#أحوازنا-«الفارسية أولاً وأخيراً».. السياسة المعتمدة في دهاليز النظام
«أولاد عامر» .. تاريخ تآمرت عليه عنصرية الملالي
أسرة أحوازية منهوبة، تعيش على الرصيف، بعد أن صودرت ممتلكاتها، المال والمنزل والأرض، لصالح مستوطنين من القومية الفارسية.
ولم يشفع للأسرة انتماؤها للطائفة الشيعية، فلم يأبه النظام العنصري في طهران يوما بالدين، وإن ادعى ذلك رغبة في إثارة الفتن وزرع الكراهية بين المسلمين. فمشروع نظام الملالي قائم على العنصرية الفارسية بمفهومها الأكثر إيغالا في الإقصاء والحقد والكراهية.
والأحواز منطقة قريبة من مدينة البصرة العراقية تقطنها قبائل عربية منها «إياد، بنو أنمار، ربيعة، بنو ثعل، بكر أبن وائل، بنو حنضلة، بنو العم، بنو مالك، بنو تميم، بنو لخم وتغلب».
ومن مدنها خفاجة الواقعة في الشمال الغربي لمدينة الأحواز، وتبعد عنها 65 كيلومترا. سميت الخفاجية أسوة ببني عقيل الكعبيين بأبنائها أبناء قبيلة «خفاجة» الشهيرة وكانت تقطن بنواحي الكوفة وبرز وجودها في القرنين الرابع والخامس الهجريين، وكون الخفاجيون إمارة في الكوفة سنة 374 بزعامة أبو طريف عليان بن ثمال الخفاجي وكان يأتمر بأمر الخليفة العباسي. ومن أمراء خفاجة الذائعين الصيت ولا زال يتردد اسمه في الموروث الشعبي «عامر الخفاجي» الذي سحره جمال إحدى بنات قبيلة «بني هلال» عند مرورهم بأرضه فسافر معهم إلى مصر وتونس وترك أسرته وديار قبيلته وإمارته في بادية السماوة والكوفة.
وقبيلة خفاجة العقيلية الكعبية من أصول عربية، وأفرادها يتحدثون اللغة العربية ويسكنون العراق والأحواز ومصر، وعرفوا بين العرب بنخوتهم الشهيرة في المعارك «أولاد عامر» ولقب جدهم بخفاجة لأنه كثير الفخر كما ورد في كتاب لسان العرب.
العرب ممنوعون من زراعة أرضهم
منذ أن فرضت الشركة المالكة لشبكات الري الزراعي في إيران حظر زراعة الأرز (الشلب) والذرة وبعض المحاصيل الأخرى في منطقة الأحواز، ما زال الأهالي والمزارعون في قضاء الخفاجية والمناطق المجاورة لها يدفعون ثمن القرار الذي بررته الشركة في حينه بشح المياه. فبعد نحو عامين من قرار المنع، تردت الأوضاع المعيشية في المنطقة بشكل غير مسبوق، نتيجة انضمام العاملين في القطاع الزراعي إلى قائمة العاطلين عن العمل، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية للحد الذي أعجز معظم الأسر عن توفير الغذاء في ظل الفقر والظروف المعيشية القاسية السائدة في المناطق العربية في إيران.
وحسب ناشطون أحوازيون فإن قرار منع الزراعة يأتي في إطار استراتيجية تغيير التركيبة السكانية في الأحواز لصالح القومية الفارسية، وطمس الهوية العربية الأحوازية، إذ يعمد النظام في إيران إلى تحويل مياه الأنهار وتجفيف المستنقعات، ثم منع المزارعين العرب من الزراعة بحجة عدم وجود المياه الكافية، ودفعهم إلى الهجرة وترك مزارعهم عرضة للاغتصاب. يذكر أن النظام الإيراني شيد سدا ضخما على نهر الكرخة لحرمان الأحوازيين من المياه، ونقلها إلى المناطق الفارسية.
الأحواز العرب .. تاريخ من النضال
تعيش مدينة الأحواز العربية في هذه الأيام احتجاجات واسعة ومظاهرات مطالبة بالحرية وفك الارتباط الخانق عن الدولة الإيرانية الفارسية المحتلة لهذا الاقليم منذ أكثر من 91 عاما. فمنذ انتصار المسلمين على الفرس في معركة القادسية وإقليم الأحواز تحت حكم الخلافة الإسلامية ويتبع لولاية البصرة إلى أيام الغزو المغولي ومن بعده نشأت الدولة المشعشعية العربية واعترفت بها الدولة الصفوية والخلافة العثمانية كدولة مستقلة إلى أن نشأت الدولة الكعبية (1724-1925) وحافظت على استقلالها حتى سقوطها على يد الشاة بهلوي، حيث منح البريطانيون هذه الإمارة الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال أميرها خزغل الكعبي. بعد أن دخل الجيش الإيراني مدينة المحمرة بتاريخ 1925 لإسقاطها، وکان قائد القوات الإيرانية آنذاك رضا خان. ويسعى المحتل الإيراني حتى اليوم إلى زيادة نسبة غير العرب في الأحواز وتغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والبلدات والأنهار وغيرها من المواقع الجغرافية للمنطقة. وتجريم التحدث باللغة العربية في الأماكن العامة، وحصر المناهج الدراسية في المدارس باللغة الفارسية فقط ومنع الأحوازيين من تسمية مواليدهم بأسماء عربية ومنع لبس الزى العربي واستبدله باللبس البهلوي الفارسي.
ولما وجدت الحكومة الصفوية في طهران مقاومة عربية عنيفة لأطماعها في الأحواز عمدت إلى أساليب غير مباشرة لإرغام الأحوازيين على ترك اللغة العربية، فكان منها تغيير أسماء المناطق العربية بأسماء فارسية فمدينة الحويزة أصبحت (دشت ميشان) والخفاجية أصبحت (سوسنكرد) والصالحية أصبحت (اندميشك) والأحواز أصبحت (الأهواز) وميناء خور عبدالله أصبح (ميناء بندر شاهبور).
المصدر : صحيفة عكاظ السعودية