كلمة النائبة في البرلمان الأردني رلى الحروب في مؤتمر حركة النضال العربي لتحرير الأحواز
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي هذه الأمة الأمين وعلى كل الأنبياء والمرسلين الذين بعثوا رحمة للعالمين.
سلام على شهداء هذه الأمة الذين أستشهدوا وبذلوا الغالي والنفيس من اجل الدفاع عن المال والعرض والولد والبلد والوطن وقدموا لنا دمائهم رخيصة كي نكون الان أحياء نتنفس الهواء على ثرى هذه الأمة الطهورة.
تحية إجلال وإكبار لكل علماء الأمة ومبدعيها ومفكريها وفلاسفتها وقانونييها ومحاميها، لكل من يناضل بالكلمة ويناضل بالقلم ويناضل بالعدسة ويناضل على ساحات المعارك.
تحية إجلال وإكبار لأمتنا العظيمة التي لن تموت.
قال عمر بن الخطاب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا.
تقر المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والثقافية والاجتماعية، بأن لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها.
فهذا العهد هو شرط أساس للضمانة الفعلية والإحترام الفعلي لحقوق الإنسان الفردية والجمعية، ولتعزيز هذه الحقوق. وهذا الحق في تقرير المصير للشعوب كرُسَّ كمبدأ سياسي في عام 1526، ثم وجد تطبيقه الفعلي في إعلان الاستقلال الأمريكي عام 1776، ثم في الثورة الفرنسية عام 1789، ثم كرّة حّبات المسبحة في أوروبا في القرنين الثامنة عشر والتاسع عشر لتثور الشعوب ضد هيمنة الحكم المطلق ومنظومة القهر والاستعباد السياسية والدينية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتنطلق نحو بناء الدول الحديثة، دول المواطنة والرفاه الاجتماعي والحرية والمساواة والإخاء والعدالة.
وامتنا العربية الإسلامية تقف اليوم على مفترق طرق تاريخي، فإما أن تنجح في معاركها التي تخوضها اليوم ضد الهيمنة المطلقة والاستبداد بصوره المتعددة: سياسيا وأمنيا واقتصاديا ودينيا واجتماعيا، وضد المشاريع العدوانية التوسعية لكل من إسرائيل وإيران، ومن يدعمهما من القوى العالمية التي تخطط لتفتيت هذه المنطقة والهيمنة على مواردها، وإما ان تهويَ إلى بئر تاريخيًّ سحيق، لن تجد من يخرجها منه كما أخرج السيّار سيدنا يوسف عليه السلام.
لن يقبل أبناء العرب الأحواز بطمس هويتهم وسلب حقهم في تقرير مصيرهم، تماماً كما أن الفلسطينيين لن يقبلوا طمس هويتهم وسيبقى العرب في الأحواز وفلسطين يدافعون عن حقهم في تقرير المصير والسيادة.
وكما هو النضال الفلسطينيين طويل، فإن نضال العرب في الأحواز سيطول، لأن كِلا الشعبين تحتلهما قوة عظمى متغطرسة تتحالف معها قوى أخرى دولية ضد الطموحات المشروعة للشعبين.
الأحواز ثروة استراتيجية واقتصادية وجغرافية لإيران، فموقعها الاستراتيجي لن تقبل إيران بالتخلي عنه وثرواتها من النفط والغاز والمنتوجات الزراعية والمياه وغيرها والتي تشكل وحدها نصف الدخل القومي الصافي لإيران واكثر من ثمانين في المئة من صادرات الجمهورية الإيرانية لن تتخلى عنها إيران إلا ببحور من الدم والنضال الطويل، فتحرر الأحواز يعني تقليص الوزن الجيوسياسي والديمغرافي والاستراتيجي والاقتصادي لإيران إلى الربع، وهو ما ستقاتل إيران بضراوة للحيلولة دون حدوثه، وما تلك المشانق وطلقات الرصاص في صدور أحرار الأحواز إلا بداية الطريق الطويل الشاق الذي ينتظر حركة النضال العربي لتحرير الأحواز.
وما محاولاتُ تغيير الهوية والأسماء والأماكن والأنهار والمدن وإحلال السكان بقوميات أخرى وتهميش الأحوازيين وإقصائهم من مواقع السلطة إلا الوجهُ الظاهر للسياسة الإيرانية الخفية.
لقد تخلى العرب عن الأحواز عام 1925 ثم تخلوا عن فلسطين، ثم تخلوا عن جزر أبي موسى الثلاث، ثم تخلوا عن العراق وسورّيا، كما تخلوا عن المقاومة الفلسطينية ودفعوها دفعاً إلى الحضن الإيراني، وتركوا العراق وسورّيا ولبنان فريسة للمطامع الإيرانية والقتل على الهوّية، وإن كانوا قد تحركوا متأخرين لإنقاذ اليمن من الهيمنة الإيرانية.
ومع ذلك فإننا نريد أن نتفائل ونريد أن نعتبر عاصفة الحزم مقدمة لصحوة عربية في وجه المطاعم الإيرانية في المنطقة ونريد ان نحلم بأن ما تبقى من النظام العربي الرسمي سيدرك حجم المؤامرة على أرضنا وهويتنا وتاريخنا، ونريد ان نحلم بأن القوات العربية لن تخوض حربها مع الانفصاليين الحوثيين في اليمن من الجو فقط، ولن تكتفي بقصف داعش من الجو ايضا سواء في العراق أوفيما بعد في سورية، بينما تترك للحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي مهمة قتل العرب السنة في العراق وسورية وتفجير منازلهم والتنكيل بجثثهم تحت شعار مكافحة الإرهاب، ونريد أن نحلم بأن النظام العربي أو ما تبقى منه أصبح يدرك حقيقة توزيع الأدوار بين إسرائيل وإيران لابتلاع هذه المنطقة.
ونريد ان نحلم بتحرير سوريّا من نظام الطاغية وبحكومة وحدة عراقية حقيقية لا تتجاهل أي مكون، وبيمن موحد، وفلسطين حرة سيدة وأحواز عربية محررة.
هذا الإجتماع المبارك اليوم هو خطوة على طريق تحقيق الحلم، فلنحلم فبدون الأحلام لا توجد الحقائق.
لن أضع خطة كما طالب الشيخ حسن لإنقاذ الأمة في هذه الكلمة القصيرة، ولكن أملنا ان تخرج ورشات العمل بصياغة رؤية عربية مشتركة ورسالة وأهداف توضع لتحقيقها استراتيجيات أمنية وسياسية وإعلامية وثقافية واقتصادية ودبلوماسية تعيد لأمتنا دورها وموقعها بين الأمم كصانع للحضارة لا عبءٍ عليها.
والسلام عليكم ورحمة الله
النائبة في البرلمان الأردني رلى الحروب