اللغة العربية والمستقبل الغامض
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﺍﻷﻫﻢ ﻟﻤﺴﻴﺮﺓ ﺃﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻢ ﻧﺤﻮ ﻣﺪﺍﺭﺝ ﺍﻟﺮﻗﻲ . ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻧﺴﺘﻘﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﻋﺎﻡ 1789 ﻡ، ﻭﺃﺳﻠﻮﺏ ﺣﺮﺍﻛﻬﺎ، ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﻌﺪ ﺗﻘﻮﻳﺾ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﺒﺎﺳﺘﻴﻞ، ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺰﺣﻒ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﻟﺘﻄﻮﻳﻖ ﻗﺼﺮ ﻓﺮﺳﺎﻱ، ﺑﺎﺩﺭﺕ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﻣﺠﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺃﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻋﺎﻡ 1635ﻡ ﻭﻓﻲ ﺻﺪﺭ ﻣﻬﻤﺎﺕ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﻌﺪ ﺻﻬﺮ ﻗﻀﺒﺎﻥ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﺒﺎﺳﺘﻴﻞ ﻟﺘﺸﻴﻴﺪ ﺍﻟﻨﺼﺐ ﺍﻟﺘﺬﻛﺎﺭﻱ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺴﺠﻦ، ﺍﻧﺘﺒﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺻﻬﺮ ﺣﺮﻭﻑ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﺘﺸﻴﻴﺪ ﺣﺼﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺘﻤﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﺃﺳﻮﺍﺭﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ .
ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻳﻀﺎً ﻟﻴﺴﺖ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺗﺨﺎﻃﺐ ﻓﺤﺴﺐ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺘﺮﺩﺍﺩ ﺻﺪﻯ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ، ﻭﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﺍﻹﻓﺼﺎﺡ ﻋﻦ ﺗﺸﻮﻓﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﺮﺍﺙ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﺑﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ ﺷﺮﻳﺎﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ .
ﻣﻦ ﻫﻨﺎ، ﻭﺧﻼﻝ ﻣﺴﻴﺮﺗﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ، ﻛﺘﺒﺖ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻏﻴﺮﻱ ﻭﺩﺍﻓﻌﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺼﺤﻰ، ﻭﻭﻗﻔﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺿﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻠﻬﺠﺎت التي روج لها الكثير من الذين يتفاخرون بها دون العلم بالغزو الأعجمي الذي يستهدف مستقبل هذه اللغة .
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻌﻪ ﺧﺒﺮﺍﺀ ﺍﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ﺳﻨﺔ ( 2003) ﺣﻮﻝ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻭﺗﻌﺮُّﺿﻬﺎ ﻟﻼﻧﺪﺛﺎﺭ، ﻧﺠﺪﻫﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻥ "ﻣﻮﻗﻒَ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺇﺯﺍﺀ ﻟﻐﺘﻬﻢ "، ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻌﺔ ﻟﻠﺤﻜُﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﻯ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻟﺴﺎﻥٍ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﺴﻨﺔ ﻭﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺨُﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻬﺪِّﺩﻩ . ﺛﻢ ﻳﻘﺴِّﻤﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﺳﺖِّ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺃﻫﻤُّﻬﺎ ﻭﺃﻋﻼﻫﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻠُّﻪ ﻣُﺘﻌﻠِّﻘﺎً ﺑﻠﻐﺘﻪ ﻭﻳﺘﻤﻨَّﻰ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘﻄﻮُّﺭ ﻭﺍﻟﻨﻤﻮ، ﻭﺃﺩﻧﺎﻫﺎ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺷﺨﺺ ﻳﻬﻤُّﻪ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻭ ﺑﻘﺎﺅﻫﺎ، ﻭﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﻭﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻷﻛﺒﺮ . ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔُ ﻃﺮﺡ ﺳﺆﺍﻝ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﺳﺎﺑِﻖ، ﻭﻫﻮ : ﻣﺎ ﻣﺪﻯ ﺍﻋﺘﺰﺍﺯ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻠﻐﺘﻬﻢ ﻭﺗﺸﺒُّﺜﻬﻢ ﺑﻬﺎ، ﻭﺣﺮﺻﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ ﻭﺗﻨﻤَّﻴﺘﻬﺎ؟ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻱِّ ﺣﺪ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﺍﻟﺸُّﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺟﺰﺀﺍً ﺃﺳﺎﺳﻴﺎً ﻣﻦ ﻫُﻮﻳّﺘﻬﺎ ﻭﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻬﺎ ﻭﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮﺩ ﺃﺩﺍﺓ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻟُﻬﺎ ﺑﺄﻳﺔ ﻟﻐﺔ ﺃﺧﺮﻯ؟ ﻭﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ: ﻣﺎ ﻫﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻠﻐﺘﻬﻢ، ﻫﻞ ﻫﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﻭﻓﺨﺮ ﻭﺍﻋﺘﺰﺍﺯ ، ﺃﻡ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﻭﺍﺣﺘﻘﺎﺭ؟ ﻭﻣﺎ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄُﻬﻢ ﺑﻬﺎ؟ ﻫﻞ ﻫﻲ ﻋﻼقة ﺣَﻤﻴﻤﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻭُﺩٌّ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮ ﻭﻣَﻴﻞ ﻭﺇﻗﺒﺎﻝ،ﺃﻡ ﻋﻼﻗﺔُ ﺧِﺼﺎﻡ ﻭﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﻭﺇﺩﺑﺎﺭٍ ﻭﺗَﻨَﻜُّﺮ ﻭﻧُﻔُﻮﺭ؟
ﺍﻹﺟﺎﺑﺔُ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻗَﺒﻴﻠﻬﺎ ﻭﻓَﺼﻴﻠﻬﺎ، ﺳﺘﻜﻮﻥ ـ ﻟﻸﺳﻒ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ـ ﺳﻠﺒﻴﺔً ﻭﻣُﺨَﻴِّﺒﺔً ﺑﺼﻔﺔ ﺇﺟﻤﺎﻟﻴﺔ . ﻓﺎﻟﺴِّﻤﺔ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺎﻣُﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻊ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﻫﻲ ﺳِﻤﺔُ ﺍﻟﺘَّﻔﺮﻳﻂ ﻭﺍﻟﻼﻣُﺒﺎﻻﺓ ﻭﺍﻟﺘَّﻨﻜُّﺮ ﻭﺍﻟﺘَﺨﻠِّﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﺼﻴﺮ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﺗﻬﻤﻴﺸﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ . ﺑﻞ ﻗﺪ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻣﻦ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻹﻋﺮﺍﺽ ﻭﺍﻟﻨُّﻔُﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﺨَﺠَﻞ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ، ﻭﻛﺄﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ منقصة أو مذمة ومعرة.ﺃﻣﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔُ ﺍﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻭﺯﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺣﺮﺹ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻞ ﻟﻐﺘﻬﻢ ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﻢ، ﻭﻳﻌﺘﺒﺮﻩ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺧﺒﺮﺍﺀ ﺍﻟﻴﻮﻧﺴﻜﻮ ( ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ) ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﺘﺴﻌﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺪﻯ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻭ ﺗَﻌﺮﺿﻬﺎ ﻟﻠﺨﻄﺮ، ﻭﻫﻮ ﺟﺰﺀٌ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻜﺲُ ﻧﻈﺮﺓَ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻠﻐﺘﻬﻢ، ﻓﻬﻲ ﺻﺎﺩِﻣﺔٌ ﺃﻳﻀﺎً . ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﻭﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻷُﺳَﺮ ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻴﺔ ﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﻨُّﺨﺒﺔ ﺍﻟﻤﺆﺛِّﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺘﻴﻦ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ، ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻳﺤﺮﺻﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻦ ﺃﻱِّ ﻭﻗﺖ ﻣﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺄﺑﻨﺎﺋﻬﻢ بإتجاه الثقافة و اللغة الأجنبية ﻭﻳﺘﻔﺎﺧﺮﻭﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻳَّﻤﺎ ﺗﻔﺎﺧُﺮٍ. ﻭﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻫﺬﻩ الظاهرة ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻭﻏَﺮﺳﻬﺎ ﻓﻲ ﻋُﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼِّﻐﺎﺭ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ ﺃﻇﻔﺎﺭﻫﻢ، ﻭﻏَﺴﻠﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻋَﻠِﻖَ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺳِﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭ " ﺃﻭﺳﺎﺧﻬﺎ " ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺃﺷﻨَﻊ، ﻭﻫﻮ ﻗَﻄﻊ ﻟﺴﺎﻥ ﻛﻞّ ﻣَﻦ ﻳﺤﺎﻭﻝ التكلم ﺑﺎﻟﻌﺮبية ﻓﻲﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻭﺗﻌﻨﻴﻒ ﺍﻵﺑﺎﺀ ﺇﻥ ﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔَ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ .
ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺘﺒﺎﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﺟﺘﺜﺎﺙ ﺟُﺬﻭﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ، ﻭﺗﺠﻔﻴﻒ ﻣﻨﺎﺑِﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚُ ﻻ يشعر الناس، ﺃﻭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚُ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻻ يبالون .
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻋﺮﺽ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻡ ﺑﻴﻦ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ، ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻓﺤﺴﺐ (ولا ننسى الفقر الذي نعانيه من عدم الدراسة بلغة الأم في مجتمعنا ) ﻣﺤﺎﻭﻻ ﻭﺿﻊ ﺗﺼﻮﺭ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﺎﻋﻞ ﻟﻠﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪﺩ ﻟﻐﺘﻨﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﻭﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﻭﻣﻨﺒﻊ ﻓﻜﺮﻧﺎ ﻭﺃﺩﺍﺓ ﺗﻔﻜﻴﺮﻧﺎ :
1- ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ :
ﺗﻨﺘﺸﺮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﺍ ﺻﺎﺭﺧﺎ ﺑﻴﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﺗﺘﻨﻮﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺎﺕ، ﻟﺘﻬﺪﺩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺼﻴﺤﺔ ﺍﻷﻡ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺼﻴﺤﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ، ﻭﺗﻤﻨﺤﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺃﻗﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺗﻲ ﺑﻴﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻐﺔ.
2- ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺸﻔﻮﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻲ :
ﻭﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ﺍﻷﻭﻝ ﺧﻄﺮ ﺩﺍﻫﻢ، ﻟﻪ ﺷﻮﺍﻫﺪ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ كل ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ولاسيما مجتمعنا الأحوازي والشعر الشعبي خير مثال لذالك ، ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺸﻔﻮﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻲ، ﻭﻣﺎ ﻳﻔﺮﺿﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻣﻦ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺑﺒﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﻨﺨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺘﺠﺴﻴﺪ ﻟﻐﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺼﻴﺤﺔ، ﺇﺫ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻷﻱ ﻟﻐﺔ ﻳﺤﺘﻢ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﻛﺘﺎﺑﻴﺔ ﻭﺇﻣﻼﺋﻴﺔ ﻭﺻﺮﻓﻴﺔ ﻣﺎ، ﻓﻼ ﻳﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻷﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ ﻧﻬﺒﺎ ﻟﻜﻞ ﻛﺎﺗﺐ ﻳﻘﻮﻝ ﻭﻳﻜﺘﺐ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﻢ ﻣﻮﺍﺿﻌﺎﺕ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﻭﻫﻨﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﻠﻬﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻟﻐﺎﺕ ﻣﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺎ ﺗﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻔﺼﻴﺤﺔ، ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻧﻨﺎ ﺳﻨﺆﺳﺲ ﻟﻘﻮﻣﻴﺎﺕ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﺘﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻔﺘﺖ ﻭﺗﺸﺮﺫﻡ .
3- ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ :
ﻟﻌﻞ ﺃﻫﻢ ﺃﺛﺮ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﻦ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﺮﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﻴﻦ، ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﺗﻔﺮﺽ ﺳﻴﺎﻗﺎ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ، ﻭﺗﺤﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﻭﻣﺤﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻟﻠﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ – ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻫﻮ ﺣﺘﻤﻲ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺗﻔﺮﺽ ﺑﺎﻟﻤﺆﻛﺪ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﻟﻐﻮﻳﺎ ﺗﺎﺑﻌﺎ ﻭﻣﺠﺴﺪﺍ، ﺷﺌﻨﺎ ﺃﻡ ﺃﺑﻴﻨﺎ، ﻓﻨﺤﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﺍﻷﺿﻌﻒ ﺳﻨﻜﻮﻥ ﺣﺘﻤﺎ ﺗﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻣﺴﺘﻬﻠﻜﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﺠﻴﻦ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻨﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﻟﻬﺎ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﺎ، ﻭﺇﻥ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺎﻣﺸﻴﺎ ﻭﻣﺤﺼﻮﺭﺍ ﻻ ﻳﻨﺎﻓﺲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺞ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻮﻗﻬﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻭﻣﺼﺪﺭﻭﻫﺎ، ﻭﻋﻠﻰ اصحاب الرأي في مجتمعنا ( الأحوازي ) والعالم العربي ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺸﻌﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺮ.
4- ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻭﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ : وهذه مأساة نعيشها في مجتمعنا و لاتحتاج الشرح .
موسى الخالدي
المصدر موقع بروال
تنويه: تم اختيار التسمية الصحيحة لوطننا"الأحواز" بدلا من الأسم المُزَور (ا ل أ ه و ا ز)