#أحوازنا-إيران: وهمٌ وخرافة.. حتى في السياسة!
كنتُ أحسبُ أنَّ الخزعبلات، والخرافات، والأوهام، مقصورة على المعمَّمين الصفويين؛ كونها الأدوات المثلى للضحك على القطعان التائهة، المضلّلة، الجاهلة. لكنّي حتمًا ما زلتُ في وهمٍ كبيرٍ، إذ إن ما يحسبه العالم سياسة إيرانية، لا يخرج عن إطار العبط، والسخافة (إن لم يكن الوهم والخرافة!)، في معظم تصرّفاتها، وتحرّكاتها.
كنتُ أظنُّ مثلاً أنَّ عقيدتهم ترسِّخ فيهم اليقين، بأن الاستعانة بالحسين -بالنسبة لهم- كافية لاستخراج سمكة من فم أسد، فضلاً عن استخراج معمَّم ضالّ من وراء قضبان، مكث فيها 30 شهرًا على الأقل. وكنتُ أحسبُ أنّهم واثقون بأن الاستغاثة بالحسين، ستحيل الأرض التي تقتص من أحد رموزهم المجرمة نارًا ودمارًا في لحظات.
ولكنّي لم أعتقد مطلقًا أن سخافة هؤلاء، وخرافاتهم ستمتدُّ إلى عالم السياسة، حيث تُوزن الأمور بحكمة، بعيدًا عن التشنّج، وتُدار بعقلانية، بعيدًا عن الوهم، وتُطلق التصريحات الدبلوماسية بدهاءٍ ورويّةٍ، بعيدًا عن الدجل، والكذب الأسود. لقد أثبتت السلطات الحاكمة في إيران أن لا اعتدال يزين مواقفها، ولا مبادئ تحكم تصرّفاتها.
لقد أساءت إيران بشدّة لما حسبته رجلها في القطيف، ففضحت دوره، وأكّدت عمالته، وأظهرت صدق ولائه لغير وطنه، بل هو ولاء لأعداء وطنه. لا أحد يفهم هذا القدر من التشنّج الصفويّ، إلاَّ إذا ربط المقدّمات بالنتائج، إذ يبدو أن عمائم قم قد باعوا لصاحبهم شهادة أمان ونجاة، مهما قال أو فعل، ومهما ضلّ وأرهب، ومهما تبجّح وانحرف.
ولما كانت نهايته العادلة جزاءً وفاقًا، جُنَّ جنون العمائم، خاصة العمامة الكبيرة، والآية الصفيقة، فأظهروا الغضب، ولم يكتفوا بالتصريحات النارية المستهجنة، ولا بالوعود الغيبية المفزعة التي ستحيل بلاد الحرمين جحيمًا، بل وسلّطوا العامة والجهلة ليرتكبوا من الموبقات الأمنية، والعدائية ضد ممثليات المملكة في عدة مدن، وعلى رأسها السفارة في طهران، والقنصلية في مشهد. ولم يكتفوا بذلك، بل قدّموا الدعم الأمني، والغطاء السياسيّ لهذا العبث والاستهتار بكل القيم والمبادئ الدبلوماسية التي تعارفت عليها شعوب الأرض قاطبة، منذ فجر التاريخ.
لقد فات على الصفويين أن في الرياض حزمًا يردّهم إلى الرشد، ويُثنيهم عن الاستمرار في الغواية.
سالم بن أحمد السحاب
المصدر : صحيفة المدينة السعودية