أزمة في الهویة، ظاهرة يواجهها الأحوازيون
وسط کل هذا الصخب والحديث والجدل عن التلوث البيئي والعواصف الترابية ونقل المياه والبطالة والفقر وکل الازمات التي تعصف بنا وکاننا شعب کتب الله علی جبيننا لعنة، هناك ظاهرة غريبة تتوسع یوماً بعد یوم وتستشري في جسد مجتمعنا ،هذه الظاهرة التي لم تأخذ حقها في النقاشات و وسائل الإعلام والتي یتم تجاهلها من قبل أصحاب الأقلام و المواقع والطبقة المثقفة في مجتمعنا ليست أقل خطورة عن تلك الأزمات التي ذکرناها في بدایة المقال وباقی الأزمات التي لم نذکرها، فاذا کان التلوث البيئي والعواصف الترابية یستهدفان صحتنا وبيئتنا والفقر والبطاله یهددان نوعية حياتنا فهذه الظاهرة تستهدف هویتنا مباشرة وتنبئوء بانقراضنا ،فانقراض الشعوب ليس بأمر عجيب في هذا العصر والعصور التي خلت وهناك شعوبا کثيرة انقرضت وذهب ریحها واندثرت لغتها وثقافتها.
طبعا لا املك دراسة أو إحصاء موثق عن هذه الظاهرة ليبين لنا مدی حجمها وتوسعها لکن عندي یقين أنکم ستجدونها في کل مدینة و شارعا أو حيا وفي کل مدرسة في هذا المجتمع. أطفال عرب في عائلات عربية ومن أب عربي وأم عربية لایعرفون العربية، عائلات عربية مارست وتحدثت الفارسية مع أطفالها منذ الصغر والنتيجه ستکون الآلاف من البشر لن یربطهم شيئا بهذا المجتمع وهذا الشعب سوی القابهم العائليهة
اهتمامي بهذا الموضوع دفعني أنا مع عدداً من الزملاء لإجرا إحصاءا صغيراً حسب إمکانياتنا المتواضعة فی مدینتنا الصغيره فکانت النتائج مدهشة ومحيرة ننقلها هنا عسی أن تکون بدایة لبحث ودراسة هذه الظاهرة من قبل المثقفين والمختصين.
جمعنا معلومات عن 132 تلميذا کلهم في الصف الأول الابتدایی من خمسة مدارس، اضطررنا بأن نقسم التلاميذ إلی عينة بحجم 121 تلميذ وعينة آخری بحجم 11 تلميذ ، في العينة الأولی کلا الوالدین (الأب و الأم) من العرب ،من مجموع 121 تلميذا حصلنا علی 17 عشر تلميذا من عائلات عربية بحته لا یعرفون العربية و هذا یعنی أن النسبة تکون 14 بالمئه، ،الغریب في هذه العينة الصغيرة أن أکثر الوالدین حاصلين علی تعليم وشهادات ابتدائيه وإعدادیه وثانویه لکن الأغرب منها أن من بين 121 تلميذا 14 منهم فی أسر متعلمة وأحد ذوویهم حاصل علی شهادات کالدیبلم والماجستير وهذا یعني أن الفئة المتعلمة أیضا ليست محصنة ضد هذه الظاهرة في مجتمعنا، في العينة الثانية ( 11 تلميذ) الذی أحد ذوویهم من غير العرب(أب عربی وأم غير عربية أو أب غير عربي وأم عربية)حصلنا علی 5 تلاميذ لایعرفون العربية والنسبة تکون 45 بالمئة وهذا یعنی أي تزاوج بين العرب وغير العرب سيکون علی حساب اللغة العربية (باعتبار أن الأسره أو الزوج و الزوجة یحتاجون لغة مشترکة للتواصل وبما أن أکثر العرب غالبا تجيد اللغة الرسمية وغير العرب لا یعرفون العربية فالحل یکمن في اللجوء إلی التحدث باللغة الرسمية داخل الأسرة ) لا شك أن لهذا البحث المتواضع اشکالات کثيره لکن إذا تجاهلنا هذه الاشکالات وقمنا بتعميم نتائجه علی مدینة ما، فنتائج هذا البحث لم تکن ببعيدة عن الواقع في المجتمع وهناك مختصين یؤکدون تطور وتوسع هذه الظاهرة ليس في المدن الکبری فحسب بل دخلت المدن الصغيرة والأریاف (بعدما کانت منحصرة علی العائلات التي تعيش في بيئة اجتماعية تسيطر عليها لغة آخری والعائلات التي تتکون من زواج مع غير العرب) والأخطر أن تتحول هذه الظاهرة کنموذجا للتخلص من التاخر الدراسي والقضاء علی المشاکل التي تتعلق بالازدواجيه بين لغة الأم ولغة المدرسة.
التمعن والتعمق في هذه الظاهرة تفرض علينا اسئلة لابد من الاجابة عنها وهي:
ماذا یحدث لنا ولمجتمعنا في ظل هذه الظاهرة بعد عشرة أعوام أو عشرین عاما أو بعد جيل؟ کيف تکون العلاقة بين هؤلاء وبين ثقافتنا وتراثنا؟ کيف تتکون هویة هؤلاء في ظل حرمانهم من لغة الأم الذي تعتبر المکون والعنصر الاساسي في الحفاظ علی الهویه واستمراریتها في هذا الزمن المتغير؟ کيف یتححق الانسجام المجتمعي المبنی علی اللغة المشترکة وکيف ینقلون ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا إلی الاجيال القادمة؟
ما هي الاسباب الذي تدفع بهذه العائلات العربية أن یرتکبوا مثل هذه الجریمة في حق أطفالهم ومجتمعهم وهویتهم وثقافتهم؟
علی من نلقي اللوم ومن یتحمل المسئوليه؟ وما هي الأضرار علی هؤلاء الأطفال في المستقبل وما هي الخسائر التي سوف یتكبدها المجتمع من جراء هذه الظاهرة الاجتماعية؟
حميد حميدي
المصدر: موقع بروال
تنويه: تم اختيار التسمية الصحيحة لوطننا الأحواز بدلا من الإسم المزور( ا ل أ ه و ا ز)