تحت عنوان “مستقبل جغرافية إيران” وبرعاية وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، تلقّت الأحواز دعوة من منظمة “متحدون ضد إيران النوويّة” (UNAI) التي عقدت مؤتمريها الأوّل والثاني يوميّ 24 و25 سبتمبر 2019 بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكيّة وبالتزامن مع إنعقاد الدورة الرابعة والسبعون للجمعيّة العامة للأمم المتحدة.
وعن الجانب الأحوازي، تلقّت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز دعوة رسميّة من قبل المنظمة الراعية للمؤتمر، وشاركت الحركة بمعيّة أشقائها المتمثلين بالمنظمة الوطنيّة لتحرير الأحواز (حزم)، مركز دراسات دور أنتاش الأحوازي، منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان الأحوازي، مركز الدراسات العربيّة الألمانيّة، وعدد من الشخصيات الأحوازيّة المستقلّة.
وإلى جانب الأحواز، دُعيت العديد من القوى المناوئة لدولة الإرهاب الإيرانيّة كالآزريين الأتراك والقشقائيين والبلوش والأكراد، وقوى أخرى معارضة للنظام الإيراني، مثل منظمة مجاهدي خلق حركة فدائيي خلق والتيّار الملكي الإيراني، حيث عقدت كافة هذه القوى مؤتمرها بتاريخ: 24/09/2019، وبحضور عدد من الشخصيّات الأمريكيّة والدوليّة.
وتمثلت الشخصيّات الدوليّة البارزة في مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي، عادل الجبير وزير الخارجية وعضو مجلس الوزراء السعودي الأسبق، برايان هوك المبعوث الأمريكي الخاص بإيران، جوزيف ليبرمان، رئيس منظمة متحدون ضد إيران وعضو سابق في الكونغرس الأمريكي، مارك والاس الرئيس التنفيذي لمؤسسة متحدون ضد إيران النووية، السفير الأمريكي في ألمانيا ريتشارد جرينل، دنيس روس ومايكل ماكوفيسكي ومايكل سينغ، مستشاريّ معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، السفير الألماني في أمريكا، إضافة إلى عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي.
وعلى هامش المؤتمر، التقى أعضاء الوفد الأحوازي بغالبيّة الشخصيات الدوليّة المشاركة، فناقشوا معها العديد من القضايا الهامّة المتعلقة بأهميّة القضيّة الأحوازيّة بالنسبة إلى أي مشروع دولي ضد إيران، نظراً لما تمتلك الأحواز من ثروات هائلة من النفط والغاز والمياه وتميّزها بموقع إستراتيجي بالغ الأهميّة، إضافة إلى ما تخفيه إيران الإرهابيّة من مخطّطات تخريبيّة تستهدف المنطقة، إضافة إلى قيام الوفد الأحوازي بتوزيع مائة كتيّب يسلط الضوء على الإنتهاكات الإيرانيّة لحقوق الإنسان في الأحواز وكذلك تدمير المحتل لبيئتها.
ودشّن عمدة نيويورك السابق السيّد رودي جولياني اليوم الأول للمؤتمر المصادف بتاريخ 24/09/2019، فتوالت كلمات الوفود المدعوّة للمشاركة، والتي أجمعت على ضرورة إسقاط النظام الإيراني، نظراً لدوره الإرهابي والتخريبي في المنطقة وفي العالم، وناقش المؤتمرون مختلف القضايا السياسيّة والإجتماعية ضمن جغرافية إيران، وما تعرّضت ولا زالت تتعرّض إليه الشعوب غير الفارسيّة من ظلم وإضطهاد وحرمان وإبادة وطغيان ضمن هذه الجغرافية المصطنعة.
وناقش المؤتمرون أيضاً نضالات هذه الشعوب وتضحياتها في سبيل التخلّص من هيمنة هذا النظام وأسلافه من الأنظمة الإستبدادية، وخاصة نطلعاتها نحو الحريّة والإستقلال ونيل حقها في تقرير المصير وموقفها من مشروع مستقبل إيران بعد سقوط النظام الحاكم ضمن هذه الجغرافية، وكذلك ضرورة أن تكون الشعوب صاحبة السيادة الفعليّة على أرضها.
وبَرَزَ الوفد الأحوازي قدر المستطاع عبر الحضور في قاعات الاجتماعات حيث لفت نظر الأخرين، عبر وضع علم الأحواز على صدور الأعضاء والهيبة الجماعية حيث أعضاء الوفد كانوا منتظمين عبر الاعتناء بالهندام والطلة.
وأثناء خطابات الجميع من أمثال متحدّثي الشعوب غير الفارسية أو متحدّثي مجاهدي خلق تحت مسمّيات (منظمات المجتمع المدني الإيراني في أمريكا) كان هناك نظم ملحوظ لدى الأحوازيين حيث قادوا مسيرتين بين (مؤيدة ورافضة) أثناء جلوسهم في القاعات. وعلى سبيل المثال حين يتحدث أحد ممثليّ الشعوب غير الفارسيّة يتم التأييد لحديثه عبر الإنصات والاستماع بشكل جيّد والتشجيع والتصفيق والخ.. وحين يتحدّث أحد أعضاء مجاهدي خلق أو المنظمات الأخرى الفرعية التابعة لتنظميهم وكذلك المتحدّث بإسم القوى الملكيّة، لم يعتني أي أحوازي لحديثه ولا يقف له ولا يشجّعه عبر التصفيق أو أي أمر أخر بمعنى أن الأحوازي كان رافضاً لما جاء به ذلك المتحدّث ذات التوجه الفارسي البحت.
وطرق الوفد الأحوازي بوابة نيويورك بقوّة وحقق ما لم يكن في حسبان الفرس حيث ركلت الأحواز خطة الفرس ركلة لم يتوقعوها، لا هم ولا غيرهم، ورفض الأحوازيّون التوقيع على ما لا يخدم مصالح الأحواز، وهذا بحد ذاته انتصار وتطوّر لقضيّتنا وقضايا الشعوب غير الفارسية.
وافتتح اليوم الثاني للمؤتمر مايك بومبيو وزير الخارجيّة الأمريكي، حيث سلّط المؤتمر سلّط الضوء على شرح ومناقشة الإرهاب الإيراني الإقليمي والدولي، ووضع الخطط والسبل السياسيّة للتعامل مع حكام إيران، وكذلك البحث في مستقبل هذه الجغرافية ودورها المستقبلي، حيث اتفق جميع المشاركين على عدم شرعية النظام الحاكم ونعته بعصابة الملالي الحاكمة في هذه الجغرافية، وما تشكّله من مخاطر جمّة على أمن وإستقرار العالم، نظراً لطبيعتها العدوانيّة والتخريبيّة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وتدخلاتها السافرة في الشئون الداخلية للدول.
وأدلى العديد من أعضاء الوفد الأحوازي بشهاداتهم أمام المشاركين والحاضرين في اليوم الثاني للمؤتمر، فعرضوا أمام الحضور ما تعرّضوا إليه من أشد أنواع التعذيب خلال فترة أسرهم في معتقلات الإحتلال، وكذلك ما تعرّضت إليه أسرهم من ضغوطات ومضايقات وإعتقالات وتعذيب بغية تركيع أبنائهم.
وترأس الوفد الأحوازي د. خلف حسين الكعبي الذي ألقى كلمة الأحواز على مسامع مئات الحاضرين، استهلّها بالشكر للجهة الداعية والمنظّمة للمؤتمر الذي وصفه بالمميّز والأوّل من نوعه لما يحمل من بارقة أمل لتحقيق تطلّعات الشعوب غير الفارسيّة المحتلّة والمتطلعة لحقها في التحرير والحق في تقرير المصير والمضطهدة منذ عشرات السنين على يد دولة الإحتلال الإرهابيّة الإيرانيّة.
وأكّد الدكتور خلف في كلمته التي استغرقت عشرون دقيقة، على أنّ شعب الأحواز قدّم الكثير من التضحيات الجسام فخاض عشرات الثورات والإنتفاضات في سبيل التحرّر من القمع والإضطهاد منذ سنة 1925، ومنذ ذلك التاريخ وهذا الشعب يعمل على إنتزاع حقّه في تقرير مصيره، كحق راسخ يتاح للشعوب لإختيار ما يناسبها للعيش بحريّة فوق أرضها.
وأشار إلى أنّ هذا الحق، قد طاف مناطق كثيرة حول العالم وأنصف شعوباً كثيرة أيضاً، إلّا أنه حُجب عن شعبنا الأحوازي منذ إقراره في الأمم المتحدة، رغم أنّ إيران قد مارست أسوأ أساليب العنف في الأحواز كالجرائم ضد الإنسانيّة وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ونظام الفصل العنصري، وكذلك جميع الممارسات المحظورة والمنافية للعهود والمواثيق الدوليّة، وخاصّة ميثاق الأمم المتحدة.
وفي الوقت الذي أبدى فيه رئيس الوفد الأحوازي التمسّك بالمبادئ والثوابت الوطنيّة الأحوازيّة دون أدنى تفريط أو مساومة، أكّد على أنّ الأحواز العربيّة كان لها كيانها المستقل وتتمتع بالسيادة الكاملة، ممّا يمنحها صفة الدولة وذلك منذ آلاف السنين، إلّا أنّ الأنظمة الإيرانيّة المتعاقبة على سدّة الحكم في إيران، قد احتلت هذه الدولة عام 1925 فألغت جميع مؤسّسات دولة الأحواز.
وأضاف: “اتخذت سلسلة من التدابير الجائرة بحق شعب الأحواز كمنع الدراسة والتحدّث باللغة العربيّة، التمييز العنصري، الإضطهاد القومي الحاد، محاولات محو الهويّة العربيّة وطمس معالمها، تغيير التركيبة الديموغرافية، إعدام الشباب الأحوازي على المشانق في الشوارع والساحات العامّة، الإعتقالات العشوائيّة، نهب الثروات الهائلة من النفط والغاز والمياه، إتباع سياسات الإفقار الإقتصادي والثقافي، وغيرها من السياسات الإجراميّة المحرّمة دولياً وأخلاقيّاً”.
وخصّصت عشرون دقيقة لكلمة الأحواز وبشكل إستثنائي، فأسهب رئيس وفد الأحواز في كلمته، حيث تناول مختلف الجرائم والتجاوزات الماديّة والمعنويّة التي أرتكبتها دولة الإحتلال الإيرانيّة تجاه أرض وشعب الأحواز طيلة العقود التسعة الماضية، وإنكارها لكافة الحقوق الإنسانيّة والحريّات الأساسيّة للشعب العربي الأحوازي وكذلك الشعوب غير الفارسيّة، واقتراف المحتل بإرتكاب جرائم ضد الإنسانيّة كتسميم مياه الشرب وقطع الماء والكهرباء وشبكات الإتصال عن المدن وتدميره بيئة الأحواز وإزالة الطبقة النباتيّة وتدمير المحاصيل الزراعية.
وأفاد د. خلف حسين الكعبي “أن النظام الإيراني، وبتشبّثه بالسيطرة والديكتاتورية، وإنكاره حق تقرير المصير للشعب الأحوازي وكذلك الإخوة الترك الآزربايجانيين والكورد والبلوش والتركمان، وبشنّه حرب الإبادة والعدوان ضدّ هذه الشعوب، وأيضاً ضد شعب العراق وسوريا واليمن ولبنان، واستخفافه بالأنظمة والقوانين الدولية، وباستخدامه القوّة وانتهاك الاستقلال والسيادة والوحدة الإقليمية للدول، و باحتلاله أراضي الغير والهيمنة عليها، وتدخله في الشؤون الداخلية للدول، و محاولاته الرامية إلى السيطرة على الشعوب وإجبار السكان على النزوح، وتبنيه سياسة التوسع، والاضطهاد الديني وإثارة الفتن الطائفية وإشعال الحروب الأهلية في مختلف أنحاء العالم، وبممارسته الاستبداد والظلم والقهر وكبت الحريات وانتهاك الحقوق، ومحاولاته امتلاك السلاح النووي وتطوير الصواريخ البالستية، أكّد على مرّ العقود بأنه نظام معادٍ للسلم والإستقرار، كما يصنـّف، كنظام إرهابي وبامتياز”.
وأضاف الكعبي: “لأن ميثاق الأمم المتحدة ينصّ في مادته الأولى والخامسة والخمسين على ضرورة منح كافة الشعوب، حقها في تقرير المصير، فلا شك أنّ شعوب المنطقة تُعدّ جزءا لا يتجزأ من منظومة شعوب العالم، وتتطلّع إلى إعمال مبادئ القانون الدولي في مجالها الحيوي أسوّة ببقيّة الشعوب. وعليه، فلا يحق للنظام الإيرانيّ التصرّف معها بإرادته المنفردة وخلافاً لقواعد القانون الدولي، خاصّة أنّ النظام الإيراني قد فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق الأمن والإستقرار في الجغرافية التي يبسط سيطرته عليها”.
وحدّد رئيس الوفد الأحوازي في كلمته، عدّة مطالب أهمّها:
أولاً: إنّ إستمرار بقاء قضيّة الأحواز وقضايا الشعوب غير الفارسية دون حلّ، يعدّ خرقاً لمبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها، وأنّ تأكيد مبدأ سيادة القانون الدولي وتحقيق مصلحة المجتمع الدولي في السلم والأمن والإستقرار، لا يتأتى إلا بإضطلاع هذه الشعوب بما فيها الشعب الأحوازي في المشاركة بمستقبل إيران واختيار شكل الحكم الذي يراه مناسباً لإدارة شئون إقليمه، وفقاً لمبدأ “الحق في تقرير المصير” عن طريق الإستفتاء الذي يتمّ في مناخ حيادي وقانوني وديموقراطي تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة.
ثانيا: لا يحق للسلطات الإيرانيّة وتحت أي ذريعة كانت، إنكار الحقوق الإنسانيّة والحريّات الأساسية لشعب الأحواز، وإنكار ما تعرّض له هذا الشعب من الممارسات البشعة غير الإنسانيّة.
ثالثاً: إنّ إخضاع شعب الأحواز للسيطرة وبالقمع المسلّح، يعتبر إنكاراً لحقوق الإنسان الأساسيّة ومخالفاً لميثاق الأمم المتحدة وإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الصادر من الجمعيّة العامّة سنة 1960 ويقف عائقاً أمام تقدّم سلام العالم والتعاون الدولي.
رابعاً: إن دعم المجتمع الدولي لقضيّة شعب الأحواز والشعوب غير الفارسية وكذا الشعب الفارسي، تأخذ شكل المساعدة لدعم قدرته في تحقيق أهدافه، وإنّ هذه المساعدة تعتبر أمراً مشروعاً بإعتبارها تأخذ مظهراَ من مظاهر الرفض الدولي للإرهاب الإيراني في الأحواز وأقاليم الشعوب الأخرى والناتج عن خروق واضحة وفاضحة للشرائع والقوانين الدوليّة، وإنكاراً لمشروعيّة نتائج هذه الخروق، خاصّة وأنها لا تستهدف التدخل في الشئون الداخليّة للدولة الإيرانيّة، إنما يعبّر هذا الدعم عن تنفيذ هذه الدول لقرارات الأمم المتحدة العديدة التي طلبت من الدول الأعضاء في المنظمة الدوليّة تقديم المساعدات الماديّة والمعنويّة للحركات الوطنية التي تطالب بحق شعوبها في تقرير المصير.
خامساً: نطالب المجتمع الدولي بالتدخّل القانوني لحلّ قضايا الشعوب، وتقديم كافة الضمانات اللازمة والكفيلة بردع السلطات الإيرانيّة ومنعها من القيام بأعمال العنف والقمع والاضطهاد تجاه انتفاضات الشعوب وثوراتهم المبنيّة على حق قانوني يقرّه المجتمع الدولي.
سادساً: المؤكّد أنّ إسقاط هذا النظام الإرهابي وحلّ قضايا الشعوب، سيحقق السلم والأمن في الإقليم، وإنّ رفض السلطات الإيرانيّة إصلاح الضرر الناجم عن هيمنتها بالقمع المسلّح، يعدّ إخلالا واضحاً بالتزاماتها الدوليّة، وبإخضاعها الشعوب لحكم لا ترتضيه، والنتيجة الطبيعيّة للتعنّت الإيراني هو توكيد حق الشعوب في مقاومة الظلم والاضطهاد، وعرض قضاياها على هيئة الأمم المتحدة، وإنّ تدخل الأخيرة يعتبر ضرورياً مادامت هذه المشكلة تتضمّن في جوهرها إنكار الدولة الإيرانيّة لحق الشعوب وحريّاتهم الأساسيّة.
وختم الكعبي كلمته بالقول: “إنّ هذا المؤتمر، يعدّ خطوة هامّة في المسار الصحيح، إذا ما عقدنا العزم جميعاً لتخليص منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع من الإضطرابات والحروب والقضاء على منابع الإرهاب المتأتيّة من النظام الإيراني، وتلبية مطالب وتطلعات شعوب المنطقة التي صودرت حقوقها منذ عشرات السنين.