الأحوازيون يجوبون العالم لمقاومة الاحتلال الفارسي
تظاهرات بكوبنهاجن تستنكر مصادرة إيران لحقوق الأقليات
الكعبي: نعمل على كسب الدعم السياسي لقضيتنا العادلة
في أجواء حماسية وعبارات عربية بدأ مئات المتظاهرين من الأحوازيين في العاصمة الدنمركية كوبنهاجن السبت الماضي، في التجمع أمام سفارة الجمهورية الإيرانية في كوبنهاجن، وسط أجواء من المطر والصقيع. وردد المتظاهرون عبارات طالبوا فيها إيران التي تحتل إقليم الأحواز بالرحيل عن بلادهم، التي قالوا إن ثقافتها العربية مهددة، بعد أن فرض الفرس على العرب تعلم اللغة الفارسية واستخدامها، إلا أن عروبتهم لم تسلبها السلوكيات الفارسية التي وصفوها بالإرهاب الممنهج ضد العرب.
"الوطن" حضرت المسيرة التي جابت الطريق المؤدي إلى سفارة إيران في كوبنهاجن، وكان من البارز في هذه المسيرة مشاركة شعوب عربية أخرى لحقها الضرر الإيراني، منهم اللبنانيون والسوريون، إضافة إلى بعض أبناء العراق، إلى جانب مجموعة من البلوش التابعين إلى حركة بيجاك. وقال المتحدث الرسمي لحركة النضال العربية لتحرير الأحواز يعقوب حر في تصريحات إلى "الوطن"، إن هذه التظاهرة سيتبعها عدد من التحركات المشابهة في عواصم أوروبية أخرى خلال العام الحالي، بهدف الوصول إلى ما يسعى له الأحوازيون عموماً وهو تحرير أرضهم من الاحتلال الفارسي.
إبادة عرقية
وأكدت حركة النضال في بيان صحفي بهذه المناسبة أن ما يتعرض له الشعب العربي الأحوازي من جرائم، أمر لا يقبله العربي على شقيقه، مشيرين إلى أن أقل تلك الانتهاكات يتمثل في غياب الحق الإنساني، مبينين أن أكثر تلك الانتهاكات بشاعة هي جرائم الإبادة والتطهير العرقي والتهميش على نطاق واسع، واغتصاب الأراضي وتدمير كل ما من شأنه إبقاء هذا الشعب على العزيمة والإصرار نفسهما في مقارعة الاحتلال الفارسي.
وأشارت الحركة في بيانها إلى ما تتعرض له الشعوب العربية من اختراق واضح، من خلال مخطط خبيث يهدف إلى تفتيتها وإضعافها كي لا تنهض ولا تكون منتجة، أو تنافس بقية الشعوب في السباق الحضاري المحتدم اليوم، ولكي لا ترجع كما كانت عليه منذ مئات السنين. وأضاف حر "إيران تفتعل الجرائم التي تضررت منها الدول العربية، أمام مرأى ومسمع العالم، ولم تبق جريمة إنسانية أو انتهاك صارخ لمبدأ من المبادئ الإنسانية والدولية إلا وارتكبتها"، لافتاً إلى أن إيران تتبجح بذلك، ولا يهمها المجتمع الدولي ومؤسساته، وتنتقي من الأنظمة الدولية ما يخدم مصالحها أي مصالح الشعب الفارسي فقط.
تجاوزات إيرانية
واستدرك يعقوب قائلاً "يشهد العالم الحر اليوم تنامياً ملحوظاً في مجالات عدة، أهمها الدفاع عن حقوق الإنسان، ورصد الانتهاكات التي تحدث في شتى بقاع الأرض، وتأسست لهذا الغرض عدد من المؤسسات الدولية والإقليمية والمحلية، ونشط الآلاف من أصحاب الضمائر الحية في هذا المجال، لإنقاذ من يرزحون تحت وطأة الانتهاكات الإيرانية التي تمتهن كرامتهم يومياً، وتخفيف الألم عن بعض المتألمين نتيجة خروقات بعض الأنظمة المارقة التي تتجرأ على خرق الأعراف الدولية والمبادئ الإنسانية، وعلى رأس هذه الأنظمة المارقة جمهورية إيران". وكان البيان الصحفي الذي أصدرته الحركة أشار أيضاً إلى أن المظاهرة لقيت دعماً واسعاً من كثير من أصحاب الضمائر الحية من إعلاميين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان، وأصحاب قضايا عادلة كقضية الأحواز العادلة وجميع المتضررين من إيران وسياساتها. وبينت حركة النضال أن المشاركين في التظاهرة يمارسون حقهم في التظاهر والاحتجاج بعد أن حُرم شعب الأحواز في الداخل من ممارسة هذا الحق، للتعبير عن غضبه ورفضه لسياسات الاحتلال، خصوصا بعد أن زُجّ في سجون الاحتلال آلاف من النشطاء السياسيين لمجرد حثهم الشعب العربي الأحوازي على القيام بتظاهرة أو التعبير عن حالة رفض.
ثورة الأقليات
وذكر البيان أن الأحوازيين "يمارسون حقهم هنا وعلى أرض الدنمرك، أمام السفارة الإيرانية التي تمثل دولة الانتهاكات والجرائم والتطرف الطائفي والغطرسة المقيتة، ونعلن من هنا للعالم بأسره أننا وبكل عزم نقف إلى جانب شعبنا العربي الأحوازي في نضاله الشرعي وحقه بالتحرر من وطأة الاحتلال الفارسي وتقرير مصيره"، مضيفاً "كما نقف إلى جانب الشعوب غير الفارسية الأخرى، كالبلوش، والكرد، وشعب أذربيجان الجنوبي، والشعب التركماني في نضالهم من أجل التحرر". وأكدت حركة النضال على نقاط عدة تمثلت في إعلان الدعم الكامل لحق الشعوب وعلى رأسها الشعب العربي الأحوازي في مقاومتها للاحتلال الفارسي، لا سيما بعد أن سُدت في وجهها كل السبل نتيجة تمادي سلطات الاحتلال، واستهتارها بالمواثيق والأعراف الدولية، وكذلك أعلنت الحركة دعمها الكامل للأسرى الأحوازيين في سجون الاحتلال الفارسي، ووقوفهم إلى جانب عائلاتهم التي تعاني الأمرين نتيجة ممارسات الأجهزة الأمنية الفارسية.
وأعلن القائمون على الحركة وقوفهم إلى جانب شهداء الأحواز وغيرهم من شهداء الشعوب الأخرى الذين يعدمون بالمئات سنوياً، وذلك بالتضامن مع أسرهم وأقاربهم، رافضين بشدة سياسات الاحتلال الإجرامية بحق الشعوب غير الفارسية، خصوصاً شعب بلوشستان الذي يتعرض في الفترة الأخيرة إلى انتهاكات مضاعفة بسبب كثافة النشاط المناهض للاحتلال الفارسي هناك.
إثارة القلاقل
كما شجبت حركة النضال وبشدة تدخلات إيران في الشؤون العربية وتمزيقها للحمة الوطنية في البلاد العربية، مدينين دورها الخبيث في سورية والعراق واليمن والبحرين ولبنان، رافضين احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، كما دانت بشدة عمليات تجفيف المياه والأنهر في مناطق الشعوب غير الفارسية، وبالأخص تجفيف نهر دجيل في الأحواز، الذي يوفر الحياة عبر مياهه للملايين، لكن تم حرف مجراه اليوم إلى المحافظات الفارسية البعيدة، دون الأخذ في الاعتبار حاجة الأحواز الماسة لمياه الشرب التي كان يوفرها هذا النهر منذ آلاف السنين. وأشار البيان إلى سياسات الاستيطان التي تطبقها إيران في مناطق الشعوب غير الفارسية، خصوصا في الأحواز، إذ تجري بوتيرة متزايدة، رافضين تلك السياسات ومؤكدين في الوقت ذاته على مواجهة ذلك بكل الطرق.
كما انطلقت مسيرة أحوازية حاشدة طافت شوارع العاصمة كوبنهاجن، لتنتهي بوقفة احتجاج أمام سفارة إيران، وشارك في هذه المسيرة الحاشدة الأحوازيون الذين جاؤوا من مختلف الدول الأوروبية، إضافة إلى حضور لافت للجاليات العربية الشقيقة في الدنمرك.
كما شارك أصدقاء الشعب الأحوازي من الشعوب الرازحة تحت نيران الاحتلال الفارسي من الأكراد والبلوش والأذريين، إذ كانت لهم مشاركة فعالة في هذه المظاهرة، جسدت روح الصداقة الحقيقية والتآزر والتضامن الفعلي في مواجهة أعتى احتلال على وجه الأرض.
مؤتمر عالمي
وخلال التظاهرة رفع المشاركون أعلام الأحواز وصور الشهداء والأسرى ولافتات باللغتين العربية والإنجليزية، تندد بسياسات التهجير القسري وتغيير التركيبة السكانية التي يقوم بها المحتل الفارسي، ورفض عمليات تجفيف الأنهر الأحوازية، وطالبوا منظمات المجتمع الدولي بالتدخل لوقف عمليات الإعدام والاعتقالات التعسفية بحق الثوار والمقاومين الأحوازيين. من جهته، كشف نائب رئيس المكتب السياسي لحركة النضال حبيب أسيود الكعبي، أن الشعب الأحوازي بصدد تنفيذ عدد من التحركات، لا سيما التظاهرات في الدول الأوربية، كما ستتم تحركات أخرى على الأراضي الأحوازية المحتلة، تستهدف فيها الحركة النظام الإيراني، الذي وصفه بأنه يعيش حالة من الهوان والانحدار إلى الهاوية.
وأضاف "أصدرت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز بياناً في بداية العام الحالي، شرحت فيه برامجها وفعالياتها لعام 2015، وهي برامج وفعاليات لا تقتصر على نشاطها في الخارج وإنما تشير هذه الفعاليات إلى نشاط غير مسبوق ستقوم به الحركة داخل الوطن المحتل، بالتنسيق مع الشعوب غير الفارسية ضد إيران، فضلا عن نشاط سياسي وإعلامي كبير في الخارج ستواصله الحركة في هذا العام، من ضمنها تظاهرات كبيرة خلال فبراير ومارس وأبريل". وأفصح الكعبي عن انعقاد مؤتمر سياسي كبير يجمع مفكرين وسياسيين وإعلاميين عرب وأجانب دعما للقضية الأحوازية، إضافة إلى تسيير وفود من الحركة إلى دول عربية وأجنبية لكسب الدعم السياسي لقضية الأحواز العادلة.
نايف العصيمي
المصدر:الوطن اونلاين