مدخل إلى فحص الكلام الأحوازي بشأن مشكلة السياسة 5/20
(قراءة أسباب عدم التحول من المجتمع العشائري
الديني التقليدي إلى المجتمع الوطني الجديد)
إن رؤيتنا كانت ولا تزال تنطلق من فهم كيف
تجديد الثقافة الأحوازية وهي موضوع ( اهتمامنا و شغلنا )، وهذه الأخيرة
دخلت قبل عدة قرون عصر الانحطاط منذ تدهور الحكم المشعشع إلى يومنا هذا
ولم تبدأ لحظة نهضة فيها أو عملية إصلاحية، لا على الوعي القبلي و لا الديني ولا
الوعي السياسي لمعالجة و قراءة فهم الانحطاط و التخلف، بفكر نهضوي تجديدي كما هو
شأن المجتمعات من حولنا .ونضيف قولاً إن ثقافتنا باعتبارها تنتمي إلى العالم
العربي الإسلامي كانت تطلب أن ينبثق داخلها فكر إصلاحي أحوازي يقطع مع
قرون من سكرات الموت و التراجع إلا أن هذا الأمر الأخير لم يحدث تاريخياً
بأن شهدنا نهضة أحوازية تطرح مجمل مشاكلنا و تبحث لها عن حلول وفق
متطلبات عصرنا هذا الذي تم تشييد ثقافته على مبدأين العقلانية – النقد
و العلم . إن نقد الوعي السياسي الأحوازي المعاصر و السائد إلى اليوم يعّد
بمثابة المقدمة الأولى التي لا يمكن بأي حال من الأحوال عدم الخوض فيها وفهمها
أوالسكوت عنها و تغيبها بتبريرات و حجج نسمع عنها هنا و هناك أن النقد يُضّعف
موقفنا و الحق أن النقد الموضوعي العقلاني يقوي موقفنا و ليس إضعافا لنا كما
يذهب البعض إلى هذا القول وهو صادر عن موقف غير مسؤول
مصدره الأمية و الجهل . فالنقد ليس هو أن نمزق الذات و نمارس اللهو ،إنما نستدرك
الأخطاء ما أمكننا ذلك وأن ذلك الرفض أو التشويش لم يجلب لنا سوى هذا
التخلف و التدهور في الوعي الأحوازي، وحسب رأينا المراجعة و النقد تبقى خطوة
تأسيسة لا غنى لنا عنها و أنها سبيلنا الأوحد فنضع أصابعنا على ما نراه هو الخلل
الذي أصبح بمثابة (الدائم الموقت) .
فلا مقالة إصلاحية دينية كتبنا ولا مقالة سياسية
حول معنى الوطنية و نظام الحكم طرحنا، ولا وجهة نظر كتبنا حول حمولة مفاهيم الفكر
الجديد أن خص حقوق الإنسان أو التحول من مصلحة العشيرة و الفئة إلى مصلحة
المجتمع (( العقد الاجتماعي )) ولا أصدرنا دراسة
نقدية عن الدولة الإيرانية. إننا اليوم نحتاج إلى ظهور فكر و جيل
جديد يقطع مع الوعي الموروث و يقدم كلاماً جديداً حول كل مشاكلنا. إن وجهة
نظري تتجه نحو القول إن الأجيال السابقة و منها الجيل الحالي فشل في تقديم
روح و فهم نافع مؤسس على رؤية فكرية وأن كل ما نشهد منذ عقود ليست سوى ردود أفعال
لا تخرج عن العفوية و الرومانسية و لم تتجاوز إجمالاً مرحلة الأبتدائية
و العاميّة الإنشائية في أفضل حالها تجاه كل المواضيع و منها موضوع السياسة مجال
كلامنا هنا تحديداً.
أما اللغة العربية التي نكتب و نعبر من خلالها عن
أفكارنا و فهمنا للأشياء،فهي رغبنا أو رفضنا تبقى بمثابة فضاء تفكيرنا
و أساس مرجعيتنا وقطب هويتنا الأحوازية المتأزمة ،أن اللغة العربية لها سلطة على
أهلها وتفرض عليهم التقيد ببعض قواعدها إذا ما قلنا جّل قواعدها ،ولكل سلطة عيوب،و
عيوب لغتنا العربية بالنسبة أنها لا تساعدنا دفعة واحدة نقول كل كلامنا الذي نرغب
طرحه و التعبيرعنه في بضعة جمّل إنشائية أو كلمات قصيرة رومانسية كما يطلب البعض
منا ،أن الدافع وراء كل ذلك عدم الرضا عنا لا
نجهله ،نعم،نحن نريد فقط فضحه من خلال أمرين
– أولهما- هو أن البعض يريد أن نتسارع في تبني موقف خاص
تأييداً (نبسط يّدنا نبايّع) لمجموعة ضد أخرى،وأن هذا يتشوق إليه البعض
الذين يتكلمون عن السياسة ولا أقول يمارسون السياسة (فمن يمارسوا السياسة ينطلقوا
من إيديولوجية سياسية واضحة فيها النظرة للمشاكل و الحلول وفق خطاب أساسه بذل
الجهد الفكري و التدوين لأجل إضفاء الشرعية و التماسك في خطابه و رفع و
إبطال إضفاء الشرعية عن الأخر وليست هي كما يتوهم من يتكلموا عن السياسة عندنا
أنها الإنشائية و الترقيع وكفى)،وأن الفرق واضح بين الأثنين، فهذا الأمر
الأخير القائم عندنا تقف وراءه ثلاثية هي (الجهل، الكراهية، التشرذم، وأدت هذه
الأخيرة إلى إنتاج ثقافة الكراهية وهي أصبحت أشواك مزروعة
في نفوسنا قبل أن تكون في دروبنا)، و أضيف قولاً إن كل ثقافة سياسية مصابة بهذا
الوعي الدائم المؤقت مصيرها الفشل و الفوضى و عدم الفهم و تحديد الخطأ من
الصواب. إن هذا الأمر الأخير طالما عانينا و شكينا منه و القبول فيه لا يجلب لنا
سوى جملة من الأخطاء رأينا عدم الأخذ بها ولا الوقوع فيها قدر المستطاع.
إذا فعلنا ذلك نشوه موضوعنا ولا نضيف كلاماً
جديداً نحن أحوج ما نكون إليه اليوم . ثانيهما – نقول إننا لا نجهل
معاناة مجتمعنا الأحوازي الكثيرة ومنها جهلنا كأفراد باللغة العربية و الفكر وأسبابه
تاريخية و ثقافية وأن هذا الجهل نتحمل جانبا من المسؤولية فيه وعلينا محاربته
بالتدريج و بالممكن الوطني إما الأخر الإيراني الذي يفرض علينا الحصار
و التضييق المستمرلا نتحرر من قيوده على صعيد التفكير و صياغة مفاهيمه دون أن نبني
لأنفسنا مرجعية و وعي متجدد . ربما كان القارئ يتوقع منا أن نناقش
نصوص و أراء تعود إلى نخب أحوازية أو خطاب سياسي لجهات
أحوازية وهذا هو المعمول فيه عند غيرنا إما نحن فلا
نملك نصوصاً ولا خطاباً مكتوباً تبقى أمامنا مواد
خام متشابكة فيها الألم والفوضى مع العاطفة
و الوعي العشائري الملتبس بالشكلانية لبعض المفاهيم ،وأن هذا الأمر و الواقع لا
نقول فقط مخيب لنا بقدر ما أدي إلى مضاعفة صعوبة مهمتنا في النظر إلى مشكلتنا
. طالما أشتكينا و قلنا في أكثر من مناسبة بأننا لم نصادف إنتاجا
فكريا أحوازيا ليس فقط في مواضيع و مشاكل محددوة و بعينها
،بل إن هذا يشمل حسب علمنا كل مواضعينا حتى موضوع التاريخ
الذي صدر عنه كتابات أكثر من غيره، فهو كما قلنا سقط في
أسلوب التجميع و الترقيع . نعاني من غياب الدراسة و البحث الموثق بشأن قضايانا
الأحوازية المختلفة و العديدة ، حيث إننا نفتقد الباحث و المثقف أو حتى الاستاذ
الجامعي الذي يقدم الموضوع ليس بأسلوب أنشائي ،بل إن يحول الموضوع الذي يختاره على
أنه مشكلة يعاني منها مجتمعنا الأحوازي و بالتالي يطرحها على
أنها مشكلة تريد حلاً و هذا يؤدي إلى (إنتاج النص الفكري أو المقالة)،و ما
أكثر مشاكلنا (المجتمعية، الاقتصادية، السياسية، الثقافية التي تنتظر هذا نحتاج
عصر وطني لتدوين وفحص مشاكلنا و مسح وعي التأجيل لكل مشكلة
تواجهنا كل جيل يؤجل و يحيل مشاكله للمستقبل وهذا خطأ و خطر معاً)، إذاً تبقى
القيمة الفكرية و المجتمعية و المعنوية للباحث المثقف عندنا ذو معنى عندما
يقوم المثقف بمهمة تحويل قضايانا من حالة المواد الخام أو
العائمة إلى مجال البحث و التعامل معها بأنها مشكلة تطلب لها حلاً حسب فهمه و يفتح
لها ساحة نقاش في فضاء ثقافتنا الوطنية ،و أن المتعلم عندنا من الأحوازيين و أن
حصل على أعلى درجة و شهادة أن كان في الخارج أو داخل الوطن ليس
هو أكثر من أن نسميه ( المتعلم غير المنتج ) و وجوده في
المجتمع لا يختلف عن النجار أو صاحب المهنة تلك أوهذه التي يعتاش منها
فقط ولا يمكن أن تصدق عليه تسمية (النخبة الفكرية انتلجنسيا يحتاج إليها
المجتمع الذي يطلب التجديد) أو ما يكتبه هو بمثابة نص و مقال وهنا لا نعني المقال
الصحفي الواضح كل الوضوح .
ملاحظة :
“وردت في مادة السيد محمود عبدالله التسمية
“الأهواز” وقد ابدلها المشرفون على الموقع الى التسمية العربية الاصيلة
وهي “الأحواز”.
فوجب التنويه” …. موقع عربستان الأحوازي