إيران.. عرب الأحواز وحقوق الإنسان
أصبحت قضايا حقوق الإنسان والمجتمع المدني في السنوات الأخيرة من القضايا الملحة في بلدان العالم الثالث وخاصة منطقة الشرق الأوسط ومنها إيران. إيران كونها بلداً متعدد الأعراق والقوميات لذا تكتسب فيها أهمية خاصة، حيث تشكل القوميات غير الفارسية الغالبية في إيران اي مايقارب ال 51بالمئة من السكان البالغ عددهم 70 مليونا، فالأقليات القومية والدينية في إيران تعاني تميزا واضطهادا مزدوجا. ولابد لنا من تسليط الضوء على بعض من جوانب انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وخاصة في إقليم الاحواز العربي، لعله يساعد في زيادة معرفة القارئ العربي كماً ونوعا بأوضاع حقوق الإنسان هناك. والحضارة القديمة والتاريخ الحديث كانت تقطن ما يعرف اليوم بايران شعوب مختلفة وذلك قبل أن يهاجر إليها الفرس من مناطق آسيا الوسطى ويستقروا هناك حوالي الألف الثاني قبل الميلاد ،بفترة طويلة، أسس العيلاميون، وهم ينحدرون من أصول سامية، في منطقة الاحواز جنوب غرب إيران متخذين سوسة (المعروفة اليوم باسم شوش) عاصمة لها.
دخل المديرون، وهم شعوب غير فارسية الأجزاء الشمالية أولى نزوح القبائل الآرية. قام الإسكندر الأكبر عام 334 قبل الميلاد باجتياح بلاد فارس واطاح بدرايوش ملك إلاخمينيين حوالي عام 140 قبل الميلاد.
الفتح الإسلامي لبلاد فارس. في عام 642م هزم الفرس بسرعة أمام القوة الإسلامية الناشئة حديثا بمثلها وقيمها التي استحسنها كثير من الفرس وغيرهم من الرعايا الراضخين تحت حكم الإمبراطورية الساسانية. وفي اعقاب الفتوحات الإسلامية، أصبحت كل بلاد فارس بما في ذلك جميع الأراضي التي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية الساسانية بما فيها عيلام (المعروفة أيضا باسم إقليم الأحواز) واقعة تحت الخلافة الإسلامية حتى سقوط وسلب بغداد عام 1258 على يد المغول بقيادة حفيد جنكيز خان، هولاكو، الذي أنهى الخلافة العباسية المتأثرة بالنفوذ الفارسي.
الحكم الصفوي. صعد الصفويون إلى السلطة في بلاد فارس في بداية القرن السادس عشر، تم إعلان الإسلام الشيعي الدين الرسمي للدولة في ظل الشاه إسماعيل لمنافسة السنة العثمانيين الذين كانوا في حالة حرب معهم تم القضاء على السلالة الصفوية في عام 1722 بعد السيطرة على عاصمتها اصفهان من قبل الافغان بقيادة محمود خان ،والذين تم طردهم في وقت لاحق من قبل نادر شاه وهو ضابط صفوي. جاء بعد حركه تأميم النفط وسقوط مصدق في أواخر الأربعينيات مرت إيران باضطرابات سياسية واجتماعية واقتصادية. وفي الستينات والسبعينيات ولم تتحقق اصلاحاته 63 -1962 بسبب سوء التخطيط والتنفيذ. وذلك للمعارضين من رجال الدين مثل اية الله الخميني الذي ألقي القبض عليه لاحقا وتم ابعاده إلى خارج البلاد. وفي عام الثورة 1979 ونهاية حكم البهلوي وذلك لاستخدامه البرتو دولارات التي تدفقت على الاقتصاد بعد حرب 1979 وما تلاها من حظر لتصدير النفط العربي أدت خطته إلى صدمة ثقافية وثم الإطاحة بالشأه لينهي بذلك 2500 سنة من الحكم الملكي ويقيم جمهورية اسلامية.
قمع الشعوب والحركات القوميه بالإقليم. توالت الإعدامات السريعة والقتل والمحاكمات السريعة في ظل النظام الإسلامي وقامت (المنظمات العالمية وحقوق الإنسان) هي ومن رايتس ووتش)وغيرها على مدى ثلاثة عقود بتوثيق وتأكيد المئات من حالات انتهاك حقوق الإنسان ضد النساء والجماعات العرقية والدينية والناشطين السياسين والصحفين ،والكثير من حالات الرجم وإعدام القاصرين وحدثت موجة من الاعتقالات والقتل والتعذيب ومازال يصر على مواصلة سياسة العنف والقمع بأي ثمن لضمان بقائه. وعلى الرغم من ذلك بدا دائما وأن الشعوب الايرانية مصممة على مواصلة كفاحها من أجل مجتمع يقوم على أساس الحرية، والعدل والسلام.
يعيش عرب الأحواز بشكل أساسي جنوب غرب إيران ويمثلون واحدا من أكثر الجماعات (المضطهدة) والمحرومة في الشرق الأوسط. تقطن الغالبية الساحقة منهم في إقليم الاحواز او عربستان”. وهذا مايسميه سكانه العرب الاصليون وهم يشكون 67 % من مجموع سكان المحافظة التي تحتل موقعا جغرافيا استراتيجا هاما، ليس لكونها تمثل البوابة بين آسيا والعالم العربي فحسب، بل لأنها أيضا تؤمن مايقارب 90%من موارد إيران النفطية. والمفارقة هنا هو ان “الميزة الجغرافية الطبيعية هذه، بدلا من أن تكون سببا يعود بالنفع على سكان المنطقة باتت وبالا عليهم ومصدرا للأذى والحرمان. فبينما يعتبر البترول في إقليم الاحواز بمثابة الشريان الحيوي للاقتصاد الإيراني، يُنظر إلى شعب الإقليم الذي تعوم أرضه على هذه الثروة التي تدر بالخير على إيران بالشك والريبة وعدم الارتياح في أحسن الأحوال، والتهديد في أسوأها. وبغية إزالة هذ”الخطر”الذي يهدد إيران يجري إخضاع عرب الأهواز لمزيج من عمليات التفريس، الهجرة القسرية، القمع السياسي الشديد والإقصاء من عملية التطورالاقتصادي. حقوق ملكية الأراضي تجري من خلال مصادرة أراضي العرب وتشريد مئات الآلاف من عرب الأحواز. وهي تهدف إلى تغيير التركيبة العرقية للمنطقة لصالح الفرس والسكان غير العرب عن طريق الهجرة القسرية للسكان العرب الأصليين إلى خارج الأحواز (خورستان)وابدالهم لجماعات عرقية”موالية”وبالأخص الفارسية.
الفقر بالرغم من ان الاحواز (خورستان)تعد من أغنى مناطق إيران بالموارد، لكن سكان الاحواز الأصليين يعانون من أحد أعلى مستويات البطالة، والكثير من المشاكل الصحية وسوء تغذية بين الاطفال وتدني التعليم وغيرها من مؤشرات الفقر في البلاد. ويلاحظ أن هناك ارتباطا وثيقا بين الفقر والتمييز العرقي. ففي مناطق المدن يعيش عرب الأحواز في ضيعات ” قرى “فقيرة بيوتها من الحصير والخشب تشبه ما كان قائما في جنوب افريقيا إبان نظام الفصل العنصري. وتميل الإحصاءات الرسمية إلى إعطاء صورة متحفظة لمعدلات البطالة. بالأرقام الحقيقية هي أعلى بكثير مما يتم الإعلان عنه، كما ان حقوق المرأة تواجه تميزا جنسيا واجتماعيا وسياسيا وتوظيفيا وفي مجالات عده أخرى (تدفن وهي حية).
أضف إلى أن المرأة العرببة تعاني مشاكل اجتماعية كبيرة وذلك بسبب أن الحكومات الايرانية المتعاقبة تبنت اهمالا متعمدا، والتغاضي عن هذا الوضع المتردي، بغية تكريس التخلف في المجتمع الاحوازي.
د. أحمد الخريصي
المصدر: صحيفة الرياض
للتذكير: أن كافة سكان الأحواز الذي يصل عددهم الى 12مليون نسمة من العرب الأقحاح ومن استوطن معهم هم المستوطنون الفرس الذين جاءت بهم سلطات الاحتلال الفارسي بقوة السلاح