إيران عدو لعرب الخليج.. وقوة احتلال يجب التعامل معها على هذا الأساس
منذ أن اعتلى المقبور خميني هرم السلطة في إيران أطلق مشروع تصدير الثورة لتشييع المنطقة العربية على الطريقة الصفوية. وكل ما قام ويقوم به ملالي إيران منذ ذلك التاريخ يصب في ذلك الهدف. لا بد بادئ ذي بدء من التأكيد على أن إيران دولة احتلال يفوق خطرها خطر إسرائيل، لأنها تلبس لبوس الدين، وتتغلغل في مناطقنا بأسلوب الأفاعي عبر عملائها الذين تآمروا على أوطانهم، والذين ينتمي كثير منهم عرقاً وعقيدة لدولة المجوس.
وهنا لا بد من التذكير بما صرح به وزير الخارجية عادل الجبير، في مؤتمر صحفي مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في الرياض، بأن هزيمة الحوثيين في اليمن وتدهور وضع بشار الأسد في سورية وتقديم التنازلات في الاتفاق النووي، وراء التصريحات الإيرانية العدائية وغير المسؤولة المتعلقة بتدخلات طهران في الشأن الداخلي لدول المنطقة، والتي تؤكد نهجها العدواني في المنطقة. وإن هذه التصريحات العدوانية الكثيرة والمتصاعدة غير مقبولة ولا تعبر عن نوايا بلد يسعى إلى إقامة علاقات جيدة.
تتمثل خطورة إيران على الدول العربية في كونها تتبع مبدأ التقية؛ إذ تفعل عكس ما تقول وهذا أسلوب من الخداع لا يتبعه إلا المنافقون كما ورد في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف، وهي تطمع لغزو العرب من الداخل عن طريق تجنيد العملاء والمنافقين من السياسيين والكتاب ورجال الإعلام.
إن التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول “مجلس التعاون” يجري بصور متعددة وبوجوه مختلفة تتلوّن حسب الظروف والأحداث التي تمر بها المنطقة، وما زال العمل دائباً من قبل الملالي وحرسه الثوري ومخالبه في المنطقة، يأتي على رأسها حسن حزب اللات وكيلها لشؤون الإرهاب في لبنان وسورية، فمنذ أيام أعلنت السلطات البحرينية اعتقال خمسة أشخاص متورطين في تفجير سترة الإرهابي الذي وقع في 28 يوليو الماضي وأسفر عن استشهاد رجلي شرطة وإصابة ستة آخرين، وكشفت أن “الحرس الثوري” الإيراني يقف بصورة مباشرة وراء العمل الإرهابي.
كما أحبطت الأجهزة الأمنية الكويتية يوم الخميس الماضي – حسب صحيفة السياسة – “مخططاً إرهابياً كبيراً” ل “حزب الله” اللبناني كان يستهدف ضرب الكويت وأمنها واستقرارها، حيث ضبطت كميات ضخمة ومتنوعة من الأسلحة والذخائر مخزنة في مزرعة بمنطقة العبدلي ومنازل ثلاثة مواطنين جرى توقيفهم للتحقيق معهم في القضية.
تتجلّى العدوانية الإيرانية في العديد من التصريحات المستفزة لرجال الدين والمسؤولين والسياسيين على مدى سنوات طويلة، بعضها يتناغم مع الآخر، وبعضها يتناقض على نحو مثير للشفقة، إذ يبدون كالأطفال الصغار أو الصبية الأغرار فيما يصرحون به فرادى أو مجتمعين، على نحو كبير من التناقض والكذب والالتواء. ومن أقوال هؤلاء في الأيام القليلة الماضية، على سبيل المثال:
= علي خامنئي:
صرح في عيد الفطر الماضي في (18 يوليو ) بأنّ “الكثير من الشعوب المسلمة والمؤمنة في اليمن والبحرين وفلسطين وسورية، بات يقضي أياماً مريرة وعصيبة بسبب أعمال الأعداء الإجرامية، وكل هذه القضايا تهم أبناء شعبنا.. إننا لن نتخلى عن دعم أصدقائنا في المنطقة، وسنواصل دعمنا المستمر للشعب الفلسطيني واليمني، والحكومة السورية، والشعب والحكومة العراقية، والشعب البحريني المظلوم، والمجاهدين المقاومين الصادقين في لبنان وفلسطين، هؤلاء سيبقون دوماً مورد حمايتنا ودفاعنا عنهم”.
ومما قال: إنّ “السبب الأساس للقصف الذي يطال الشعب اليمني اليوم، هو غيظ وغضب السعوديين وحماتهم من نفوذ إيران بالمنطقة”.
وإن “النفوذ الإيراني في المنطقة نعمة إلهية، وليست مادية أو معتمدة على السلاح”.
و”نحن كما قال الشهيد بهشتي نقول للأعداء موتوا بغيظكم وغضبكم”.
وانتقد ما سماه “العدوان السعودي المستمر على اليمن من خلال القصف الذي مضى عليه أكثر من مئة يوم، والمجازر الوحشية المرتكبة بحق أبناء هذا البلد الأبرياء والمظلومين جراء القصف”! لكن ما يفعلونه في سورية والعراق من قتل وتشريد أليس قتلاً للأبرياء؟ والمضحك أن حديثه عن نبذ الطائفية، وحقوق الشعوب، يتنافى مع ممارساتهم ضد الشعوب المحتلة التي ضُمت قصراً لما يعرف بدولة إيران، بل تتزامن كل تصريحاتهم التي يسوقونها في المنطقة العربية، مع اضطهادهم لأهل السنة في إيران، وآخر ذلك هدم مصلاهم الوحيد في طهران من قبل بلدية العاصمة مدعومة بقوى الأمن!
= علي سعيدي، ممثل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في الحرس الثوري:
أكد: أن البحرين والعراق وسورية واليمن ولبنان وغزة، تشكل عمق إيران الاستراتيجي، وأنها ضامن استمرار حياة الجمهورية الإسلامية، وإذا خسرت طهران عمقها الاستراتيجي في تلك الدول ستصبح دولة معزولة وبدون تأثير.
وأنه لم يكن من المقرر أن تدفع إيران هذه التكلفة الباهظة بشأن ملفها النووي، وأن المسؤولين الإيرانيين كانوا يهدفون لعدم الربط بين الملف النووي وباقي القضايا، في إشارة إلى عدم تنازل طهران عن فكرها التخريبي وأسلوبها العدواني تجاه دول المنطقة.
وأن عمق إيران الاستراتيجي في المنطقة أرغم القوى الدولية على الجلوس على طاولة المفاوضات مع طهران، وأن أعداء إيران لم يستطيعوا الحد من نفوذ الجمهورية الإسلامية في اليمن!!
= علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني:
قال لقناة “المنار”: “إذا سقطت سورية اليوم يعني سقوط الكويت غداً وافهموها كما شئتم.. لدينا في الكويت عمق ستراتيجي وشعبي مهم ولن نتنازل عنه، ونصف الشعب الكويتي موالٍ لولاية الفقيه العظمى” (…)
وعلى دول الخليج “الفارسي” ألا تعرقل طموحات إيران العظمى، وإلا سيضطر العرب حينها إلى الانحسار حول مكة كما كانوا قبل 1500 سنة.
= وزير الخارجية محمد جواد ظريف:
أطل عبر صحيفة “السفير” اللبنانية المحسوبة على ما يعرف بالمقاومة بمقال عنوانه “الجار قبل الدار”، تحدث فيه عن العلاقات الإيرانية العربية التي تقوم على: “احترام سيادة ووحدة تراب جميع الدول واستقلالها السياسي وعدم انتهاك حدودها، الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تسوية الخلافات سلمياً، منع التهديد أو استخدام القوة، السعي لإحلال السلام والاستقرار”!
وذكر أن الغزو الأميركي للعراق عام 2003 أدى إلى نشوء داعش، محملاً أميركا وحدها مسؤولية الغزو، متجاهلاً التعاون الإيراني معها في أفغانستان والعراق، الأمر الذي أكده محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، عام 2004 حين قال: “لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابل وبغداد بهذه السهولة”!
ويجدر بنا من باب الذكرى التي تنفع المؤمنين، تذكير القراء بالممارسات التي ما انفكت دولة الملالي تستهدف بها منطقتنا، تحقيقاً لأحقادها، ونزعتها العدوانية تجاه الجنس العربي الذي تهاوت امبراطورية كسرى على أيديهم:
– احتلال الجزر الإماراتية الثلاث.
– محاولة اغتيال الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت عام 1985، والكشف عن مخطط اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير في شهر سبتمبر 2011.
– السعي لزعزعة أمن المملكة العربية السعودية خلال مواسم الحج، كما حدث عام 1987 حين أقدمت مجموعة من الإيرانيين على تنظيم مظاهرات، ورفع شعارات الثورة الإيرانية، وقطع الطرقات ما تسبّب في قتل عدد من الحجاج والمواطنين ورجال الأمن.
– دعم المحاولات الانقلابية في مملكة البحرين خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حتى أحداث عام 2011. تحت غطاء الربيع العربي المشؤوم.
– إقامة معسكرات على الأراضي الإيرانية، لتدريب مواطنين خليجيين على أعمال العنف والإرهاب وإسقاط الأنظمة الخليجية، تحت شعارات “حماية حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير”!
– التمدد في الدول الرخوة والمضطربة، وقد أجادت صناعة الميليشيات في فترة الضياع العربي، فجمعت كل الشراذم من الشيعة والسُنة وحولتهم إلى ميليشيات مقاتلة تنتفض على السلطة، ويأتي على رأس تلك الميليشيات: حزب الله اللبناني وأنصار الله في اليمن، وعدد آخر من الميليشيات العراقية.
– إثارة النعرات وتأجيج النزعات الطائفية في دول مجلس التعاون الخليجي، وإشعال بؤر الصراع الداخلي بين السنة والشيعة.
– العمل على شق الصف الخليجي من خلال إقامة علاقات متميزة مع بعض دول المجلس دون بعضها الآخر، والتأليب على عدم الموافقة على السياسات الأمنية.
– إخضاع لبنان لنفوذها، ومصادرة استقلاله، عن طريق حسن حزب الله الجندي لدى الملالي، لتكون خارج النظام السياسي والقومي العربي!
– إيواء إرهابيي القاعدة، ودعمهم بالمال والتخطيط واستخدامهم لنشر الإرهاب في العالم كله، لينسب الإرهاب إلى السنة العرب، وهو ما تحقق.
– المساهمة مع أميركا وإسرائيل وتركيا في صناعة إرهابيي داعش ليكونوا خنجراً في خاصرة الدول العربية، ولإشاعة الفوضى المدمرة، تمهيداً لتقسيمها.
– التشويه الإعلامي المتعمّد للعرب وتاريخهم وثقافتهم ووسمهم بالتخلف والهمجية، في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية الإيرانية، والقنوات الأخرى التابعة لها في العراق ولبنان، عبر إعلاميين وسياسيين وعملاء محسوبين على العرب.
والسؤال المطروح الآن كما ذكر أحد المحللين: “إلى متى ستستمر الدول العربية في سياسة المهادنة والحرص على ضبط النفس إزاء سياسات إيران العدوانية؟ إنه ينبغي التعامل معها بالأسلوب نفسه بتغذية الصراعات الداخلية، والنزعات الانفصالية في الأقاليم الحدودية في إيران، وجميعها مناطق سنية، فهناك عرب الأحواز في الجنوب (وهي مناطق الحقول النفطية)، والبلوش في الشرق، والآذريون في الشمال، والأكراد في الغرب”، وذلك كي نشغلها في داخل حدودها.
ثم لا بدّ من العمل الجاد والسريع لنقل التكنولوجيا النووية للدول الخليجية، تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهناك دول عديدة مستعدة للتعاون في هذا الصدد مثل اليابان والصين وكوريا ودول أوروبية.
أخيراً لا بدّ من توعية الأجيال الصغيرة والشابة بالخطر الصفوي المحدق بنا، ويأتي على رأس ذلك تدريسهم في المدارس والجامعات نظرية محمد جواد لاريجاني التي تعرف بنظرية أم القرى، والمقصود بها مدينة قم المركز الديني في إيران، وباعتبار إيران حسب النظرية، دولة الإسلام الصحيح. (انظر مقالي بروتوكولات حكماء صفيون جريدة الرياض 10 مايو 2015م).
د. حسناء عبد العزيز القنيعير
المصدر: جريدة الرياض