لا أمل في ربيعٍ للفرس
استبشر العرب بثورة إيران الإسلامية
و رحبوا بها أشد ترحيب في أمل أن تتحول إيران الملكية القومية الصديقة لإسرائيل إلى
صديقة للعرب. تأمل العرب أن تغير إيران سياستها العدائية تجاههم. لأنهم اعتقدوا إن
إسلاميي إيران أفضل من قومييها. لكن النتيجة جاءت على عكس المتوقع. أصبحت إيران الإسلامية
أكثر عداء و تطرفا تجاه العرب. ليس فقط لم تغير إيران الثورية الإسلامية آنذاك من سلوكها
بل أضافت إليه مخططا جديدا وهو اسقاط الأنظمة العربية باعتبارها أنظمة كافرة وعميلة
و يجب خلاص الشعوب من قبضتها!
أما اليوم و بعد أن أصبحنا نسمع الكثير من العرب يأملون الخير في ربيع للفرس
يتوقعون قدومه بعد ربيع العرب المستمر. صار من الضروري الرجوع إلى الوراء ولو قليلا،
لكي نسترجع ما سقط سهوا أو بسبب القدم من ذاكرتنا. حتى لا نرتكب نفس الخطأ مرة أخرى.
فإن توقعنا ربيعا في إيران أو تأملنا خيرا من ربيع إيراني، في هذا الكثير من الوهم
و السطحية. فلو تمعنا جيدا نجد أن هذا الربيع الفارسي المأمول لا يتوقعه إلا المتوهمون
العاجزون عن اتخاذ الموقف الصحيح وهو مجابهة الفرس طالما استمروا في التدخل و الإضرار
بمصالحنا أو الاستقواء علينا نحن العرب.
أما السطحية فهي تسمية الربيع إن حدث في إيران، بالربيع الفارسي. فتصور الشعب
في إيران و هو وقود الربيع إن أتى، شعبا واحدا ليس صحيحا على الاطلاق. وفي هذا جهل
أو تجاهل لخمس قوميات أخرى وهي العربية و الآزرية و الكردية و البلوشية و التركمنية.
فالأدق أن يقال ربيع الشعوب في إيران و ليس ربيع الفرس وحدهم. وهو لن يأتي في كل الأحوال.
ولأسباب عدة منها إن شخصية الفرد في إيران و عقله الباطن لو استثنينا الإنسان العربي
الأحوازي لن يقبلا تبعية العربي وذلك بسبب ثقافة النفور و البغض و الاستعلاء على العرب
المتراكمة التي خلقها الفرس منذ مئات السنين إن لم نقل آلاف السنين.
فما نسمع من ادعاء بالإسلام من قبل الفرس يجب أن لا يوهمنا إن الفرس و من تأثر
بثقافتهم قد تبعوا العرب في الإسلام. لأنهم يعتبرون الإسلام دينا للعرب فقط و ليس للبشرية
جميعا كما يعرفه جميع المسلمين في شتى بقاع الأرض. بل هم أعلنوا مرارا و تكرارا إنهم
طوروا الإسلام و أعطوه نكهة فارسية ولم يدخلوا فيه كما أتى به العرب، و ما هذه الطائفية
إلا دليل صارخ على أن الفرس و منذ زمن بعيد كانوا و لا زالوا لا يتقبلون فكرة تقدم
العرب عليهم في أي مجال من المجالات. إذن فمادام هناك ربيع عند العرب فلا تتوقعوا إلا
خريفا عند الفرس.
كما على من يتوقع الخير من ربيع الفرس الموهوم أن يمعن جيدا في ما مضى. فماذا
جنى العرب حين استبشروا الخير من حكومة الملالي في إيران غير الضرر والفتنة و التهديد
و التدخل، كي يستبشروا الخير من الحكومة الربيعية الآتية في إيران!
في النهاية على العرب بدل انتظار الخير المستحيل من ربيع فارسي محال، عليهم
التسلح بإرادة المجابهة ضد كل من تسول له نفسه انتهاك حقوقهم وحرماتهم. فأمل قدوم الربيع
الفارسي كما تأمل الخير منه كأمل إبليس في الجنة.
المصدر: العرب الآن