من المنيور الى بورسعيد- مأساة شعب
اعتقاد راسخ بديانة اكثر نقاء واقرب الى التوحيد من عقود تلت، معتقد دار في فلك المؤامرات؛ اوقعهم في حرب كلفتهم غاليا، اندفاع نبع من مشاعر اثارتها عقول يحيط بها الضباب، تنتشر في اقاصي الأمة، عقول في باطنها لاتجل ابناء جلدتهم؛ هذه هي حرب الجهاد(م1915) التي لطالما كانت مصدر فخر واعتزاز لاجيال متعاقبة حتى قبل بضعة عقود، حرب تعرضت فيها منطقة مكتظة بالسكان الى دمار وتهجير وقتل وقصف بالمدافع.
حرب الجهاد كسائر الحروب، تضمنت قصصا واحداثا ومئآس كثيرة، احداها مأساة رجل ظنته عشيرته قتيلا حاله حال خلق كثير ممن لقوا حتفهم في حرب غير متكافئة خاضتها قبيلة بني طرف وقبائل عربية اخرى على طريقة ابي زيد الهلالي ضد عدو عصري قوي مدجج بالسلاح.
مضت بضع سنين على الحرب حتى بلغ عشيرة الوشاحية (بني طرف) نبأ وفاة احد رجالها وهو "سلمان ابن إثويمر ابن إحريجه الوشاحي" في قضاء ابي الخصيب- جنوب البصرة؛ الأمر الذي اثار استغرابهم لأنهم كانوا يظنونه قد لقى حتفه في الحرب، فكيف به يموت في منطقة نائية وبعد هذه السنين.
الجدير بالذكر أن عشيرة الوشاحية فقدت معظم رجالها في حرب الجهاد حتى صارت الارامل والايتام يشكلان غالبيتها، مضت سنوات، حتى كبر من تيتموا فقرر بعضهم السفر الى ابي الخصيب والتحري عن موضوع "سلمان ابن اثويمر"، وأبرز هؤلاء الذين شكلوا الوفد المسافر هو "دشر ابن إزوير ابن سلمان".
في ابي الخصيب جنوب البصرة حيث كانت تعيش اخت سلمان المتوفية، التقى هؤلاء بأبنائها الذين شرحوا لهم الأمر، اتضح لهم ان سلمان الذي كان يتجاوز الـ50 من العمر لم يقتل على ارض المعركة (المنيور) وانما وقع اسيرا بيد القوات البريطانية وذلك بعد ان لقي ولديه الاثنين "راضي" و "إزوير" مصرعهما، وأقتادت القوات البريطانية سلمان، حاله حال عدد من ابناء عمومته الوشاحية الذين شاركوا في الحرب الا انهم نجوا من القتل اضافة الى عدد كبير ممن أسرتهم هذه القوات في العراق الى مدينة "بورسعيد" المطلة على ساحل البحر الابيض المتوسط شمال شرق مصر عند مدخل قناة السويس، وبعد مرور فترة من الزمن قرر سلمان العودة الى ارض الوطن – الأحواز- فقد مكث بقية الوشاحية في بورسعيد واستصعبوا العودة، الا ان الوضع النفسي المزري الناجم عن فقدانه لولديه وصعوبة التنقل والسفر في ذلك الزمن نظرا الى ان المناطق التي كان مضطرا لاجتيازها هي عبارة عن صحار قاحلة، كلها امور لم ترحم سلمان الرجل الكبير السن، رغم كل الصعوبات قرر سلمان حج بيت الله اولا ثم التوجه الى الوطن، بعد عناء كثير وصل مريضا مرهقا الى ابي الخصيب حيث كانت تسكن اخته المتوفية والتي كانت متزوجة من احد وجهاء المنطقة، وتمكن من شرح تفاصيل ما جرى له لابناء اخته.
لم تتحقق امنية المناضل سلمان ابن إثويمر في العودة الى مسقط رأسه الخفاجية خصوصا والأحواز عموما كما كان يأمل، لأن سوء حالته الآخذة بالتدهور قربت اجله حتى توفي بعد وصوله بفترة قصيرة الى ابي الخصيب ودفن في مقبرتها ودفنت معه آلآمه واوجاعه ورغبته بالوصول الى ارض الوطن، الا انه، لم تمت آمال شعبه الساعي الى الحرية.
روى لي هذا الحدث الحاج كاظم ابن الحاج إمعلعل ابن راضي ابن سلمان الوشاحي نقلا عن عدد من قدماء منطقة ميسان الذين عاصرهم و من ابرزهم :
– الحاج دشر ابن إزوير ابن سلمان الوشاحي
– الحاج إمعلعل ابن راضي ابن سلمان الوشاحي
– عجيل المشلوش الراشد(إمرمض)
– كاظم الجاسم ابن عبد الوشاحي)
توفيق فلاحية
المصدر:موقع بروال
تذكير:تم استخدام التسمية الصحيحة لوطننا "الأحواز" بدلا من الإسم المزور الذي جاء في النص الذي نشر في موقع بروال الموقر( ال أ ه و ا ز)