في البحرين.. دولة داخل دولة
الدولة الموازية مفهوم
سعت إليه الوفاق والجماعات الراديكالية التابعة لها منذ 2001 إلى تأسيسه داخل الدولة
البحرينية، بداية منذ 21 أكتوبر 2004 عندما أسست المؤسسة الدينية الشيعية المؤدلجة
بولاية الفقيه المجلس العلمائي برئاسة عيسى قاسم آنذاك. وكانت الفكرة من وراء هذا المجلس
أنه يمثل المرجعية الدينية، وبالتالي هو المؤسسة الموازية للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الذي يضم كافة ممثلي المذاهب الإسلامية في المجتمع المحلي.
تزامن ذلك مع تأسيس شبكة
معقدة من الصناديق الخيرية لضمان استقرار وديمومة المال الديني ـ السياسي الذي يحرك
نشاط الوفاق والجماعات الراديكالية التابعة لها، وبالتالي صارت هناك مؤسسة تمثل المرجعية
الدينية، ولديها شبكة مالية تتداخل أنشطتها بين الداخل والخارج.
عندما ثار الجدل بشأن توفيق
أوضاع الوفاق مع قانون الجمعيات السياسية الجديد في صيف 2005، حرص التنظيم على أن تكون
تركيبته الداخلية مشابهة لتركيبة الدولة البحرينية باختلاف الآليات والتفاصيل، فهناك
الأمانة العامة التي تمثل السلطة التنفيذية، وأخرى بمثابة السلطة التشريعية (ما يسمى
بشورى الوفاق)، بالإضافة إلى هياكل أخرى تمثل السلطة المعنية بالنظر في أي اختلافات
أو تسويات.
هذه التركيبة تطورت سريعاً
لتعزز مفهوم الدولة الموازية التي هي في النهاية (دولة داخل دولة). بعد الانتهاء من
النشاط المؤسسي للتنظيم الوفاقي، انتقل النشاط إلى السياسات والمواقف التي تتخذها الوفاق،
فصارت سياسات تقوم على تحدي الدولة البحرينية الأساس، ومن أمثالها المطالبة بضمانات
دستورية لإقرار القسم الجعفري من قانون الأحكام الأسرية، وتدشين حملة علاقات عامة قوية
التأثير بالتزامن مع الحملة التي دشنتها الجهات الرسمية.
واستمرت هذه الحالة إلى
حين المحاولة الانقلابية في فبراير 2011، وبعد الخسارة الكبيرة في تلك المحاولة وهي
خسارة مازالت متواصلة إلى اليوم، واستمر نشاط تكريس مفهوم الدولة الموازية، فصارت الوفاق
تبحث عن الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها المؤسسات والأجهزة الحكومية لتقوم بدور مماثل.
فعلى سبيل المثال الأجهزة الحكومية تقدم مساعدات للأسر المحتاجة، وهو نشاط يمكن أن
تقوم به الوفاق من خلال شبكة مؤسساتها الخيرية، وأيضاً تقدم وزارة التربية عدداً كبيراً
من البعثات والمنح، فصار هذا النشاط متوافراً أيضاً لدى الوفاق عبر شبكتها الخيرية،
بالإضافة إلى ذلك، مناسبات التكريم التي تكرّم فيها الدولة الرواد في مختلف المجالات
صار لدى الوفاق مناسبات مماثلة.
تلك مجرد أمثلة بسيطة تعطي
مؤشراً على كيفية تكريس مفهوم الدولة الموازية داخل الدولة البحرينية. طبعاً مسؤولية
الدولة مواجهة هذه المحاولات وضرورة إيقافها بمختلف الطرق، فليس مقبولاً أن يشعر المواطن
بأن هناك دولة داخل الدولة، وهو ما يتعارض مع سيادة القانون وهيبة الدولة، ولا مجال
للمساومة عليها طبعاً.
yfbink@alwatannews.net
المصدر: صحيفة الوطن