البحرين على مفترق طرق إما العروبة وإما الصفوية
استغل اتباع مشروع ولاية الفقيه في البحرين فرصة حرية التعبير،ومتغيرات المنطقة في عام 2011 م، فعزفوا على الوتر الطائفي، ورفعوا مطالبات سياسية وحقوقية، وعبّؤوا الجمهور، وخرجوا إلى الشوارع والأماكن العامة، وشلوا الدولة ومؤسساتها. بيد أن قوات درع الجزيرة كانت صاحبة القرار الفصل في إعادة الأمور إلى طبيعتها في البحرين.
لكن استمر حال اتباع طهران كالنار تحت الرماد إلى أن بدأ الانقلاب الحوثي في اليمن وما أعقبته من تطورات ولا سيما عاصفة الحزم ومساندتها للشعب اليمني، ازداد تمردهم مرة أخرى تنفيذا لأوامر قم وطهران وازدادت التوترات في البحرين مرة أخرى.
أين تكمن المشكلة في البحرين؟ هل في عدم تلبية مطالب حقوقية وسياسية مشروعة يرفعها “الشعب البحريني” ويتوق إليها أم أنها أجندة خارجية يراد فرضها استقواء بالخارج وبأدوات محلية وبقوة القتل والإرهاب.
من يتتبع سير الأحداث في البحرين وتفاعل طهران المعلن والصريح معها سيتيقن أن الإرهاب وأعمال الشغب في البحرين واستهداف أمنها واستقرارها كلها أمور لا تمت للمطالب الحقوقية والسياسية بصلة. ومن يفتعلها لا يحمل ذرة من الولاء الوطني حتى وإن تشبث به تمويها على عمالته للعدو الفارسي.
ما يرفعه أتباع حوزات قم في البحرين يتعدى المطالب الحقوقية والسياسية رغم تمظهرها بهذه المطالب لبعض الوقت. إن رفع صور خميني وخامنئي في الميادين العامة ومحاولة قلب الحكم الملكي في البحرين واستنساخ نظام ولاية الفقيه وتطبيقه في البحرين أو إلحاق الأخيرة بالدولة الفارسية كل هذه الممارسات كافية لفضحهم وكشف ما كانوا يتسترون عليه لسنوات عديدة.
ما يجرى في البحرين لا يحتاج إلى مجهر أو أشعة ما تحت الحمراء لكشفه بقدر ما يحتاج إلى ضمير حي وحر، غير ملوث بالطائفية كي يكتشف ارتباط التمرد في البحرين بملالي طهران وتبعيته عضويا لهم.
الذين باعوا الوطن -تاريخا وحاضرا- لمرشد المجوسية، لن يعودوا إلى رشدهم ووعيهم لأن الطائفية أعمت بصيرتهم قبل بصرهم وأقفلت عقولهم وألقت بمفاتيحها في بئر جمكران. لذلك فضلوا الذل والهوان في كنف المرشد على الكرامة والعزة في أرض العروبة والإسلام، وعاشوا في أحلام يقظتهم يتوهمون فردوس عمائم قم ولن ينالوها بإذن الله.
سيبقى التمرد والإرهاب المتمثل بـ “عقيل الموسوي، علي سلمان، حسن مشيمع وراشد الراشد” خنجرا مسموما بيد الحرس الثوري يغرسه في “ظهر” البحرين والبلدان الخليجية الأخرى، متى ما شاء وشاءت المصلحة الفارسية. ولا يمكن للشعب البحريني أن يثق بهم ويأمن شرهم وغدرهم مهما اتخذوا من مظلومية الحسين رضي الله عنه وسيلة لتمرير أجندة طهران لأنهم يسيرون على نهج قتلة الحسين عندما دعوه وبايعوه ثم قتلوه وبعدها لطموا عليه وطالبوا بأخذ ثأره من أهله!
خلايا طهران في البحرين لن ترضى بأقل من تهجير الشعب البحريني إلى الشتات مثل سوريا، واحتلالها على غرار الأحواز وإلحاقها بالدولة الفارسية فتصبح مأساة الخليج مأساتين. لذلك التساهل معهم وعدم تطبيق القانون عليهم لن يثنيهم ويعيدهم لحظيرة الوطن بقدر ما يشجعهم على التمرد ويقذفهم في أحضان سليلي كورش ويزجرد.
في الوقت الراهن عروبة البحرين مهددة بالخطر مثلما شعبها مهدد بالمجازر على نمط سوريا والعراق. لذلك لا خيار أمام الشعب البحريني وقيادته إلا بتوثيق العلاقات السياسية والقانونية مع المملكة العربية السعودية والمضي قدما نحو الاتحاد معها بعيدا عن ربط مستقبل بلادهم بسائر دول مجلس تعاون الخليج العربي. فما تعانيه البحرين يختلف عما تعاني الدول الخليجية حتى وإن كان المسبب واحدا. فهذا الخيار الصائب إن لم يتخذ لن يبقى للبحرين سوى السير في النفق المظلم، الذي ستكون نهايته احتلال البحرين وجعلها محافظة فارسية مثل الأحواز.
إن البحرين اليوم أمام مفترق طرق إما العروبة وإما الصفوية. فأين تتجه؟ هذا ما يجب أن يحدده حكماء وعقلاء البحرين قبل فوات الأوان.
ابراهيم الفاخر
المصدر: مركز المزماة للدراسات والبحوث