لاتلمني في هواها
إن الذي ملأ اللغات محاسنا * جعل الجمال و سره في الضاد
تحية إكبار و إجلال… نوجهها عبر العصور الى بانية مجد العلم ومشيدة صرحه الخالد لغة الأم و أم اللغات، لغة الضاد، اللغة العربية المجيدة. اللغة الحنون التي دوت كلماتها في مروج الوفاء و في حلقات الدرس فملأت الزمان حبا متدفقا و ضياء متأنقا…
ويسرنا و نحن نحتفل اليوم بيومها العالمي الميمون الثامن عشر من كانون الأول ديسمبر الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها ذي الرقم 3190 ؛ أن نستذكر بكل فخر و اعتزاز، باقة عطرة من مفاخرها و أمجادها النبيلة. فهي تخطت كونها لغة لتمسي الأم الحنون و المعبر الأوحد عن آلام و آمال الناطقين بها على امتداد الوطن العربي و شتى أرجاء المعمورة. ولتمسي الثقافة و الحضارة و الدين و الإنتماء و الحب و الحنان… وكفاها فخرا أن تحمل رسالة السماء بعد أن أشفقت اللغات من حملها.
وكفاها فخرا أن يقول عنها فخر الكائنات و أفصح من نطق الضاد : إني أحب العربية لثلاث : أولا لأني عربي، ثانيا لأن القرآن نزل بالعربية، ثالثا لأن لسان أهل الجنة هو العربية. وقال في فضلها البيروني: لئن أهجى بالعربية أحب إلي من أن أمدح بالفارسية ! وعبر الشاعر القدير حليم دموس عن حب الأمة الأزلي للغتها الفذة، بأجمل تعبير :
لاتلمني في هواها … أنا لا أهوى سواها
لست وحدي أفتديها … كلنا اليوم فداها
نزلت في كل نفس … وتمشت في دماها
فبها الأم تغنت … وبها الوالد فاها
وبها الفن تجلى … وبها العلم تباهى
كلما مر زمان … زادها مدحا و جاها
لغة الأجداد هذي … رفع الله لواها
لم يمت شعب تفانى…في هواها واصطفاها
والعربية اليوم، هي كائن حي. تواكب العصر وتتفاعل مع الأحداث و المتغيرات. حيث أبدت قدرتها و طاقتها الفائقة في استيعاب كل مايستجد و إدراجه في نظامها الصرفي الرحب، صائغة بذلك المفردات الحديثة دونما أي معوقات تذكر. وهي ترد كذلك بكل ما أوتيت من فصاحة و قوة على أولئك الذين يظنون بها ظن السوء و يعتبرونها غيركفوءة لصياغة مفردات حياتنا اليومية و المستقبلية :
وسعت كتاب الله لفظا و آية * وماضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة * وتنسيق أسماء لمخترعات؟!
عارف السكراني
المصدر موقع بروال