حقول الموت الإيرانية في الشرق الحزين؟
لم يعد الأمر سرا؟ وليس هنالك ما يمكن إخفاؤه؟ لقد بلغ المشروع الإيراني التبشيري والاستراتيجي في الشرق القديم ذروته القصوى مع تزايد مساحات التدخل العسكري المباشر وتنوع ساحاته وتعدد أغراضه وأهدافه في المنطقة؟، فقد كان واضحا منذ بداية تعقيدات المحنة السورية قبل أربعة أعوام وتعاظم رياح الثورة الشعبية السورية ضد نظام آل الأسد الاستبدادي من أن بروتكولات تفاهمات وتحالفات حلف الثمانينيات بين ذلك النظام وحليفه الإيراني لابد أن تعطي ثمارها ونتائجها؟ كما أن المتتبع والمهتم والمتابع يعلم علم اليقين من أن الزرع التبشيري الإيراني في العقل والجسم العربي كان لابد أن يحصد الإيرانيون نتائجه المباشرة بعد مرحلة سقوط العراق وإحتلاله عسكريا وتدميره مجتمعيا وإخراجه تماما من معادلة الصراع الشرق أوسطية بعد تهشيم قوته العسكرية والمعنوية أيضا وإدخاله ضمن قوائم الدول والكيانات الفاشلة التي يعبث الفساد بأرجائها ليحيلها لهشيم متشظي؟، لقد تمكن الإيرانيون بحرفنة وذكاء وصبر مصحوبة بخبث الإدارة الأميركية لملفات الصراع من التمدد والتوسع وكسر حصار الماضي القريب والإندساس في عمق ومركز العالم العربي لطرح مشروعهم الطائفي التقسيمي المذهبي الخطير وحولوا العراق فعلا من كيان قومي متصدٍ لكل الرياح الصفراء والسوداء القادمة من الشرق، لحديقة خلفية لمصالحهم ووكلائهم ورموزهم؟ بل أنهم باشروا في تهديم حصون الماضي وأقاموا قلاعا فكرية وسياسية وعسكرية تعززت مع سقوط عاصمتي الخلافة الأموية والعباسية تحت سطوتهم ليحققوا أهدافهم القديمة وينشروا ظلالهم ويتمددون في ظل غفلة العالم العربي وضعف مستوى إدارة الصراع فيه لجنوب الجزيرة العربية في نقلة تعبوية كبرى مثلت الجانب الأهم والأكبر في نجاح مشروعهم ولو إلى حين!!.
الإيرانيون دخلوا اليوم في صلب المواجهة التاريخية في تقرير مستقبل الشرق، وحرسهم الثوري بات عنصرا فاعلا في إدارة وقيادة العمليات العسكرية إستشاريا وميدانيا؟ والأهم من كل شيء هو إستعادة الإيرانيين لأجواء الحرب مع العراق في تقديم خسائر بشرية كبيرة بين صفوف قيادتهم العسكرية ذاتها التي خاضت صفحات الحرب السابقة مع العراق في الثمانينيات؟ ففيلق القدس للحرس الثوري هو اليوم من يقود المواجهة القائمة في العراق، وهو الذي يجمع تحت جناحيه حشود الحشد الشعبي الطائفي، وعناصره من العراقيين الذين عملوا في المشروع التخريبي الإرهابي القديم والذين تكلفوا بالقيادة الميدانية مثل الإرهابي الدولي أبو مهدي المهندس المطلوب للأمريكان والكويتيين، أو العميد الحرسي والوزير العراقي وقائد فيلق بدر التابع أصلا للحرس الثوري هادي العامري؟ ، لقد قاد الإيرانيون ساحة المواجهة المباشرة في آمرلي وجرف الصخر وهم اليوم يقودون معارك سامراء ويقدمون خسائر بشرية من طياري الحرس وقياداتهم الميدانية وكان آخرهم وليس أخيرهم رئيس جهاز الإستخبارات في فيلق القدس حسين مقدم وقبله كان حميد تقوي وقبلهم كان الطيار مرجاني وعشرات آخرين من العناصر القيادية الحرسية سقطوا في معارك الشام ولبنان أيضا، دون تجاهل المواقع المتقدمة للحرس الثوري في جنوب الجزيرة العربية عبر جيوش أنصار الله الحوثية؟ ، إنها معركة رسم الخريطة المستقبلية لشكل الشرق القديم الذي يدور صراع دولي ساخن وصامت حول شكله وطريقة إدارته، الإيرانيون حددوا خياراتهم مسبقا وأعلنوا إن سقوط دمشق (رحيل النظام السوري) معناه سقوط آخر خط دفاعي يحمي تخوم طهران لكون الساحة العراقية هشة، ثم أن الإيرانيين بطبيعتهم السايكولوجية لا يثقون بالعراقيين!!، نقولها عن خبرة وتجربة ميدانية؟، إنهم في العراق اليوم يعلمون بأنهم يعملون في بيئة معادية مهما حاولوا إخفاء تلك الحقيقة عبر ماكياج الشعارات الطائفية الرثة، الإيرانيون اليوم تورطوا فعلا في حقول الموت العراقية عبر ممارسات العصابات الطائفية الشاذة التي تستهدف ترويع وتهجير وحتى قتل أهل السنة كما حصل في مجزرة بروانه في ديالى ومآسي قتل المدنيين في الأنبار عبر العصابات الطائفية السائبة التي تضمها خلايا الحشد الشعبي مما عجل بمواجهات وتحديات عشائرية لن تمر بردا وسلاما على الإيرانيين الذين طالت خطوط مواجهاتهم أكبر من قدرتهم على التحمل؟ وسيكون ثمن ذلك غاليا جدا، فالخروج من حقول الموت العراقية لن يكون بلا ثمن..؟
داود البصري
المصدر: الشرق القطرية