مع مقتل فتى أحوازي آخر … هل سيتحرك العالم أخيرا؟
على عكس المراهقين في جميع أنحاء العالم، فإن فتى يدعى علي راشدي ولد متهما وكانت جريمته بأن يولد كعربي أحوازي يعيش في ظل نظام إيراني متزايد الوحشية والقتل الذي يحتل اقليم الأحواز العربي. وقبل عدة ساعات، بينما كان يركب دراجته النارية في مدينة الخلفية أطلقت عليه قوات الامن النار في رقبته وظهره وأردته قتيلا. وأفادت مصادر في الأحواز أنه كان في طريقه لكن أصيب بالذعر عند رؤية سيارة الامن في مسيره ورفض أوامر التوقف محاولا ان لا يقع فريسة قوات النظام. وكان رد قوات الامن هو إطلاق النار عليه.
ووفق ما يوثق مركز دورانتاش مرارا، فإن هذه هي مجرد أحدث حلقة في سلسلة من جرائم القتل التي تقرها الدولة والتي تستهدف الأحوازيين الأصغر سنا، وخاصة الشباب. هذه الحالات من القتل تعتبر نتيجة مباشرة ومتوقعة لإعلان أصدره المرشد الأعلى في إيران سنة ٢٠١٧ والمعروف باسم “أتش به أختيار”، وهو ما يعني الحق المطلق في إطلاق النار لقوات النظام على أي مشتبهه به؛ تم تنفيذ هذا الأمر بالكامل في الأحواز وكردستان وبلوشستان، وأسفر عن مقتل مئات الأشخاص منذ صدوره.
والأسوأ من ذلك، لم يكن قتل الصغير راشدي أول ما اقترفه النظام ضد عائلته. في ٢٠١٤، سجن خاله هادي راشدي الذي كان معلما يبلغ من العمر ٤٠ عاما وأعدمه النظام لتجرئه على تأسيس “منظمة الحوار الثقافية” التي سعت إلى الحفاظ على اللغة والثقافة العربيتين إلى جانب حقوق المرأة. كانت هذه الإهانة أكبر من أن يتحملها النظام العرقي الاستعلائي، وقتل هادي لاتهامه بالعديد من الجرائم مثل”الحرب على الله اي المحاربة”، و “العمل ضد أمن الدولة” و “الفساد على الأرض”.
وفاة هذا الصغير هي نقطة سوداء أخرى في احتلال مستمر منذ عقود، ولكنها قد توفر الشرارة للاحتجاج الصريح. تدفق المواطنون المحليون الغاضبون إلى الشوارع الليلة البارحة للاحتجاج على هذا القتل القاسي، وأضرموا النار في مركبات الشرطة وطالبوا بعدالة يعرفون أن النظام لا يستطيع ولن يقدمها.
وكما كان متوقعا، كان رد فعل النظام هو اعتقال بعض من المحتجين، الذين تعيش عائلاتهم الآن في خوف، ويتساءلون ما إذا كان سيتم إطلاق سراحهم أو نقلهم إلى أي من السجون الإيرانية سيئة السمعة، حيث يشيع التعذيب والموت. وحتى أولئك الذين يتم إطلاق سراحهم إلى ديارهم لن يناموا بشكل سليم، حيث يعلمون أنه في ظلام أي ليلة قد يسمعون صوتا يشبه طرق ” الجستابو” على الباب، وهم رجال مسلحون يأتون لإخفاء أحبائهم.
في حين يجب على العالم الآن أن يراقب الأشخاص المقبوض عليهم لضمان سلامتهم، إلا أنه ينبغي إيلاء تعاطف خاص مع هذه الأسرة المدمرة والعوائل الأخرى التي لديها حالات مشابهة. بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق الشهيد هادي راشدي، تمكنت الأسرة – بمن فيهم خاله حبيب راشدي الذي عانى من السجن والتعذيب – من الخروج من الاحواز إلى الولايات المتحدة. لكن مع حلول بداية المساء الامس في الولايات المتحدة، تم تذكيره بشكل مرعب بأن ذويه لا يزال يرضخون تحت مشانق وبنادق النظام الإيراني.
ناشد حبيب راشدي العالم قائلا: “علي يبلغ من العمر ١٧ عاما فحسب، وهو طالب ذكي و فطن، فما هي الجريمة التي يجب قتله بسببها بتلك الطريقة الوحشية؟ كم من أفراد عائلتي وشعبنا يجب أن يقتلوا حتى يفتح العالم عينيه للإحاطة بجرائم النظام في الأحواز؟ لم يكف اعدام هادي راشدي لإرضاء النظام. المأساة التي تواجه الشعب الأحوازي هي قضية ظلم عالمي جلية في عصرنا. إنه احتلال من قبل دولة عسكرية قوية، ضد شعب فقير اعزل”.
وأضاف حبيب أن النظام يرتكب مجزرة حقيقية بحق الأحوازيين بمختلف أنواع الجرائم. “كل شهر نسمع ونرى عشرات الأبرياء يقتلون، إما يعدمون أو يقتلون بالرصاص مثل علي وعشرات من شباب الأحواز، لماذا تظل الأمم المتحدة خاملة؟ أعلم أن الكثير من الدول الغربية لا تهتم إلا بمصالحها الاقتصادية مع إيران، لكن لماذا لا تأخذ الأمم المتحدة جرائم النظام في الأحواز بجدية وتحقق فيها بشكل عادل؟ هل علي وشباب الأحواز القتلى الآخرون ليسوا بشرا؟ أين الكرامة الإنسانية، أين هي الكلمات النبيلة المكتوبة في مواثيق الأمم المتحدة؟”
السؤال الوحيد المتبقي في الوقت الحالي هو في الواقع ما إذا كان العالم سيقول في النهاية “كفى” ويتخذ إجراء مباشرا ضد النظام بسبب جرائمه المستمرة حيث العقوبات والإدانة غير كافية وغير مجدية تماما. يتطلب حكم القانون والأخلاق الأساسية إجراء فوريا مع عواقب حقيقية، ليس فقط إذا استمر النظام في هذه الهجمات، ولكن أيضا المساءلة المباشرة عن سلسلة الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب الأحوازي، وخاصة الشباب. لقد مضى وقت طويل على أن يفي العالم، الدول الغربية والشرقية على حد سواء، بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما يشار إليه باسم القانون الدولي.
المصدر : مركز دراسات دورانتاش