الإعلام العربي حول تصريحات طهران، سقطة أخلاقية أم كبوة إعلامية
بعد حادث تدافع منى بثواني أطلق حزب الله التابع العضوي لولاية الفقيه وسمًا عدائيًا ضد المملكة العربية السعودية وقيادتها واتهمها بالفشل وحرض المسلمين والعرب ضدها. وهكذا بدأ استغلال غير أخلاقي لأرواح المسلمين والمتاجرة بدماء ضحايا الحج لصالح الدولة الفارسية ومشروعها، وضد الأمة، ولا سيما ضد المملكة العربية السعودية.
لم يمر كثيرًا من الوقت حتى انهالت تصريحات عدائية ضد المملكة وقيادتها والتشكيك بقدرتها على إدارة الحج وتنظيمه وحفظ أمن الحجيج. استنفرت قيادة الدولة الفارسية كل طاقاتها وعلى رأسها خامنئي المرشد الأعلى، حسن روحاني رئيس الجمهورية، هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس مصلحة النظام، الأدميرال شمخاني أمين عام مجلس الأمن القومي، اللواء محسن رضائي أمين عام مجلس مصلحة النظام، ورئيسي السلطة القضائية والبرلمان، استهدفوا المملكة العربية السعودية وحرضوا ضدها وضد شعبها. واستمر التحريض الصريح والعلني حتى هذه اللحظة وشاركت فيه قيادات دينية وأمنية وسياسية من درجة ثانية ووسائل إعلامية ورسمية وغير رسمية كلها سارت على خطى هرم السلطة ورددت ما قاله بل أضافت عليه الكثير.
هذا الموقف العدواني الفج تجاه العرب لم يكن مستغربًا لكل إنسان حصيف أو متابع لسياسات الدولة الفارسية، ولكن المستغرب تغطية الوسائل الإعلامية العربية والتيارات المحسوبة على الأمة إذ كان موقفها مخزي ويدل على مشهد مؤلم للواقع العربي. فأهم صروح الإعلام العربي تجاهلت الحرب الإعلامية الفارسية ضد المملكة قيادة وشعبًا، وتجاهلت تصريحات رأس هرم مؤسسات قيادة الدولة الفارسية وتسترت عليها ولم تنبس ببنت شفة؛ بل سعيت لتحريف الواقع وتزويره من خلال تركيزها المضاعف على شخصيات لم تعرف من قبل لو لا ضرورة الدفاع عن دولة فارس وقلب الحقائق المؤلمة لصالحها.
فتمسكت هذه الصروح بتصريحات لمسؤول مغمور في الدولة الفارسية؛ ألا وهو محمد هاشمي، مسؤول مكتب هاشمي رفسنجاني، بينما تجاهلت تصريحات رئيسه وتصريحات مرشد رئيسه. ولم تسقط عند هذا الحد؛ بل ركزت على تصريحات لأحد أساتذة الجامعة، صادق زيبا كلام، وبالغت في تطرقها لشخصيته وحديثه. وأوحت للقارئ والمتابع بوجود شرخ في موقف قيادات الدولة الفارسية تجاه حادث تدافع منى وهذا محض افتراء وكذب فج، إذ كلهم متفقون في عدائهم للسعودية حتى وإن اختلفوا بالتعبير.
إذن هل يمكن اعتبار تغطية الوسائل الإعلامية العربية سقطة أخلاقية تمارسها اليوم على غرار سنوات من الممارسة تحت ستار الحيادية أم أنها كبوة إعلامية يتعرض لها حتى صاحب الخبرة والمخضرم؟
من كان متابعًا للإعلام العربي لا يستغرب موقف المتسترين والمؤيدين للدولة الفارسية والمروجين لسياساتها بقدر ما تجعله يتيقن ولائهم المغشوش وحيادهم المشبوه الذي لطالما ادّعو التزامه منذ سنوات.
لو قلبنا قليلًا نشاط وسائل إعلامية معروفة ومحسوبة على العرب لرأيناها لا تحمل ذرة من الولاء الوطني بقدر ما تستخدم أسمه لأجندة مشبوهة. إنها تسلط الضوء على خطوبة شاب وشابة فارسية في ملاعب كرة القدم الأسترالية وتهلل لهما قبل أهليهما، وتسلط الضوء على الفئران والقطط في كل أصقاع الأرض وبقاعها إلا إنها تتجاهل مأساة الشعب الأحوازي المسلم العربي وإن سلطت الضوء مرغمة، فيكون ممسوخًا مشوهًا. بيد أن كيف ننتظر منها موقفًا أصيلًا وهي مشرعة الأبواب لعلي رضا نوري زادة – صاحب مقولة شويخات الخليج تصغيرًا لأسم شيوخ الخليج وتحقيرًا لهم- كي يروج لمشروع الدولة الفارسية بطريقة مزركشة.
لكن أيعقل أن ننتظر منها حب الوطن وهي متيمة بحب نجاح محمد علي الذي اعتبر حادث منى يكفي حجة لتغزو “إيران” السعودية. وبالأمس القريب كان عطاء الله مهاجراني، وزير الثقافة والإرشاد السابق في فترة محمد خاتمي، أحد أهم كتاب صروحنا الإعلامية ومحبذيها -في حينها كان يهاجم المملكة العربية السعودية ويتجنى عليها عبر نشاطه الإعلامي وشبكة علاقاته السياسية والدبلوماسية – وما زال الفرس يسرحون ويمرحون فيها، بينما الأحوازيون يطرقون أبوابها يستجدون فرصة حتى يعبروا عن رأي الشعب الأحوازي لكن الأبواب توصد في وجوههم كل مرة.
قد تكون “مصائب قوم عند قوم فوائد”، فحادث تدافع منى كشف لنا تغلغل الفرس في وسائلنا الإعلامية وتسييرها حسب أجندتهم الخفية، مثلما أثبت هذا الحادث عزم قيادتنا وحزمها وحكمتها. لذلك ما يحدث في منطقتنا من صراع على كافة الأصعدة والأوجه يدفع بالإنسان المحمل بهموم شعبه وأمته والمؤمن بقضاياها، أن يعيد النظر والتقييم تجاه الإعلام العربي حتى يكتشف كم من وسيلة إعلامية محسوبة على العرب لكنها مطية للفرس تنفذ أجندتهم بأيدي وأموال عربية!
ابراهيم الفاخر
المصدر: صحيفة السعودي الإلكترونية