لاجئون سابقون في إيران: العنصرية والاحتقار سمة النظام.. واضطهاد العرب ممارسة يومية
"الرياض" تنقل إفادات عراقيين هربوا من «رمضاء» البعث إلى «نار» الملالي
دأب النظام الإيراني على تقمص دور المدافع عن أبناء الطائفة الشيعية في الدول العربية. يحاول بذلك إظهار دولة الولي الفقيه بالكيان الذي يناصر المسلمين ويدافع عن قضاياهم. خُدِعَ الكثير من الشيعة العرب بشعارات الدولة المتعصبة وخطابها الطائفي. ظنوا أنها جنة الله في أرضه وأنها الدولة الوحيدة التي يستطيعون أن يعيشوا فيها بأمن. فرطوا بأمن دولهم من أجلها. لكنهم عوقبوا بدل أن يكافأوا.
أكثر العراقيين اللاجئين في إيران هم ممن لجأوا مطلع ثمانينيات القرن الماضي ليرفعوا السلاح على وطنهم في حرب الخليج الأولى 1980 – 1988. منعوا من السفر والزواج وفتح حسابات مصرفية.
إذابة الهوية
يقول المواطن العراقي (ع. خ التميمي) الذي كان يسكن مدينة كاشان الإيرانية قبل أن يعود إلى بغداد: "كنا نظن إيران دولة إسلامية تطبق الشريعة ويعمها العدل والمساواة. لكن بعد تركنا العراق وذهابنا إلى هناك وزعتنا السلطات الإيرانية على العديد من المدن والقرى. كانت تنوي صهرنا في الثقافة الفارسية والقضاء على هويتنا العربية" ويضيف "تم توطيننا في مخيمات غير صالحة للسكن وأُعطِينا بعض الخيم من أجل السكن فيها. كنا نعيش في العراء" ويكمل "أنا وبعض اللاجئين العراقيين كنا نعمل في المزارع تحت ظروف شاقة ونتقاضى نصف الأجر مقارنة بالعمال الإيرانيين. عندما كنا نسأل أصحاب المزارع عن سبب اقتطاع نصف الراتب اليومي يكون الجواب: "أنتم عرب ولا تستحقون نفس الراتب الذي يتقاضاه العامل الإيراني" ويتابع "أطفالنا لم يسمح لهم بالتسجيل في المدارس الإيرانية ولم تفتح لهم مدارس عربية. بعد ثلاث سنوات توسط لنا أعضاء في فيلق بدر فسجلنا أطفالنا في المدارس الإيرانية. فُرِضَت علينا رسوم باهظة مقارنة بالمواطنين الإيرانيين".
سرقة المساعدات
شاهد عراقي آخر اسمه (م. ع البو غنام) يسكن حالياً في مدينة العمارة جنوب العراق، يقول "عندما كنا لاجئين في إيران أرسلت لنا الأمم المتحدة مساعدات إنسانية. لكن السلطات الإيرانية استولوا عليها. كانوا يستبدلون المساعدات فيأخذون البضائع الأجنبية ويضعون مكانها منتجات محلية. كنا نرى مساعدات الأمم المتحدة المرسلة لنا تباع في السوق السوداء بإيران" وأضاف "كنا ندفع مبالغ مضاعفة أثناء ذهابنا للمستشفيات أو لتسجيل أطفالنا في المدارس".
أما العراقي (ع. الزرقاني) فقد قضى عدة سنين في إيران ثم عاد للعراق ويعيش الآن في بلدة القرنة. يقول الزرقاني "أنا من التيار الصدري وزوجتي من حفظة القرآن وتلقت تعليمها في الحوزة العلمية. سكنت فترة في قم ثم طهران ثم الأحواز" ويضيف "كان المسؤولون يستحقروننا ويستقبحون علاقاتنا الاجتماعية. أثناء احتكاكنا معهم يصفوننا بالوحوش والبرابرة وآكلي السحالي والجراد. يقولون لنا: أنتم حاربتمونا ثماني سنوات وقتلتم أبناءنا ولن نغفر لكم وسنأخذ حقنا وحق أولادنا وأجدادنا" وأضاف "رغم أني كنت أواجه عقوبة الإعدام في العراق ولكن في تلك الفترة فكرت جدياً بالرجوع للعراق والموت على أرضي بدل المعاناة من الذل".
من جانبه قال (أبو جعفر) الذي كان يستأجر محلا للشطائر في طهران "كنت أتعرض لاعتداءات عرقية متواصلة من الزبائن. بعضهم كان يمتنع حتى عن دفع النقود. حتى الشرطة كانت تتجاهلني".
انعدام ثقة
أما المعارض العراقي المكنى ب(أبو زينب) فقد كان يعيش في طهران وله زوجة عربية وبنت صغيرة. يقول: "عندما كنت أترك البيت وأذهب للجبهة داخل الحدود العراقية كان بعض الاشخاص يأتون إلى بيتي ويطرقون الباب ويطلبون من زوجتي أن تتركني وتتطلق" وتابع "تمنيت الموت حتى ولو على يد النظام البعثي بدل أن أرى الأعاجم يعتدون علي وينتهكون كرامتي" ويضيف "مع أننا كنا عوائل عراقية عديدة تسكن في طهران وفي منطقة واحدة ولكن إيران امتنعت عن افتتاح مدرسة باللغة العربية لأطفالنا. كما أنها عارضت فتح معهد مسائي خاص يدرس أطفالنا اللغة العربية؛ لذلك اضطررنا أن نسجل أطفالنا في المدارس الإيرانية. كانت تُفرَض علينا رسوم باهظة" ويقول "بالرغم من أننا كنا نعرض أنفسنا للخطر من أجل تنفيذ أوامر الحرس الثوري وفيلق القدس فقد كنا نرى التمييز العنصري أثناء ذهابنا لمؤسسات الدولة ودوائرها وكانت هذه الدوائر تنتهك كرامتنا وتحط من شأننا وينعتوننا بمصطلحات مسيئة".
ويكشف أبو زينب "معسكراتنا لم تكن مستقلة بل كانت جزءا من معسكرات الحرس الثوري وكنا نخضع لإدارة الحرس الثوري ومراقبته. لم يثق بنا الإيرانيون لحظة واحدة".
تحقيق – أحمد الأحمد
المصدر:صحيفة الرياض