مبادرة سعودية تجاه إيران لإعادة ترميم الثقة
مبادرة سعودية تجاه إيران لإعادة ترميم الثقة جدد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل دعوته لنظيره الإيراني محمّد جواد ظريف لزيارة المملكة والتحادث حول الملفات الخلافية قائلاً: “في أي وقت يراه ظريف مناسباً فالمملكة على استعداد لاستقباله فإيران جارة لدينا علاقات معها وسنجري مفاوضات معها”. وأضاف: “سنتحدث معهم واذا كانت هناك خلافات نأمل في أن تتم تسويتها بما يرضي البلدين. كما نأمل في ان تكون ايران ضمن الجهود المبذولة لجعل المنطقة آمنة ومزدهرة وألا تكون جزءاً من مشكلة انعدام الأمن في المنطقة”.
وتردد أن هذه المبادرة السعودية جاءت نتيجة وساطات مكثفة قامت بها سلطنة عمان ودولة الكويت وباكستان ورمت جميعها الى وضع حد للخلافات السعودية الإيرانية وفتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية من شأنها أن تنعكس إيجاباً على أمن المنطقة واستقرارها، وبما يضمن مصالح الطرفين .
ويبدو أن هناك من يستعجل إعطاء المبادرة السعودية أبعاداً اكثر مما تحتمل لجهة القول أن اللقاءات الرسمية التي ستتم قريباً إنما جاءت تتويجاً لتفاهمات سبق أن حصلت وراء الكواليس على الكثير من القضايا .
وهذا القول يفتقر الى الكثير من الدقة والشفافية لأن الدبلوماسية السعودية لم تعتد يوماً العمل وراء الكواليس، ولأنها كانت دائماً واضحة الأهداف والمغازي، وصريحة جداً في توجهاتها، ولأنها لم تتعمد يوماً التخاصم مع أي دولة إلا عندما تنتهج هذه الدولة سياسة العداء وتقوم بممارسات تخالف مبادىء الشرعية الدولية وتلحق الضرر بمصالح ومنافع الدول الأخرى.
ولهذا عندما ساءت علاقة السعودية مع ايران كانت الرياض السباقة في الكشف عن الأسباب وهي متعددة ومتشعبة وتحمل في طياتها الكثير من المخاطر والتحديات .فلقد عمدت ايران الى السعي لامتلاك قدرات نووية من الممكن ان تكون ذات أهداف عسكرية غير آبهة بأمن المنطقة وباستقرارها .وتدخلت بشكل سافر في اليمن والبحرين وفي الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي وضربت بعرض الحائط كل مساعي إيجاد حلول سلمية للجزر العربية المحتلة وللنزاع على مناطق نفطية بحرية مع الكويت .وفرضت وصاية سياسية وأمنية على العراق، وعقدت تحالفات فئوية مع تنظيمات وحركات دينية في مصر ودول أخرى .وكان لها اليد الطولى في سوريا عبر تقديم كل أشكال الدعم للنظام ، ومده بمقاتلين من لبنان والعراق ومن إيران نفسها .ووسعت من دائرة نفوذها وصولاً حتى لبنان مع ما استدعى ذلك من تشكيل منظمات بقدرات عسكرية تفوق قوة لبنان على احتمالها .
لهذه الأسباب التي لا تخفى على أحد حصل التباعد السعودي الإيراني، ولهذه الأسباب أيضاً أقدمت الرياض على اطلاق مبادرتها الرامية الى استقبال وزير خارجية إيران لمباحثته بشأنها والوقوف على رأي طهران من كيفية حل كل هذه الملفات دون ان تقدم الرياض ازاء ذلك أي التزام أو تنازل لأن الطرف الآخر هو من يجب أن يعيد تصويب الكثير من الممارسات.
وبمعنى آخر يمكن القول انها مبادرة اختبار للثقة بإيران بعد ان اهتزت على مدى السنوات الماضية. وحين تستعاد هذه الثقة يمكن الحديث عند ذلك عن إنجازات او عن نجاحات لا تخدم السعودية ودول الخليج وحدها بل كل دول المنطقة العربية والإسلامية.
المصدر : جريدة المدينة