المخدرات في متناول السجناء في إيران: فمن الجاني ومن المجني عليه؟
في طبيعة الحال يكون القابع خلف شباك السجون مجرما خالف القانون بإحدى الجنايات التي يستحق عقاب السجن عليها، وتكون مراكز الإصلاح والتأهيل "السجون" مكانا لمحاولة إصلاح السلوك وإعادة تأهيل هذا الإنسان المتمرد، فتقوم بتوفير كافة حقوق السجناء وتثقيفهم، وتغيير مبرمج لأفكارهم نحو توجيهها إلى بر الأمان. أما هذه المعادة، فإنها تختلف إختلافا كليا في المعتقلات الإيرانية، حيث تتبدل الأدوار في هكذا مشهد، فيصبح رجل الأمن مجرما، والمجرم السجين مجني عليه، بعد أن تحدثت العديد من التقارير الحكومية في إيران عن اختراق المخدرات أسوار السجون والمعتقلات، وتوزيعها بين السجناء دون عناء، وفي هذا الخصوص تناقلت الصحف الإيرانية انتقادات عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في المجلس، "أحمد شوهاني" حول وصول المخدرات إلى السجون الإيرانية، وتداولها وبيعها وشرائها بين المساجين، وقال إن هذه المواد توزع بسهولة في السجون، وتساءل عن كيفية وطريقة وصول المخدرات إلى أيدي المساجين ومن المسؤول عن ذلك، وقال إن 50 % من المساجين في إيران والبالغ عددهم تقريبا 170 ألف سجين، تم اعتقالهم على خلفية قضايا تتعلق بتجارة وتعاطي المخدرات، و80 % من هؤلاء المساجين هم مدمنو مخدرات، وتصلهم المخدارت إلى السجون بكل سهولة، وأشار شوهاني بصراحة إلى وجود تعاون بين شرطة السجون وبعض المساجين في تهريب وتوزيع المخدرات والمؤثرات العقلية في السجون. إن تصريحات شوهاني تتضمن عدة دلالات واضحة، تفيد بمشاركة الحكومة والأجهزة الأمنية الإيرانية بهذه الجريمة، إذ من طبع السجون المراقبة الأمنية التامة لكل ما يدخل ويخرج منها، فلا يمكن دخول أو خروج أي مادة إلا بعلم قوات أمن السجون، وغاية الأجهزة الأمنية الإيرانية من ذلك هو تعريض السجناء لإدمان المخدرات، ثم إستخدامهم كأدوات وجواسيس مضمونة الولاء بفعل إدمانها على المخدرات المتوافرة بأيدي تلك الجهات الأمنية، ومن بين السجون الإيرانية التي اشتهرت برواج المخدرات وبشكل متسارع هو سجن "كوهردشت" في مدينة كرج غرب طهران، ومن الشخصيات الأمنية المرتبط اسمها بترويج المخدرات في السجون هو شخص يدعى "مسيح مطلبي". كما تعتمد الأجهزة الأمنية في إيران كأسلوب قمعي فردي، إخضاع معارضي النظام المعتقلين عن طريق إضعافهم ومعاقبتهم بتعريضهم للإدمان القاتل، وبهذا يضمنون ضعفهم وتراجعهم عن أفكارهم المتناقضة مع أفكار النظام، ونفس الطريقة هذه يمارسها النظام الإيراني كطريقة عقاب جماعية بترويجه للمخدرات والمؤثرات العقلية في العديد من المناطق التي تعتبر من وجهة نظر النظام أنها لا تدين الولاء لأفكار الثورة الإيرانية، فيقوم بتسهيل أمور توزيع المواد المخدرة وإيصالها إلى أيدي الشباب حتى تحرف عقولهم وتشغلهم بمأساة الإدمان عن محاولة تغيير الواقع، الذي لا يتم إلا بتغيير النظام، ونشر المخدرات في المناطق السُنّية والعرقية خارج المركز الفارسي، كأداة تستخدم لتفكيك لحمة المجتمعات المحلية وخاصة ذات الأغلبية السنية، وتعتبر إقاليم الأحواز وبلوشستان وأذربيجان من أكثر هذه المناطق تعرضا لهذه الظاهرة، ولهذا السبب تنتشر تجارة وتعاطي المخدرات في إيران بشكل كبير ومتسارع منذ وصول هذا النظام إلى الحكم، حتى وصل عدد المدمنين الفعليين في إيران حسب تصريحات العديد من المسؤولين في إيران، ومنهم وزير الداخلية والأمين العام للجنة مكافحة المخدرات "عبد الرضا رحماني فضلي" إلى ما يقارب المليون ونصف المليون مدمن فعلي، وعدد المدمنات 123 ألف مدمنة، وهذا يعني أن 6 مليون إيراني يصطدمون بشكل مباشر مع التأثيرات السلبية لتعاطي وإدمان المخدرات، و ذلك من خلال حساب البعد المؤثر للمدمن على أفراد أسرته. وفي هذا الخصوص، ومن أجل تنشيط حركة الأدمان، تستخدم الأجهزة الأمنية عنصر المرأة الجذاب، من خلال إقحامها في هذا العالم لتنشيطه، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الإدمان بين النساء بشكل أعلى منها بين الرجال، ففي عام 2006 كانت المرأة تشكل 5% من بين جميع المدمنين، أما الآن فتشكل النساء ما نسبة 10% من المدمنين، وهذا ما أِشارت إليه مستشارة الرئيس روحاني في شؤون المرأة والأسرة "شهيندخت مولاوردي" التي وصفت ارتفاع نسبة الإدمان وتجارة المخدرات بين النساء في إيران بأنه أمر محزن ومقلق للغاية، وأضافت أنه لا يمكن إنكار هذه الظاهرة ولا يمكن إنكار وجود تقصير من المعنيين في هذا المجال أيضا، مشيرة إلى وجود 70% من النساء المدمنات يقمن بترويج المخدرات والتجارة بها، وهذا ما جعل 60% من جرائم وقضايا النساء في إيران مرتبطة بشكل مباشر بتعاطي أو تجارة وترويج المخدرات، وتطرقت شهيندخت إلى إن المرأة في إيران أصبحت أول ضحايا الأضرار والآفات الاجتماعية وخاصة الإدمان!!! iranfiles@almezmaah.com مركز المزماة للدراسات والبحوث