#احوازنا-الحياد في موقفنا مع إيران: انحياز
قضي الأمر الذي كان فيه الناس يستفتون ويتساءلون: هل ستنفذ أحكام الإعدام في قائمة طويلة من الإرهابيين الذين فجروا أو حرضوا أو قتلوا أو الذين أظهروا الخيانة للوطن والولاء للأعداء؟
وبقي الوطن شامخاً معتزاً ومنتصراً على كل الذين انساقوا للانخراط في المنظمات الظلامية المشبوهة كـ"القاعدة" أو "داعش" أو عشرات التنظيمات الإرهابية التي تنصاع لأوامر القابع في السرداب من مئات السنين "بحسب ما يروجه أئمة ومشايخ الاثنى عشرية الخرافيون".
لكن بقي على المملكة أن تنخرط في استراتيجية مختلفة تنسجم مع المتغيرات التي حدثت خلال العقد الماضي مع تنمر "القاعدة"، ثم ما أعقب ذلك من بزوغ نجم "داعش"، وما تبع ذلك كله من إعلام فارسي موجه، وتحرك لسفارات وقنصليات إيران في العالم في خطة مرسومة لتشويه صورة المملكة، وتحميلها وزر هذا الإرهاب والتطرف الداعشي، بحجة أن هذا كله هو نتاج "الوهابية"، وعلينا أن نعترف بتقصيرنا في إجلاء الصورة المشوهة عن بلادنا التي هي شأن طبيعي نتاج تقصير سفاراتنا وممثلينا في الخارج الذين لا يتواصلون مع الإعلام الخارجي ولا مع ممثلي الشعوب في البرلمانات، ولا حتى مع النخب الثقافية أو أساتذة الجامعات.
وعلينا أن نعترف أننا لا نملك استراتيجية إعلامية في الخارج للتواصل مع المؤثرين، فقد تركنا الساحة لإيران وعملائها يقدمون الهدايا ويعتادون المناسبات العامة والخاصة ويؤلفون "القلوب" ويظهرون أنفسهم كالأطهار أمام هذا التوحش الداعشي الوهابي، بحسب وصفهم.
تقتضي المرحلة الراهنة منا تغيراً في بياناتها وطرق صياغتها بما ينسجم والذهنية المتلقية المختلفة معنا، كما تقتضي المرحلة فتح الأبواب مشرعة لمنظمات العفو وحقوق الإنسان لزيارة المملكة والتعرف على مقتضيات الأحكام الشرعية والقانونية والدرجات والمراحل التي تمر بها القضية المنظورة قبل إصدار الحكم.
كما تقتضي المرحلة أن نحسن اختيار ممثلينا في الخارج على النحو الذي يحقق الأهداف، إضافة إلى ضرورة إرسال صفوة منتقاه من أعضاء الشورى والمثقفين في الخارج للتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني ومع وسائل الإعلام من خلال الكتابة أو المشاركة في الحوارات التلفزيونية على النحو الذي يسهم في توضيح موقفنا الذي طاله سوء الفهم.
ثم إن علينا أن نتواصل مع قادة الرأي هناك من الذين يشنون حملاتهم علينا في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها لا لشيء إلا لأننا لم نسمح لهم بمعرفتنا على حقيقتنا.
تدخل المملكة مع عاصفة الحزم وما تلاها من تحالفات في مواجهة الإرهاب مرحلة دقيقة ومفصلية في مواجهة التسرب الإيراني الذي جثم على كثير من الخواصر العربية في لبنان وفي العراق وسورية واليمن. وتقتضي هذه المرحلة أن يصطف العرب والمسلمون في صف هذه المواجهة التي تتعمد القضاء على النسيج العربي وإضعافه أكثر مما هو ضعيف حقاً.
والخلاصة أن المملكة تقود عاصفة الحفاظ على تماسك القومية العربية في مقابل الشعوبية الصفوية، وهنا فإن الوقوف على الحياد في نظري انحياز وخيانة.
أدريس الدريس
المصدر: صحيفة الوطن السعودية