق (الباندورا) عن تداعيات هزت العراق وجنوبه بالذات بسبب واضح هو انهيار الدولة العراقية وتفكيك مؤسساتها العسكرية والامنية وحصل فراغ كبير بعدها ليتمدد المشروع الايراني في العراق وتعميم سياسة الانتقام من الجار الذي خاض معهم حربا دامية كلفت الجانب العراقي بحدود مليون انسان ومآسي انسانية ما زالت آثارها حتى يومنا هذا، وكذلك في الجانب الايراني وبدلا من فتح صفحة جديدة بوجود الكثير من الاحزاب والقادة الجدد الموالين لايران والذين كانوا على خلاف مع النظام القديم لاسباب كثيرة ونتيجة للجوئهم الى ايران, فهم ساهموا في اعداد قوائم باسماء الالاف من العراقيين الذين اشتركوا بطريقة او باخرى في الذود عن وطنهم في سنوات الحرب مع ايران, فتم قتل مئات العلماء بالاختصاصات النادرة واستهدفوا معظم الطيارين والقادة العسكريين واساتذة الجامعات والاطباء لاشاعة الفوضى والكراهية وافراغ (جمجمة العرب) من وعيها وعقلها وتراكم خبرته في الابتكار والتجديد والتطور التي تشكلت عبر الاف السنين في ارض الرافدين دجلة والفرات.. ومع سقوط النظام في العراق واحتلاله، دخلت الميليشات التي تأسست تحت رعاية النظام الايراني والتي تم دعمها لاغراض الصراع مع العراق, وبدأ دور جديد لهذه الميليشات لاسناد احزابها وترجمة وسائلها بالقوة وفرض واقع سياسي جديد, كانت لافتته الرئيسية الديمقراطية وصندوق الانتخاب لكن الحقيقة التي يؤكدها واقع العراق بعد اكثر من 10 سنوات ان الديمقراطية لا يمكن تطبيقها مع المجاميع المسلحة والمشاريع من خارج الحدود او الصراعات بين المكونات المختلفة التي وجدت في تهميشها اواقصائها او حجمها على الارض تبادل لمفاهيم المظلومية بين المجاميع البشرية وهنا اقدمت الدولة الجديدة وللتخلص من تبعة سنوات المعارضة وبدل ادماج الميليشيات في المجتمع لمشاريع اعادة الاعمار والصناعة وارساء واقع موارد دخل قومي متنامي زجتهم في تأسيس جيش عراقي خارج منظومة المهنية والتعليم العسكري وتراتبية الترقية.. وبدلا من تطوير المؤسسة العسكرية القائمة, كان رهان القادة الجدد على تبعية منتسبيه لخدمة الاحزاب الجديدة وتوجهاتها.. وكان هذا هو المدخل لأكبر جريمة منظمة ممكن ان تحدث في العالم فالجيش والشرطة حينها ستكون غطاءً لعمليات ارهاب حقيقية طالت المجتمع العراقي من الافراد الذين ينتمون لعقيدة معينة دينية او قومية او حزبية.. ومن يتابع الاغتيالات وطريقة تنفيذها يجدها تنفذ بيسر من قبل مجاميع مسلحة وعجلات حديثة ومدربة على الاقتحام وفق احدث الاساليب.. والقوات الامريكية مؤكد ان لها القدرة على تحليل الوقائع الجرمية بما يؤكد قيام افراد من القوات المسلحة المدربة من قبلهم وفق تدريبات خاصة يمكن بالتحقيق والادلة تأكيد من يقوم بالجرائم الكبرى.. ومع انفلات الحدود وردات الفعل المختلفة وظهور نزوع واضح للانتقام والثأر والحصول على مكاسب مستقبلية في الانتخابات او على الارض كان لزاما استحضار اسوأ مافي التأريخ لتعبئة واقع انتخابي متصاعد في الارقام داخل الصندوق الديمقراطي.. ان ما حصل قبل اشهر من استهداف الشيوخ الافاضل في البصرة والناصرية في جنوب العراق بالذات مع استهدافهم في كل مكان مرده عدم الرضا من النظام الايراني وادواته في العراق عن العقلية السائدة لاعادة التفكير في مخاطر التفرقة بين الشعب العراقي بل داخل العشيرة الواحدة التي تتكون من الشيعة والسنة وتنضوي تحت عنوان المواطنة وبناء العراق واعادته الى اهله واسرته العربية ودوره الاقليمي والانساني… استهدافهم بل والتمثيل بجثثهم قابلناه بدعوتنا لاهلنا العرب اولا والى العالم اجمع لدعم العقل العراقي المنفتح للحياة والسلام والامل بتجاوز محنة التفريق بين افراد العائلة الواحدة العراقية التي تأمل ان تكون الديمقراطية الحقة مفتاحها الى عالم مختلف ينتمي الى رغبة ابناءه في تجاوز الانقسامات الدينية والمذهبية والقومية مع احترام حقوق الاقليات واسترجاع روح المواطنة والعمل على مصالحة حقيقية لبناء عراق جديد يحيا فيه ابناءه تحت راية العدل والحرية والمساواة..
ان ما كتبناه وتحدثنا به عن استهداف شيوخ العشائر وتهجير العشائر واشاعة الانفلات الامني والعودة بالعراق الى ابشع سراديب ظلام التأريخ انما كان قراءة مستقبلية لعراق منقسم وحروب مناطقية ومذهبية ودويلات صغيرة لن تأتي الا بالضرر لاهله وجيرانه وامته وخيوط نسيج العنكبوت الذي يجره الى الصراع الشامل في المنطقة على اسس طائفية ومذهبية ونزاعات حول السلطات، انما هو النار في الهشيم، لذا يجب ان لا يفهم ابداً ان الشيعة في جنوب العراق جزء من المشروع الايراني لتقاسم النفوذ في المنطقة واعادة امجادها الامبراطورية, بل هم في صميم الامة العربية وجزئها الفاعل ويجب عدم التفريط بهم بسبب غموض الواقع وضبابية الاجواء وعدم اتضاح الرؤية بين الخنادق.. فاذا كان العراق في معظم اجزائه يتعرض للارهاب والعنف والمخططات الشريرة المختلفة, فان جنوب العراق يتعرض لأبشع محاولات الايقاع به في مستنقع الفهم الخاطئ لاهله من قبل اهله العرب, واللعبة الايرانية واضحة بتبعية الميليشيات والشخصيات الحاكمة ليكون الجنوب منطلقاً لمخططاتهم تجاه بلدان الخليج العربي والأمثلة كثيرة وواضحة.. وقد نبهنا القادة العرب في خليجنا لمخططات القضاء على صلة الرحم فيما بيننا وفصل عوائلنا وتهديم عروبة شيعة العراق وتسليمهم الى النظام الايراني كهدية مغلفة بجهل مبين بتاريخ العراق عبر تاريخه الطويل.. ونعيد الان تذكيرنا لهم جميعاً، نحن نذبح امامكم لاننا عرب وعراقيون ومواطنون اصلاء ومشروعنا اعادة وطن واعادة شعب لأسرته العربية والانسانية.. انتبهوا نحن نذبح.. نطالبكم باسم الاديان السماوية وباسم الاسلام دين التسامح ودين محمد العربي ان لا تتركوا العراق وجنوب العراق وشيعة العراق وشيوخه وشيوخ الجنوب تحت مقصلة الشر الايراني وادواته وميليشياته.. مجدا لكل التضحيات لاجل عراق يحيا بكرامة كما تسعى اليها الانسانية..
لا توجد خاتمة تليق بالعراق وشعبه سوى وحدة الدم والمصير التي تقرر تمسك ابنائه بارضهم وتاريخهم ومودتهم وتراحمهم في صياغة غد اجيالهم القادمة .. العراق يقف حائرا في مفترق طرق ولن يساورنا الشك ابدا ان حركة الدفاع عن عروبة جنوب العراق مؤشر ومثابة كبرى ودلالة لتتبع تضحيات اهلنا في كل مكان من ارضنا التي صنعت مجدها القديم وتقرر مستقبله ..
الأستاذ محمد الكعبي رئيس المكتب السياسي لجبهة عشائر جنوب العراق