حق تقرير المصير للشعب العربي الأحوازي
ما أثاره, أخيراً, ذلك النائب العربي الأحوازي في مجلس
الشورى الإيراني حول استفحال العنصرية الحكومية الايرانية ضد الشعب العربي في
الاحواز العربية المحتلة, هو مجرد تقرير حال لواقع مأسوي وشاذ يعيشه الشعب العربي
الاحوازي منذ نحو 90 عاما من الاحتلال العنصري الاستيطاني الالغائي الذي دشنه
المقبور رضا شاه بهلوي عام 1925 بعد القضاء على إمارة المحمرة العربية وحكم الشيخ
خزعل الكعبي, والذي بنهايته المأسوية انتهى العهد العربي المستقل للشعب الاحوازي,
والذي دخل في دورة صراع دموية عاتية من أجل الحفاظ على وطنه وهويته القومية التي
تعرضت للاستئصال ومحاولات الاجتثاث من تغيير للهوية القومية وللأسماء وللحواضر,
ولكل ما هو عربي, وفي ظل تشجيع سلطوي بشع للهجرة السكانية من العمق الايراني الى
تدمير ومحو الهوية الوطنية والقومية للإقليم, والذي ترافق مع مخطط سلطوي رهيب
لإفقار وتجهيل الشعب الاحوازي, وتهميشه ودفعه للهجرة بالجملة والمفرق لدول الجوار,
وفي طليعتها دول الخليج العربي,بينما إقليم الاحواز يشكل بثروته الطبيعية
وبإمكاناته الزراعية والمعدنية وبموقعه الستراتيجي درة التاج السلطوي الايراني,
فالنفط والغاز والمياه والموقع الجغرافي عبر الاطلالة المباشرة على العمق العربي
في العراق والخليج العربي جميعها عناصر تتيح لهذا الاقليم أن يتحول جنة استثمارية,
وأن يكون الشعب الاحوازي من الشعوب الغنية والمكتفية ماديا أسوة بالاشقاء في
الخليج العربي, ولكن النهب السلطوي الايراني وحالة الحقد القومي الشعوبي المريض لم
تشفع لهذا الشعب لدى حكام الاحتلال الايراني لكي يفرضوا سياسة عدل ومساواة واحترام
تجاه هذا الشعب المرتبط بأرضه والمدافع عن ثقافته وهويته القومية, حيث نشأت أجيال
أحوازية شابة لم تستطع كل محاولات التفريس السلطوية محو هويتها ونكران انتمائها
القومي الاصيل.
لقد قدم الاحوازيون طيلة
عقود الاحتلال التسعة العجاف القاسيات تضحيات رهيبة, كما تفنن الحكم الايراني
الحالي بحمولته الشعوبية, والطائفية, والعنصرية المريضة في التنكيل بشباب الشعب
الاحوازي وبفرض عقوبات الاعدام العلنية وبحملات المطاردة والتشريد الارهابية من
دون كلل ولا ملل, كما تفننت وأبدعت الحكومات الايرانية المتعاقبة منذ هيمنة أهل
العمائم الصفوية على السلطة في إيران في استحضار وتصنيع مختلف الاتهامات العنصرية
الكاذبة والجائرة ضد الشعب الذي لم يخضع أو ينحن أو يذوب كما شاء لهم دهاقنة فارس
وطهران.
إن الشعب العربي الاحوازي
بجهاده وبتمسكه بهويته القومية, شعب عصي على التطويع والهزيمة أو الذوبان في البحر
الصفوي الهائج, فمن حفظ الهوية الوطنية رغم أبشع ظروف القهر والتجهيل لا يمكن أن
يهزم أبدا أوأن تلين قناته أوأن يخضع لجمهرة من الدجالين والعنصريين الرافعين
لشعارات الدين الحنيف زورا وبهتانا ورياء, بينما يمارسون على الارض سياسات عنصرية
وعدوانية خسيسة وحمقاء حاولت إلغاء حريات وهويات الشعوب وتمسكت بسياسات مخاتلة
ومنافقة لحمتها وسداها تدمير الشعب العربي الاحوازي والهيمنة المباشرة على ثرواته
والتنكر للحقوق القومية والانسانية للشعوب المظلومة والمضطهدة.
ما أعلنه النائب العربي في
البرلمان الايراني هو صرخة علنية رغم قوة القمع وسلطان الكبت وماكينة التدجيل
السلطوية الفاشية الرهيبة, مسؤولية الحركة الوطنية والقومية العربية الاحوازية
كبيرة جدا وتاريخية في هذه المرحلة من تاريخ الشرق القديم وحيث تنهار أعمدة
الطغيان وأصنام الهزيمة, والمرحلة تتطلب وحدة وطنية أحوازية عاجلة تجمع شتات كل
الرؤى الاحوازية المختلفة حول تقرير المسارات المستقبلية باتجاه الدعوة الحثيثة
الى تعزيز المطالبة بحق تقرير المصير للشعب العربي الاحوازي, والدعوة العلنية والمباشرة
للتخلص من الاستعمار الاستيطاني الفارسي, وتصحيح الجريمة التاريخية الكبرى بسرقة
إقليم الاحواز من محيطه العربي المتجذر, لقد أجهض نظام الملالي كل فرص الحلول
الانسانية العادلة, وتجاوز حتى على مواد الدستور الايراني ذاته, وتعرض الشعب
الاحوازي خلال العقود الثلاثة المنصرمة لأبشع هجمة استيطانية ظلامية كانت
استئصالية حاقدة في منهاجها العام, لا بديل أبدا عن حق تقرير المصير للشعب العربي
الاحوازي, وربيع الاحواز العربية الحرة قد دخل اليوم أحد أهم منعطفاته التاريخية
الحادة. الاحواز العربية الحرة على موعد مع تاريخ الحرية المقدس.
* كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
نقلا عن جريدة السياسة الكويتية