كيف تواجه وتتعامل مع المحققين في المخابرات
مقدمة
للشعوب في البلاد المحتلة والمغتصبة خبرة طويلة تراكمية في أقبية التحقيق، وزنازين الاعتقال وسجون الاحتلال، كذلك فإن للاحتلال مدرسته العنصرية ولطواغيت الحكم في كثير من البلاد أساليبهم الدنيئة أيضًا في التحقيق مع المعتقلين واستخدام مختلف الوسائل للحصول منهم على معلومات، الهدف منها تثبيت إدانتهم بالتهم الموجهة إليهم، ثم استعمال المعلومات التي يحصلون عليها في التحقيق، لكشف جوانب العمل السري المتعلقة برفاقهم، ومحاربة المناضلين الآخرين، وإحباط مقاومتهم.
ومن أجل تثقيف المناضلين، قامت مجموعة من الأسرى الذين خبروا التحقيق والسجون، قبل عدة سنوات، بإصدار كتاب بعنوان، “فلسفة المواجهة وراء القضبان”.
يحدد مجموعة من المفاهيم والبديهيات، ولخص مجموعة من التجارب، ويبين الأساليب المختلفة التي يتعرض لها المعتقلون في المعتقلات، في محاولة منهم لتسليح المناضلين ضدهم، بالمعرفة المسبقة والعلمية حول التحقيق وأساليبه، لمساعدتهم على الصمود والتحدي أمام المحققين، ولحماية المقاومين، وذلك بتعريفهم بما ينتظرهم في أقبية التحقيق، وشرح أفضل الطرق للتعامل مع المحققين، فلا يفاجئون مفاجأة قد تدفعهم إلى الانهيار.
ونلفت انتباه النشطاء، إلى أن الأعداء قد يلجؤون إلى أساليب أخرى غير ما ورد هنا، نظرًا لتمرسهم وإبداعهم وتبادلهم الخبرات في مجال التعذيب والتحقيق، لكننا نؤكد أن قراءة هذه الأوراق المبسطة، تساعد على أن يدرك المعتقل ما يدور حوله خلال التحقيق، وحجم ما يمكن أن يتعرض له، ليستطيع بعد ذلك حماية نفسه من الانهيار.
ومن المهم أن نؤكد “أننا لا نضع أية حقوق ملكية على هذه الدراسة”، تمامًا مثل الذين ألفوا الكتاب الأصلي، ومن الممكن لأي مقاوم أن يصورها ويمررها للآخرين للاستفادة منها، بل إننا نرجوه أن يفعل ذلك.
خطوات الاعتقال
– قد يداهمون بيتك، أو مقر عملك، أو يعتقلونك من الشارع، وإذا طلبوا منك التوقيع على أية ورقة، فلا تفعل ذلك، ولا تقر بتوقيعك أنهم لم يأخذوا شيئًا منك أو من المكان الذي أخذوك منه.
– سيدفعونك بعنف إلى داخل السيارة، وربما يلقونك في صندوق السيارة الخلفي، وربما يمددونك تحت أرجلهم، ويضربونك بالبنادق، ويدوسون عليك، كما يمكن أن يُغموا عينيك ويكبلوا يديك، حتى وصولك إلى مكان الاعتقال، دون أن يخلو الأمر من شتائم وإهانات.
– يسلمونك إلى الجهة التي ستكون مسؤولة عنك خلال التحقيق، حيث يُفك قيدك مؤقتًا، وتُنزع الغمامات عن عينيك، ثم تستبدل ملابسك، وتُفتش وتُصادر أغراضك، وبعضها يوضع في الأمانات. بعد ذلك مباشرة، أو بعد حين، يقص شعرك، ثم تُوضع على صدرك لوحة ثم تصور كالمجرمين من كل الجهات، وتؤخذ بصمات أصابعك جميعها.
– يُعاد تكبيلك وتغميم عينيك، وتُنقل إلى الزنزانة مع الضرب والشتم، وللوصول إلى الزنزانة، يسيرون بك مسافات طويلة جدًا، ويُركبونك في مصاعد ويهبطون ويصعدون أدراجًا متكررة، لخلق حالة من الضياع والتهويل لديك، حيث إنهم يدورون في دوائر محددة، لا تلاحظها بسبب تغميم عينيك.
– يضربونك ويشتمونك قبل بدء التحقيق بطرق مختلفة، ويُسمعونك أنين بعض المعتقلين، وقد يفتحون عينيك في بعض الغرف لترى بعض أدوات التعذيب.
– تُمنع من الكلام ورفع الصوت وقراءة القرآن أو الصلاة بصوت مرتفع ليحافظوا على هدوء سجنهم ويضفوا عليه الرهبة بالصوت الوحيد لطاقات زنازنهم التي تفتح وتغلق كلما مروا بمعتقل من الممرات.
-انشغل بحفظ القرآن ومطالعته والصلاة والعبادة وإذا استطعت أن تغافل الحرس أو تستغل فترة تغيير شفتاتهم أو أوقات رفع صوتهم بالمزاح مع بعضهم أو غير ذلك برفع صوتك ببعض الآيات والعظات تثبت بها إخوانك المعتقلين الآخرين وتكسر بها حاجز الهدوء المصطنع تكون قد حققت نصرًا في الاعتقال.
– قد لا يبدأ التحقيق معك في اليوم الأول أو الثاني، إن الزمن يفقد قيمته عندهم، إلا إذا كانوا هم في عجلة من أمرهم. كل شيء هناك بطيء، فلا تتأثر نفسيا وحافظ على ثباتك وصلابتك التي دفعتك إلى بذل روحك في النضال.
بدايات التحقيق
– يقودونك من الزنزانة مغمم العينين، مكبل اليدين.. محاطًا بحرس، يدفعونك ويجرونك بهمجية.
– قد يمررونك خصيصًا في مناطق تسمع فيها أصوات عذاب وألم وضرب.
– من حقك أن تنام وتأكل وتشرب وتستعمل المرافق الصحية، ولكن هذه الحقوق ليست مضمونة أبدا، فيمنعونك عنها أحيانًا، ويستعملونها للضغط عليك ولمضايقتك، خصوصًا النوم … وعليك أن تصمد.
– تعوَّد على زنزانتك وتآنس فيها وبعبادة ربك وذكره، فزنزانتك بر الأمان المرحلي لك، وفيها ستُعزل عن العالم وعن الأخبار.
– وقد يُسمعونك هم بعض الأخبار التي يريدونها وقد تكون كاذبة فإياك أن تثق بهم، إياك أن تصدق أنك أصبحت وحيدًا، بل عليك أن تتذكر دائمًا أن الله معك بمعية النصرة فقد نصرت دعوته ودينه وجاهدت في سبيله ولينصرن الله من ينصره؛ وتذكر أن إخوانك في الخارج لا ينسونك بالدعاء، وأن الدعوة والمقاومة لا تنقطع باعتقالك، وأن أهلك وإخوانك يهمهم ويرفع معنوياتهم ثباتك وصمودك، ويفعلون المستحيل لإنقاذك وإخراجك.
ثم تبدأ مراحل التحقيق: إنسان ذو قضية، مناضل وحيد صلب عنيد، معزول لا يملك سلاحًا إلا إيمانه وكفى بذلك سلاحًا يقهر به المحتل، وثباته واحتماله وصموده عزة له ولدينه وأن الرب لا يضيع ذلك له، بل محصيه مدخر لأجره وثوابه، وهذا هو أنت، في مواجهة موظف ينتظر راتبه في نهاية الشهر، بلا عقيدة أو مبدأ، يستمد قوته من رتبته وجدران قلعته، ومن أسلحة آلاف الجنود الذين يحيطون به، دون أن يكون لهم أي شأن معك، ومن صلاحيات محددة له لا يستطيع تجاوزها، وهذا: هو المحقق.
المكان: ساحات وأقبية وغرف التحقيق
تارة يحقق معك في غرفة يجلس فيها المحقق إلى مكتب وربما حقق معك وأنت واقف أمامه بعيدًا عن المكتب كي لا تنظر إلى أوراقه بعد نزع العصابة عن عينيك وربما حقق معك وأنت مُغمى العينين في بعض الأوقات وربما أجلسك على كرسي مقابل له بعيدًا عن مكتبه.. وربما حقق معك في ساحة التعذيب ويتعمد أن يريك العصي المكسرة على أرجل أخرى والعصي الأخرى التي تنتظرك وأدوات التعذيب ويتجاذبك جنودهم ويسبونك ويهددونك وقد يكونون في هذه الأوقات مقنعين كي يدخلوا الخوف إلى نفسك فلا تخشهم وتذكر أنهم جميعًا ذباب ولا يساوون عند الله جناح بعوض لأنهم لا مبدأ لهم ولا عقيدة ولا غاية إلا راتبهم ورضى أسيادهم.
لا تخش كثرتهم فهم همج الورى وذبابه
وتأكد أنك أعظم وأقوى منهم في نفوسهم فهم يعرفون في قرارة أنفسهم حقارتهم ويعلمون عزتك وإن كتموا ذلك عنك، لأنك صاحب مبدأ وعقيدة وأنك مهما كنت وحيدًا فأنت عزيز بعقيدتك ولذلك فهم مهزومون نفسيًا أمامك وإن أساؤوا أدبهم وتطاولوا عليك إرضاء لأسيادهم.
التحقيق والمحققون
– الامتناع عن كتابة الإفادة بداية التمرد والتحدي.
– كل المعلومات مهما صغرت أو بدت لك تافهة، تكون هامة بالنسبة للمحقق.
– تذكر أن للتحقيق نهاية مهما طال، وأنه سيصبح ذكريات، فاجعله ينتهي دون اعتراف ودون استسلام.
– في أول لقاء، يكون المحقق قد جمع عنك بعض المعلومات، تنبه: هذا لا يعني أنه يعرف كل شيء، لكنه يحاول أن يوحي بذلك خلال التحقيق. إنه لا يستطيع معرفة وضعك النفسي، لكنه يحاول أن يفهمه من تصرفاتك وردود فعلك. إنه لا يعرفك، ومن أهدافه الحقيقية، التعرف على شخصيتك لفهمها، وهو بحاجة لهذه المعرفة لبناء خططه لمهاجمتك وتفسيخ ثقتك بنفسك لتوصيلك إلى الطاعة والتعاون. إنه لا يعرف إن كنت ستصمد أو تنهار، فاخلق عنده فكرة صمودك وصلابتك من البداية، ولا تقدم له ما يفيد خططه.
– لا تنس أن رجل التحقيق موظف بأجر، ويعتبر التحقيق معك عملاً روتينيًا، وقوته نابعة من صلاحياته لا من شخصيته وأنه يمل ويتعب، بينما تمثل أنت القطب المقابل، وقوتك ناتجة عن إيمانك، كما أن الرب هو المطلع على أحوالك في كل لحظة في الزنزانة وفي الساحة وفي مكاتب التحقيق ولذلك فأنت تنتظر أجره وحده ولا تنتظر أجرًا من أحد من البشر، لهذا كن أقوى لأنك فعلاً أقوى.
– تأكد أن الصراع بينك وبين المحقق لا يحسم إلا في نهاية التحقيق، وحسمه يعتمد على صلابتك، ونجاح المحقق يعني سيطرته عليك وعلى زملائك وعلى قضيتك واثبت فأنت على ثغرة.
– تذكر دائمًا أن المحقق لا يمكن أن يكون صديقًا، ولا رؤوفا بك، فهو وحش وعدو، لكنه قادر بحكم صلاحياته، أن يبدل لونه وأسلوبه؛ فلا تثق بوعوده وعهوده وإياك أن تصدقه وتسلم بكلامه ولو حلف لك الأيمان المغلظة.
فشل ونجاح المحقق
مبدأ هام: الأغبياء فقط يصدقون المحققين
– لا تقاطع المحقق أبدًا خلال التحقيق، فهو لا يعنيك.
مبدأ هام: المحقق قابل للتضليل بسهولة.
– ولا تحزن أو تغير طريقتك إذا اكتشفوا أنك تكذب ولو وصفوك بالشيخ الكذاب أو الدجال أو غير ذلك فأنت لا يهمك احترامهم، بل يهمك عقيدتك ونزالك وزملاؤك وثق تمامًا أنهم في قرارة أنفسهم يحترمون صمودك وثباتك ولو كذبت عليهم ويحتقرون من يفشي أسرار إخوانه ويسلمهم لهم ولو أظهروا له الاحترام والتكريم.
– إذا اجتزت التحقيق بسلام فإنك تزداد صلابة وقوة واحترامًا.
– إذا فشل المحقق في نقطة ما، فهو يعود للتجربة مرة أخرى، ودائمًا يحاول المحاولة الأخيرة، فاجعلها تفشل.
– إذا استبدلوا محققًا بعد فشله معك بمحقق آخر، أي إذا استبدلوا موظفا بموظف آخر، فإن هذا يحصل بسبب نجاحك، والمحقق الثاني سيبدأ ضعيفا بسبب فشل المحقق الأول، فضاعف صمودك، لأن المحققين يتراجعون أمام مناضل صلب لا يلين.
– وسائل المحقق تجريبية، وأنت من يقرر فشلها أو نجاحها.
– عند فشل التحقيق مع أحد المناضلين الصامدين، قد يدفع به إلى السجن، مع موقوفين آخرين، وقد تتاح له فرصة الاحتكاك مع أسرى آخرين، بوجود بعض الجواسيس، فربما يكشف خلال الحديث معهم، بعض المعلومات السرية.
مجريات وأساليب التحقيق
– المحقق يعمل دائمًا وفق طرق محددة ومنهج محدد، وليس لديه مبادرات ذاتية، ويحاول أن يظهر لك أنه عالم نفس ليضمن تفوقه عليك، بينما أنت حر في اختيار وسائلك، فأفشل طرقه وتمرد، وابق دائمًا متفوقًا عليه.
– يقول المحقق لك إنه قادر على إطالة التحقيق كما يريد وهو كاذب بذلك، لأن صلاحياته محدودة، وهو ليس حرًا ليفعل ما يريد. ويدعي أن رضاه عنك هو الخير لك؛ إنه يكذب، وعندما تصدقه في أية مرحلة، تقع في المصيدة.
– قد يفتح المحقق معك، بعض المواضيع الهامشية والعامة، ويمكنه أن يستنتج منها بعض المعلومات التي يستخدمها ضدك وضد غيرك من المناضلين دون أن تلاحظ أنت. فلا تتحدث معه حتى لا تمنحه هذه الفرصة.
– وإذا رآك متشددًا في البوح بأسرار بعض اللقاءات والجلسات ربما حاول أن يسألك عن بعض الأسئلة التافهة في نظرك مثل نوع الطعام أو الشراب الذي شربتموه في الجلسة – شاي قهوة أوغيره – إياك أن تتساهل بهكذا معلومات وحاول تضليله حتى فيها لأنها إن كانت صحيحة فسيوقع بها غيرك ويلجئه للاعتراف بالمعلومات المهمة التي رفضت أنت أن تعترف بها وذلك بأن يوهمه بأنه يعرف كل شيء دار بتلك الجلسة حتى الشاي أو اليانسون الذي شربتموه فيها أو الطعام المحدد الذي أكلتموه؛ فربما ينطلي ذلك الكذب على الأخ وينهار ويعترف بما يريده المحقق ظانًا أن من سبقوه اعترفوا بكل شيء ولم يكتموا حتى نوع الشراب أو الطعام .. والحقيقة أنه هو الذي وقع في المصيدة. فتنبه لهذه المصيدة وإياك أن تفرط بأية معلومة ولو كانت تافهة في نظرك فلا يوجد شيء تافه في التحقي.
– المحقق يعود للمسائل التي يتجاوزها من حين لآخر، ليوقعك في الخطأ والتناقض، فكن حذرًا.
– يجب ألا يخيفك أو يقلقك إحضار الأقارب واستعمالهم للضغط عليك خلال التحقيق، بل ربما يدعون أنهم إعتقلوا إخوانك بل وزوجتك وأولادك وغير ذلك من أساليبهم القذرة فلا تكترث بذلك وتوكل على ربك فلن يضيعك بل سيحفظك ويحفظ أهلك بحفظك لدينه ودعوته وأسرار رفاقك.
– يتبادل الأدوار في التحقيق، محققون شرسون، وآخرون لطفاء، عليك ألا تنخدع وألا تكترث بذلك، ولا تتعامل مع أي منهم على أساس أنه لطيف معك، فهم جميعا مجرمون وهم في داخلهم جميعًا متشابهون وهدفهم واحد، هو إسقاطك. ولن يرضوا عنك أبدًا حتى تبيع دينك ونضالك وتصير ذنبًا لهم وسيحتقرونك بذلك حتى وهم راضون عنك.
– يلجأ المحقق إلى تبسيط التهمة وتقليل شأن عواقب اعترافك وأنه سيساعدك، ويدعي أن ما يقوم به ليس تحقيقي ولكنه مجرد دردشة أوعمل روتيني لإقفال الملف. كن حذرًا لأنه في ذلك يريد أن يصطادك، فلا تصدقه أبدًا.
– يحاول المحقق أن يجعلك تهتم بخلاصك الذاتي، ويوهمك أن التحقيق هو نهاية المطاف، وأن تعاونك هو خلاصك. إنه ينصب لك مصيدة، فكن حذرًا..
– يلجأ المحقق إلى التشكيك بالمقاومة والطعن بالقيادات والزملاء والرفاق وأهلك وأقاربك، وزعزعة علاقتك مع رفاقك المناضلين، بكل وسائل التشكيك الممكنة، فلا تسمح له. ولا تصدقه إذا قال إن رفاقك هم الذين وشوا بك. ولتكن إجابتك إما الصمت، أو الإصرار على عدم وجود علاقة لك بهذا التنظيم أو تلك الأفراد.
– من وسائل المحقق الاستخفاف بالمقاوم قائلا له “أنت لا شيء” ونحو ذلك من الإهانات والسباب الفاحش والبذيء الممتليء به قاموسهم النتن، فتحمل الإهانة لأن القصد منها استفزازك للاعتراف.
- لا يحترم المحققون أية عقيدة أو دين، ولذلك يدسون عناصر في ثوب ديني أو محققين قد درسوا دراسات دينية لتشكيك المعتقلين بجواز ما يفعلون دينيًا، كما يهاجمون مسلكيات بعضهم لإثارة الفتنة والخلافات بين المعتقلين.
- قد يضربك المحقق لأي سبب تافه، أو إذا جلست أو وقفت، والسبب الحقيقي للضرب يكون إما إحساسه بالفشل أو إحساسه أنك تخاف من الضرب، فيحاول أن يجبرك على الطاعة والتعاون بالقوة.
من وسائل المحقق
-عزلك عن العالم وعن الآخرين، والإيحاء لك أن التحقيق أبدي، والتهديدات المختلفة والأسئلة السريعة المتلاحقة والشتائم والضرب على أماكن حساسة والشبح أي التعليق واقفًا والوقوف عدة أيام وليالي وعدم النوم عدة أيام، كل ذلك لخلق انفعالات لديك، تؤدي إلى إرهاق الدماغ، الذي يؤدي إلى إضعاف النشاط المخي الواعي، والإخلال بالتوازن الجسماني، إلى درجة تجعل الدماغ يتوقف تلقائيًا عن النشاط والعمل للاستراحة ولو لعدة ثوانٍ، ويضعف الدماغ خلال هذه الاستراحة التي يحاول المحقق توصيله إليها، لاستغلالها بالانقضاض على شخص منهك، والضغط عليه وابتزازه لأخذ المعلومات منه… لا تستسلم أبدًا ولا تخف من هذه الحالة لأنها تزول، ولا تتحدث خلالها مع المحقق، بل إذكر ربك واعتصم به وتذكر أن زملاءك ورفاقك يهمهم صمودك ويعتمدون عليه.
– يستعمل المحقق أيضًا، لغايات إرهاق الدماغ، الأساليب العصبية مثل الضرب بشدة على رؤوس أصابع اليدين والقدمين والشفاه والآذان والأعضاء الجنسية وشد الشعر، كما ينقل الضرب من مكان إلى آخر بشكل مستمر لإثارة جو من الإرهاب والتشكيك والإرهاق للدماغ، والمؤثرات النفسية. كل ذلك له نهاية، فهو إنسان ويمل كما تمل ويتعب كما تتعب ويألم كما تألم، ونهايته تعتمد على صمودك أنت فقط.
– تذكر أنه على المحقق في النهاية، أن يقرر إما أن المعتقل بريء، أو أنه صامد مصمم على عدم قول أي شيء حتى بوجود الأدلة والمواجهات، أو أنه ضعيف خائن لرفاقه، إنها الخيارات الثلاثة الوحيدة أمامه، فلا تكن ثالثها.
الصمود والتعذيب
ومهما كانت ثقافة المعتقل وعلمه فالصمود ممكن، لأن الصمود لا يحتاج إلى شهادات جامعية، اذن للصمود والتغلب على الانهيار:
– ثق دائمًا بربك وبأنك عبد من عبيده ما نقموا منك إلا نصرتك لدينه وأنه حافظك بحفظك لدينه، وتذكر قبل التفكير بمصيرك، أن صمودك يثبت إخوانك المناضلين في الداخل والخارج، ويجنبهم الاعتقال الذي يتعرضون له بسبب اعترافك، وتذكر من صمدوا قبلك، من المناضلين فلست وحدك في هذه الطريق، وتذكر أن الانهيار سيجعلك جبانًا خائنًا يحتقرك حتى أعداؤك.
– إذا كنت مستعدًا للقتال والشهادة بالرصاص في الشارع والجبل من أجل وطنك وكنت تبحث عن الشهادة في مظانها قبل الاعتقال، فلم تسقط خلال التحقيق أوفي المعتقل فالشهادة بابها مفتوح هنا أو هناك، وإذا كنت قد سلكت هذه الطريق وقد جعلت نصب عينيك إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة فكيف تنهار تحت ضربات بعض العصي غير القاتلة، بل حتى ولو كانت قاتلة! وإذا حصلت على شرف الاستشهاد، وهو قليل الحصول في التحقيق، فإن الاستشهاد كان أمنيك من قبل وسيجعل منك قدوة في الثبات لإخوانك.
– التحقيق هو المرحلة الوحيدة من النضال التي لا تكون فيها تحت الخطر إذا صمدت، فخطر الضرب والتعذيب لا يقارن بالرصاص والمواجهة.
– التحقيق معركة، وما يقرر نتائجها هو إرادة المقاتل التي تعتمد على شخصيته وإيمانه وثباته.. والصلابة والصمود والثبات ينالهما من الله والاعتصام به وتذكر وعده للمؤمنين في الدنيا والآخرة، والتحلي بذلك يعينه على الثبات ويدفع المحقق إلى الإفلاس والهزيمة.
– تذكر أن بين النصر والهزيمة صبر ساعة، وتذكر قول القائل “يا أقدام الصبر احملي بقي القليل”.
– التحدي مرة يقودك إلى استمرار التحدي والانتصار، وهزيمة المحقق لا تكون إلا بالتمرد والتحدي، فواجه أي هجمة منه بهما، فتضعفها وتحبطها.
– الضعفاء يفضلون أنفسهم على إخوانهم، ويتجنبون التحدي لضمان النجاة، لكنهم لا ينجون بعد السقوط والاعتراف، بل يحترقون ويحرقون غيرهم معهم.
– إذا حدث وانهرت لأي سبب، فارجع للتمرد مباشرة قبل أن يتحول الانهيار إلى سلسلة انهيارات وإلى كارثة عليك وعلى إخوانك.
– السقوط هو فقدان كل رصيدك النضالي، وهو انتقالك إلى صف الأعداء، مع دفع الثمن أيضًا، لأنك ستدان وتحكم، ويقال عنك “إنك حتى لو لم تكن عميلاً، إلا أنك اعترفت واستعملت كالعملاء، فأحبطت نضال إخوانك واعتقلوا بسببك”.
- إذا اعترفت سيعاقبونك وسيعاقب من تعترف عليهم، وإذا صمدت يعذبونك مدة محدودة، ولا يعاقب أحد إذا لم تتوفر الإدانة.
– إن الصبر مسألة إرادية وليست جسدية، ونفاد الصبر أيضًا مسألة إرادية.
– لا تقبل أن تشهد ضد آخرين، فالاعتقال لا يلزمك بالشهادة على غيرك.
– حول أي مواجهة مع زميل معتقل، إلى حافز للصمود والثبات لكما، وإذا واجهوك بمعتقل معترف، فأظهر له ثباتك شجعه بذلك على العودة إلى الثبات.
– رد الفعل الصحيح على كل أنواع التهديد هو الثبات والصمود، حتى على التهديد بالاعتداء على العرض، وإذا هددوا بالاعتداء على أهلك، اعرف أن لهم حدودا لا يستطيعون تجاوزها، وأن الاعتراف لحمايتهم لن يحميهم بل سيتسلطون على هذا الباب ويضغطون عليه زيادة إذا عرفوا أنه يدفعك إلى الاعتراف، فالاعتراف لن ينجيهم بل سيجعلهم ضحايا لمزيد من الاعترافات.
– تذكر أن التحقيق هو تكثيف لحالة صراع بين مناضل صاحب عقيدة، وبين رجال التحقيق وهم موظفون لا دافع لعملهم إلا الراتب وإن وجد فهو الولاء الباطل للنظام المحتل، وتذكر أن الانتصار حتمًا لصاحب الحق الأقوى عقائديًا. وأنك أنت الأقوى عقائديًا فيجب أن تنتصر.
– التحقيق هو أحد جوانب وأشكال المعركة التي تدور رحاها في الشوارع والسجون، ويجب أن تنتصر بها لأنها تعتمد على ثباتك وصلابتك وثقتك بمولاك.
– جهاز كشف الكذب خدعة، ويمكن تضليله بسهولة، وذلك بتحريك القدمين أو الأكتاف مع أية إجابة تضليلية على أسئلة المحقق، وبالتفكير المستمر خلال الجلسة بأمور مزعجة تؤدي بك إلى الضيق والحزن، فلا يعود الجهاز قادرًا على التمييز بين قلقك وإجاباتك التضليلية.
بعض أساليب التعذيب والضغط والحرب النفسية خلال التحقيق
– التعذيب ليس هدفًا لذاته، بل اعترافك هو الهدف من التعذيب.
– تأكد تمامًا أن الأضرار الجسدية المحتملة في التحقيق، تصيب المنهارين والمعترفين بنفس القدر الذي يصيبك ويضاف إليها الحسرة والإحباط الذي يحصل مع الانهيار والاعتراف، فالصمود مع بعض الأضرار مع لذة الانتصار، أشرف من السقوط مع نفس الأضرار مع مرارة ومذلة الانهيار وربما التورط في قضايا وأحكام كبيرة بسبب الاعتراف، فاختر أقل المفسدتين.
من أساليب الضغط
– إحضار بعض الاهل، والتهديد بالاعتداء على أي منهم، إن الانهيار لا يحميهم، بل يزيد احتمال الاعتداء عليهم وعلى غيرهم للحصول على مزيد من المعلومات منك، وينحصر الاعتداء إن حصل على محددين منهم إذا لم تنهار أمام التهديد، فاختر أدنى المفسدتين.
– سيشن المحقق عليك حربًا نفسية توحي لك أن الصمود أمامهم مستحيل، وأن الجميع يعترفون، وأنك لا تختلف عن الذين اعترفوا، بالقوة أو بالحسنى، ثم يقول لك: “تكلم أحسن لك، لتستريح من العذاب”، وهو بذلك يحاول أن يخلق وهما يبدو معقولا، ويستعمل أمثلة ونماذج منهارة، لوضعك تحت فكرة: “ما دام غيري قد تكلم، فأنا سأتكلم” … هذا الأسلوب لا ينجح إلا مع الضعفاء، فلا تكن واحدًا منهم.
– عليك أن تعي أن الضرب حتمي، فارفض الاعتراف لأن قبوله لن يحميك من الضرب، بل ستنال المزيد منه ليحصلوا على المزيد من الاعترافات.
– مهما استخدموا ضدك من أدلة أو وشايات عملاء أو اعترافات آخرين، يجب الصمود، ومهما كانت الأدلة المقدمة ضدك بوسعك ردها والالتفاف حولها والخروج من المأزق بشرف، فاعترافك وتصديقك على اعترافات الآخرين هو فقط الذي يدينك أما اعتراف متهم على متهم فمن أضعف البينات … حتى لو قالوا لك كجزء من الحرب النفسية، أن المسؤولين عنك أو زملائك انهاروا، أو شاهدت بعضهم فعلا ينهار، فعليك بالصمود، فسقوط مسؤول مهما كان موقعه لا يعني سقوط النضال، واعترافك على نفسك هو سيد الأدلة في محاكمهم بخلاف اعتراف غيرك عليك فلا تلتفت إليه وإياك أن يدفعك إلى الاعتراف.
– كلما تقف بصلابة عند مسألة، سيوقفها المحقق وينتقل إلى غيرها إلى أن يفشل.
– الانهيار تحت الضرب يشجع المحقق على مزيد من الضرب لتحقيق المزيد من الانهيار ـ والانهيار هو حالة انسجام مع العدو الذي يأمر المنهار فيطيع، ويضربه فيركع، ويسأله فيجيب، فيخضع بذلك لسلطة الجلاد خضوعا تاما. وبعد انتصار المحقق، يستمر الضرب للإذلال أو لدفع المنهار إلى تنفيذ أوامر أخرى مثل إقناع رفاق بالاعتراف، أو غير ذلك.
– من الوسائل التي يمكن أن يفاجئك بها المحقق، التهديد باستعمال جهاز كشف الكذب أو اللجوء إلى التنويم المغناطيسي، تأكد أن هاتين الوسيلتين لا تشكلان أي خطر عليك، كما انهما تستخدمان لأسباب نفسية فقط، أي لتخويفك إذا كنت لا تعرف شيئا عنهما.
-إن التنويم المغناطيسي يحتاج إلى موافقتك حتى ينجح به المنوم، وبإمكانك التمرد عليه، ويجب أن تعرف أنه لا يمكن أن يجبر أي إنسان على الاعتراف بأي شيء خلال التنويم المغناطيسي، وإذا قالوا لك إنك اعترفت خلال النوم، تأكد أنهم كاذبون، وأنهم فقط يريدون منك تأكيدًا لمعلومات معينة يدعون أنك قلتها خلال النوم، بينما هي من مخبريهم أو من افتراضاتهم.
– جهاز كشف الكذب خدعة، وهو يعتمد على اكتشاف بعض الانفعالات عندك عندما تقدم معلومة غير صحيحة – للتضليل -، ويمكن تضليل هذا الجهاز بسهولة، وذلك بالشد على عضلات القدمين أو الأكتاف مع أية إجابة تضليلية على أسئلة المحقق، أو بالتفكير المستمر خلال الجلسة بأمور مؤلمة ومحزنة، تسبب لك انفعالات ملحوظة، مثل استذكار الأصدقاء الشهداء، أو الأهل والأطفال … فلا يعود الجهاز قادرًا على التمييز بين قلقك هذا وإجاباتك التضليلية.
– ليس هناك حالة وحيدة كشفت فيها الأسرار تحت الغيبوبة أو تحت التخدير، أو التنويم، فلا تصدقهم إذا قالوا إنك اعترفت خلال الغيبوبة، أو خلال التنويم المغناطيسي.
– يعرض المحقق حاستي السمع والنظر لديك، إلى مؤثرات مزعجة، مثل الأصوات الرتيبة المستمرة أو العالية المزعجة، والأضواء الباهرة، ومناظر تعذيب الآخرين للتأثير على حالتك العصبية، كل ذلك يجب ألا يؤثر عليك، وصمودك يلغي تأثيره بالكامل، وخصوصًا إذا كنت تتوقع ذلك سلفًا.
– قد يمنعونك عدة أيام من النوم، بالتناوب على التحقيق معك، أو بتسهيرك في الزنزانة ومنعك من الجلوس. وقبل ذلك أو أثنائه يتدخل المحقق للمساومة بعرض السماح بالنوم مقابل الوعد بالاعتراف. عليك أن تعرف أن النوم سيحصل رغم أنف المحقق، دون أي خطر على الحياة، إما على شكل غفوة، أو على شكل غيبوبة، ولا تصدق وواصل الصمود والثبات الذي يفشل مخطط المحقق، ولا يجب أن تخضع لأية مساومة مقابل السماح لك بالنوم. كل ذلك يجب ألا يدفعك للاعتراف.
– إن مجرد إعطاء الوعد بأي شيء تحت التعذيب لتخفيف وطأته، يساوي الخضوع، ويشجع المحقق على التمادي بالتعذيب، حتى لو أوقفه أحيانًا لتحصيل بعض الاعترافات … إن المحقق سيصر على مطالبتك بالوفاء بالوعد.
– قد يحشرك المحقق في زنزانة ضيقة وقذرة، مع معتقلين آخرين في ظروف سيئة جدًا، حشرًا مثل علب السردين، في وضع لا يسمح بالجلوس أو النوم ولا حتى بالتناوب، لعدة أيام، دون تهوية، مع العرق، وبدون تنظيف للفضلات، مع رش المحبوسين بمبيدات الحشرات ذات الرائحة الكريهة وشتمهم بشكل مستمر، مع إسماعهم أصواتًا مزعجة مستمرة، وتركهم بدون ماء أو طعام، وإذا كنت أنت وحدك المستهدف من عملية الحشر هذه، لإخضاعك، يطلب منك المحشورون معك أن تعترف لإنقاذهم من الوضع القاسي، وقد يمارسون عليك الضغوط والتهديدات، وقد يدس المحققون بين المحشورين، بعض العملاء الذين يحبطون من عزيمتك، بتكرار القول أنهم أصبحوا مستعدين للاعتراف، وأن الوضع لا يطاق. كل ذلك ليخلقوا لديك التفسخ والانهيار. إن عدم الانهيار بعد هذه العملية، تجعل المحققين يشكون في جدوى كل التحقيق معك من حيث المبدأ.
– قد يوجهون لك بعض الشتائم والإهانات خلال التحقيق، فتذكر أن الخزي ليس في أن تسمع شتيمة داخل غرف التحقيق، من محقق نذل، بل الخزي هو في الاعتراف والانهيار، وتعريض نضالك ودعوتك ورفاقك للخطر.
– تذكر كل لحظة، أن التحقيق سينتهي والتعذيب سينتهي، وأنك ستبقى بعد ذلك، إما حقيرًا منهارًا معترفًا خائنًا محكومًا بالسجن لأنك مدان، أو بطلاً صامدًا قدوة يفتخر بك إخوانك وأولادك. اجعل التجربة تنتهي، بصلابتك، دون تقديم معلومات ودون استسلام.
دور العملاء خلال التحقيق
حقيقة بديهية: وجود النضال يعني وجود قمع مضاد يعني وجود مخابرات يعني وجود عملاء.
– المتساقط مطية حقيرة لرجال مخابرات العدو، وحذاء يستعملونه ثم يلقونه ويستبدلونه بآخر بعد أن ينتهي دوره ويمكن لهم أن يوظفوه في أي موقع، أو لأية مهمة قذرة يريدونها، رغم أنهم يعصرونه ويلقون به إلى المزابل بعد كل استعمال.
– هدف العميل في حياته هو الاستجابة لكل ما يطلبه منه رجال المخابرات، الذين يضعونه دومًا في حالة الخوف من فضحه وكشفه للمجتمع ولأهله، أو حبسه أو قتله إذا تهاون في التعاون معهم.
– قد تبدأ المخابرات بعلاقة متوازنة مع العميل، حتى يتورط، فتحيله فورًا إلى مطية حقيرة، وتلغي كل التزامات عليها تجاهه – كما حصل مع كثير من العملاء.
– تستمر مخابرات العدو في عملية إسقاط العميل خلقيًا واجتماعيًا، حتى يشعر بالغربة عن رفاقه وعن مجتمعه، لأن هذا النوع هو الذي تضمن ولاءه لها، وتحوله إلى شخص لا يهتم إلا بتحصيل بعض المال منها، والحصول على رضاها.
– تستعمل مخابرات العدو عدة وسائل للإيقاع بالعدو، ولا تبالي بقذارتها منها المال ومنح جواز سفر وحمل سلاح في جيبه، وتوفير سبل الدعارة له، وقد يورط في فضائح من هذا القبيل ويصور ثم تستعمل الصور للضغط عليه والتهديد بالفضائح التي لا يمكن مواجهتها.
– يستعمل العملاء للمواجهة مع المناضلين المعتقلين، بوصفهم منهم، ويمثلون خلال المواجهة، الأدوار المطلوبة منهم مثل التساقط، والاعتراف بما لديهم من معلومات، والقيام بكل الأدوار الرخيصة لتثبيط عزم المناضلين.
– يندس بعض العملاء على المعتقلين في زنزاناتهم، على أنهم مناضلون، ويمثلون إما دور البطل الثابت لكسب الثقة وجمع المعلومات، أو دور المتساقط لإضعاف وخلخلة الوضع النفسي للمناضل، أو دور البريء الذي سيخرج إلى الحرية بعد مدة قصيرة لعدم وجود أدلة عليه، ويقدم خدماته للمناضل ويسأله إذا كان يريد أن يحمله أية رسالة إلى رفاقه خارج السجن، في محاولة من المحققين لمعرفة علاقات الماضل التنظيمية واتصالاته.
من مهام العملاء خلال التحقيق وفي السجون وخارجها
– تجميع المعلومات عن المعتقلين للاستفادة منها في التحقيق.
– يجري دسهم على المعتقلين إما للتجسس عليهم، أو لإحباطهم وتيئيسهم.
– ينخرطون في صفوف العمل النضالي، وإذا نجح أي منهم بذلك، فإنه سيحصل على معلومات مهمة ومؤكدة عن الأشخاص الذين يتعامل معهم، وعن المعتقلين.
– الدس بين التجمعات المختلفة في السجون، لدفعهم للخلافات والشحناء والبغضاء والاقتتال.
– الوصول إلى مواقع عليا في المجموعات النضالية والتقرب منها لاستغلالها في جمع المعلومات وإحداث الفتن وحرق المناضلين الموثوقين والتشكيك بهم وبأخلاقياتهم، وطلب المعلومات عن المعتقلين والمساجين الجدد لتقديمها للأعداء.
– تأجيج الخلافات والنزاعات بين المساجين لشغلهم عن الصراع مع العدو، ولتبرير تصرفات إدارة السجون القمعية معه.
– قد يحتاج بعض المسؤولين القياديين في السجن إلى مرافقين لأداء مهام مختلفة، فيحاول العملاء الوصول إلى هذه المواقع، ويحسنون أداء الدور فيها لكشف كل الاتصالات والأعمال ذات الطابع السري.
– مع أي مشارك لك في الزنزانة أو مع أي شخص تقابله خلال مراحل التحقيق، حافظ على أسرارك ومعلوماتك لنفسك، حيث لا مجال للثقة بأي إنسان في مثل هذا المكان … وقد قيل “إذا ضاق صدرك عن سرك فلا تلومن غيرك” وإذا كان مناضلاً صادقًا، فإنه لن يلومك بإخفاء الأسرار عنه لأنه يتفهم الأسباب، وهو أصلا ليس بحاجة لها وأفضل له ألا يعرف مزيدًا من الأسرار التي قد تصبح عبئًا عليه في السجن وتحت وطأة التعذيب.
-احذر المتساقطين في أقبية التحقيق، لأن من يجند في أقبية التحقيق، أكثر خطرًا ممن يجند خارجها، مع العلم أن بعض هؤلاء يجندون مقابل وعود تافهة بتحسين المعاملة أو وعدهم بالسماح بزيارات ورسائل أهلهم أوإعطائهم بعض السجائر، أو وعدهم بتخفيف الحكم إذا قدموا خدمات تستحق ذلك.
– أما مرحلة ما بعد التحقيق، فإن إخفاء المعلومات فيها لا يقل أهمية عن إخفائها في مرحلة التحقيق. وهناك حالات كثيرة تمكن العدو من الحصول فيها على معلومات في ساحات السجن، لم يتمكن من الحصول عليها خلال التحقيق وتحت التعذيب.
الاعتراف
– كل ما يدور في أقبية التحقيق، وكل الجنود والأقسام وأجهزة المخابرات، هدفها الحصول على اعترافك، لإدانتك وتبرير معاقبتك بالحبس أو غيره.
– تذكر أن التحقيق والألم ينتهيان ويصبحان ذكرى، فإما أن تجعل ذلك ذكرى فخر وشرف بصمودك وثباتك، وإما أن يصبح ذكرى خزي وعار باعترافك وانهيارك وتبوء بإثمك ووزرك.
– الانهيار والاعتراف حالة هزيمة واستسلام وتخاذل غير مبررة، تعبر عن ضعف المعتقل وانتصار المحقق عليه، وعن تحوله إلي مجند لصالح مخابرات العدو ولو لفترة محدودة هي فترة التحقيق التي هي كافية لإلحاق أشد الأضرار بالنضال؛ كما يساويان الخيانة مهما كانت مبرراتهما، حتى ولو تحت أقسى أشكال التعذيب. وتذكر وتأكد أن اعترافك لن يحميك، بل يدينك من لسانك، ويؤدي إلى ضرب نضالك من الداخل، وهذا أشد خطرًا من العدو الخارجي، بالإضافة إلى ضربك أنت.
– إن أي اعتراف تحت التعذيب، يؤدي إلى المزيد من التعذيب للحصول على المزيد من الاعترافات، لأن المحقق سيفهم أنك تعترف بسبب التعذيب الذي لا تتحمله. كما أن الاعتراف بالنسبة للمحقق بغض النظر عن الطريقة التي حصل بها عليه، يمثل بداية سلسلة طويلة من التحقيقات والضغوط. ولا يجوز التعلل بأي سبب لتبرير الاعتراف مثل نفاذ الصبر من التعذيب، وعدم تحمله، أو التعلل باعترافات الآخرين أوبوجود الأدلة والمستمسكات الحاسمة عليك، لأن كل هذه الأسباب لا تبرر ما سيحصل لك ولإخوانك بسببها.
– من نتائج الاعتراف والسقوط أن تواجه برفاق يعتقلون بسبب انهيارك، على المناضل ألا يخذل إخوانه أو يخونهم، وأن يقدم دائمًا مصلحة الوطن على مصالحه الشخصية ولحذر من الانجراف إلى الدائرة الذاتية والفردية التي يسحبه المحقق إليها.
– الاعتراف الجزئي بداية للاعتراف الكامل، بل هو بداية الانهيار، فالصمود يجب أن يكون كليا، مما يعني إخفاء كل شيء. كما أن الاعتراف الجزئي هو بداية الخيط الذي يمسك به المحقق، ويحلله ولن يتركه ويمكن أن يصل من خلاله إلى معلومات أخرى لم تفكر أنت بها.
– ويجب أن تدرك أن الانهيار والاعتراف لا يكونان إلا إراديين وذاتيين، وأنه يؤدي إلى كوارث ومفاسد لك ولإخوانك، تفوق أية كارثة يمكن أن تنتج لك عن التعذيب بكل وسائله وأساليبه.
حقيقة هامة
الاعتراف يؤدي إلى الإدانة فالحكم فالسجن، والإضرار بالمقاومين والمناضلين، بينما الصمود يؤدي إلى التوقيف المؤقت في الزنازين أو التوقيف الإداري فقط.
– تذكر أن الكثير من إخوانك لم يعترفوا، لأنهم رجال وأبطال فكن منهم، إن كل الاعترافات التي حصلت حتى الآن، قال أصحابها أنه كان بإمكانهم تجنبها بشيء من الثبات وببعض الصمود.
– سيحاول المحقق استثارة عواطفك وأن يشرح لك أن اعترافك لا يشكل أي خطر، وأنها مجرد إجراءات روتينية، لإغلاق الملف، ثم الإفراج عنك، كل هذا كذب وإياك أن تصدق أي وعد من المحقق أو أن تثق بأحد من المحققين أوالحراس أو غيرهم داخل السجن.
– معظم المعلومات التي يقولها لك المحققون تكون افتراضية، وناقصة يستكملونها من تعاونك واعترافاتك، أو من حديثك الذي تعتقد أنه غير مهم، وعندما يقولون لك أنهم يعرفون كل شيء، اسأل نفسك هذا السؤال: “ماداموا يعرفون كل شيء، لماذا يريدون اعترافي؟”، إنهم يريدون اعترافك لإدانتك، وللتأكد من صحة المعلومات التي يملكونها والتي يريدون تأكيدها من فمك أو إكمالها، لذلك عليك ألا تكترث بأية معلومات يكشفونها، حتى لو كانت صحيحة، فبالنسبة لهم، هناك فرق كبير بين معلومات تعتمد على الوشايات ومعلومات تعتمد على اعترافك المباشر.
– إذا سألك المحقق عن رفاقك الطلقاء أو المعتقلين، فارفض الإقرار بوجود أي علاقة بينك وبينهم، وأصر على عدم وجود أية معرفة حتى لو كان المحقق يعرف أنهم أصدقاؤك. كما أن التهمة التي يمكن أن تضاف إليك إذا اعترفت عن فعل غيرك، هي تهمة عدم الإخبار، أو الاشتراك بالفعل وتحاكم لأجل ذلك وتسجن.
– إذا لم تتمكن لأي سبب من نفي علاقتك بأحد الأدلة التي وجدت بحوزتك، فلا داعي للاعتراف عن مصدر هذه الأدلة، ولا عن الهدف من وجودها، ولا عن أي شيء آخر… غير أننا نؤكد لك أنك بمجهود ذهني بسيط، يمكن دائمًا أن تبرر وجود أي أدلة والخلاص من تبعاتها. طبعًا يجب الإصرار والصمود.
– خلال الاعتقال أو السجن، احذر البوح بأية معلومات لشركائك في السجن أو الزنزانة، لأن بعضهم قد يكون مدسوسًا، وبعضهم يكون منهارًا خطرًا، كما أن المناضل الصادق المعتقل معك، لا يحتاج إلى معلومات تفصيلية عن نضالك أو عن أعمالك السرية.
خطورة التعاون مع المحقق
– أهداف المحقق هي تحطيم المناضل، وتوصيله إلى الاعتراف عن نفسه وعن غيره، وأخذ أسراره وإبقاؤه بدون إرادة أو هدف، ليدينه، وليضرب دعوته ونضاله.
– تذكر أنه سيعمل بكل الوسائل للوصول إلى هذا الهدف، وهو سيسعى إلى خلق حالة تعاون بينك وبينه، إما بالقوة، أو بالمراوغة وبالخداع، بأن يحاول أن يخلق جوا من التعاون بإظهار الانسجام وتبادل الحديث بمواضيع عامة وتافهة، كما يعود للمسائل التي يتجاوزها من حين لآخر، وللحديث عن الماضي … كل ذلك ليوقعك في الخطأ، وبما أن هدف التحقيق ليس الدردشة وقضاء الوقت، وأنك لست ضيفًا على مضيف يحترمك ويقدرك فاحذر من كل كلمة يقولها المحقق مهما بدت بريئة، ولا تتعاون معه في أي موضوع يحاول أن يخوضه معك، لأنه يستطيع أن يستنتج منه دون أن تلاحظ أنت، بعض المعلومات التي يستخدمها ضدك وضد غيرك من المناضلين.
– تذكر دائمًا أن حكومة العدو أو مخابرات الاحتلال، تدينك من لسانك وباعترافك فقط، فلا تتضرر باعترافات الآخرين عليك ولو واجهوك بهم … وإذا قدر واعترفت عند المخابرات فحاذر من تأكيد الاعتراف عند المدعي العام، بل عاود الإنكار كليا ومن جديد بعد أن تكون قد أخذت قسطًا من الراحة، فإفادتك عند المدعي العام هي الإدانة الحقيقية في محاكمهم، ستجد المدعي العام لطيفًا معك وربما قدم لك الشاي وعرض عليك السجائر أو ابتسم وضحك معك ومازحك، كل ذلك كي يشعرك بأن الأمر سهل وينجح في أخذ اعترافك كما أدليت به في ساحة التعذيب عند المخابرات، فهو يقرأ من إفادة المخابرات نفسها … إياك أن تنساق معه وتعطه ما يريد بدعوى أنك قد اعترفت عند المخابرات وانتهى كل شيء أو لوعود معسولة يعرضها عليك لا تصدقه فهو ذئب في لباس حمل وديع وسيسألك في المحكمة أمام القضاة والناس إذا ادعيت أنك ضربت وعذبت: “يا فلان أنا هل ضربتك!!” فإذا كنت قد أعطيته ما يريد من غير ضرب فقد أعطيت عدوك هدية سكينًا ليذبحك ومكنته من نفسك بلا مقاومة، ستجد هذا الحمل الذئب في المحكمة عدوًا ووحشًا كاسرًا يكشر عن أنيابه ويهاجمك ويطالب بإنزال أقسى العقوبات عليك ويدافع عن المخابرات وينزههم ويزكيهم وينكر أنهم يضربون أو يعذبون وأنك أنت الارهابي الخائن … فهو عدو حقيقي فحاذر منه واتخذه عدوا منذ اللحظة الأولى التي ترى فيها ابتسامته.
– الرد الوحيد الذي يحميك مهما فعلوا بك، هو رفض التعاون في أي شيء على الإطلاق، وهذا يربكهم، ويسقط عندك حاجز الخوف منهم.
– تذكر دائمًا أن أي نوع من الصفقات مع العدو خيانة تقودك إلى مزبلة التاريخ وكلما حاول المحقق أن يعقد معك صفقة، تذكر أن العدو لا يحترم عهوده، وهو أصلا غير شرعي، وأنه بمجرد أن تعترف سيلجأ إلى استعمال إعترافك لإدانتك، وينسى كل الوعود التي التزم بها في الصفقة المعقودة معك، وإذا وعدك بضمان حريتك مقابل الاعتراف، فهو كاذب، لأنه لا يستطيع أصلا أن يسجنك إلا إذا اعترفت، وعندما تعترف يملك السبب القانوني لإدانتك ثم سجنك، وقد يقول لك عندئذ إذا قابلته: “سجنتك حتى أحميك من رفاقك الذين يعتقدون إذا لم أسجنك، أنك خنتهم، فيقتلونك”! … وعندما يوجه أوامر بسيطة مثل الوقوف أو الجلوس وغيرها فهو يهدف إلى خلق عنصر الطاعة والتعاون عند المعتقل، حتى يستمر بعد ذلك فالذي يطيع بسلاسة وبخور، يمكن أن يجيب عن الأسئلة.
– لا تجعل التدخين يذلك لأعداء الله وأقلع عنه بالحال فرب سيجارة أذلت معتقلا وكنا نسمع بعضهم يستجدون المحققين والحرس لسيجارة وستجد في التعليمات المعلقة داخل زنزانتك يسمح لك بالتدخين في حال تعاونك مع المحقق فأقلع عن التدخين حالاً، فلا يليق بمناضل أن تكسره وتستعبده لفافة خبيثة.
– قد يعرض عليك المحقق سيجارة وقد يضربك إذا رفضت أن تأخذ سيجارة، أو إذا جلست أو وقفت، والسبب الحقيقي للضرب هو إحساسه بالفشل أو إحساسه بخوفك من الضرب، فيحاول أن يوجد عندك حالة من الطاعة والتعاون.
– المحقق يستطيع الشتم، الضرب، التجويع، التعطيش التسهير الخ، ولكن لا يستطيع تحريك اللسان وتحصيل المعلومات دون تعاون المعتقل.
– التحقيق هو أحد جوانب وأشكال المعركة التي تدور رحاها في الشوارع والجبال والسجون وأقبية التحقيق، فكيف يمكن أن تتعاون فيها مع عدوك؟ يجب أن تنتصر بها لأنها تعتمد على ثباتك وقدراتك وصلابتك.
– يستحلفك المحقق بالقرآن أو بالطلاق أو غير ذلك، وكل ذلك لا يجيز لك الانهيار والاعتراف فأنت مكره على ذلك كله ولا حرج عليك لو حلفت بذلك وكذبت، فلا تتعاون مع المجرم الذي لا يحترم القرآن وإنما هدفه تحصيل اعترافك وإحباط نضالك بالحلف عليه ويخادعك فهو يحارب عقيدتك ويحرس عدوك وشرائعه.
– أي نوع من الطاعة خلال التحقيق يساوي خضوعًا للإذلال وانسياقًا مع المحقق إلى هدفه المنشود.
– لا تقاطع المحقق أبدًا خلال التحقيق، فالحديث لا يعنيك أبدًا.
– أية معلومة مهما كانت صغيرة تقدمها يمكن للمخابرات أن تستفيد منها كثيرًا.
– إذا أحسست أنك وقعت في فخ أو مصيدة ارجع فورا للإنكار ولا تعتبر أن الأمر انتهى.
– استعمل ردودًا متشابهة إذا ابتدأت بالرد، مثلا: “لا أعرف”، “لا أعرف شيئا”، “لا يهمني ذلك”، فهذه الردود تربك المحقق.
– أجب إن كان ولا بد بأجوبة مبتورة لا توابع أو تفرعات عنها، مثلا إذا سئلت من أعطاك السلاح الذي ضبط معك؟، إذكر اسم شخص قد مات وأنه لا يدري بذلك غيره ولم يكن معه أحد حتى لا يستتبع ذكرك لاسم ما تفرعات عن أسئلة أخرى كاسمه كاملا وعنوانه ومن يعرفه ومن كان معكم.
– إذا أمسك المحقق بطرف الخيط في لحظات التعاون معه يبدأ بالشد لتحصيل اعتراف أكبر، فجوابك على سؤال لا يعني أنك أنتهيت من التحقيق بل تلك هي البداية وسيتفرع عن جوابك عشرات الاسئلة فالأفضل الإنكار دائمًا.
مثال الاجابة عن سؤال حول معرفتك بفلان من الناس
الاجابة بـ “لا”؛ تغلق الباب ولو بعد جهد وإلحاح من المحقق.
بينما الاجابة بـ “نعم” سيتبعها وسيتفرع عنها أسئلة أخرى مثل: ما إسمه الكامل؟ أين يعمل؟ وما رقم هاتفه؟ ونوع سيارته؟ وأين يسكن؟ ومتى تعرفت عليه؟ ومتى كان آخر لقاء لك به؟ وأين تم هذا اللقاء؟ وماذا دار فيه؟ ومن كان حاضرًا معكم؟ وما أسماؤهم الكاملة وعناوينهم؟ ووو وهكذا.
– لا تسمح للمحقق أن يجعلك تهتم بخلاصك الذاتي، ويقنعك أن التحقيق هو النهاية، وأن التعاون هو الخلاص الوحيد.
– كلما كنت متمرسًا، يلجأ المحقق إلى أساليب واضحة عن طريق تقديم الأدلة والبراهين، فاستفد من ذلك في تحديد حقيقة الأمر، واجعل المحقق يكشف أوراقه، ولا تقدم أي صورة من صور التعاون، لأن الصمود والثبات سيجعلهم يكشفون المزيد من أدلتهم وبراهينهم للضغط عليك، لأنك حين تكون متمرسًا، فأنت تعرف سلفًا ما ينتظرك.
– كل وسائل المحقق تجريبية، وعليك الاعتماد بإفشال تجاربه، تذكر أن أي محقق قابل للتضليل بسهولة.
قاوم، ثم قاوم، ثم قاوم أيها المناضل وأيتها المناضلة
المصدر : مركز دراسات دور انتاش