#أحوازنا -الأحواز المحتلة.. الحل الحاسم لأمن الخليج والمنطقة
الحق أبلج ولابد له من غلبة ولكن وقائع الأيام وتواريخ الرجال والدول تقطع بحقيقة مرة وهي أن هذا الحق قد يطول ويتطاول ويستغرق أعمارا وأجيالا، وهذا جار في جميع شؤون الحياة حتى في المجال الطبي الذي أورثت الإمبراطوريات المالية العالمية لشركات الأدوية وغيرها ممارسات مجحفة يدافع عنها الأطباء شرقا وغربا.
أما في التاريخ فحدث ولا حرج ولذلك كان على العلماء هذا العبء الفطري الذي جعل منهم يتسنمون مراتب بشرية عليا لرفعهم راية الحق ومساعدة الانسانية، ومن أكثر الأمور المحيرة والمحزنة في آن واحد أن تؤدي هذه الحالات من طمس الحق إلى ظهور أجيال لاتعرف أرضها وماضيها الذي تخافت وطمس بموت الرجال وباندثار الأجيال ولا أجد في تاريخنا المعاصر قضية في هذا الاتجاه أجل وأعظم من قضية نسيان العرب لبلاد عتيدة من بلدانهم ومنارة تاريخية تمثل نوافذ لاستقراء تواريخ العز منذ خالد بن الوليد الى مطلع القرن العشرين.
وفي مواكب سلمان الحزم وما نشعر به هذه الأيام من عزة، ومواقف من قطع العلاقات السعودية مع من تعاظم فحشهم وتطاول بهتانهم من شراذم الفرس في من سموا أنفسهم إيران ارتأيت بعث قضية حاسمة وهامة جدا لعلها تقرأ بعيون الصقور التي تملك القرار السعودي وأمن المنطقة الخليجية بالأخص فالحكمة ضالة المؤمن متى وجدها كان أولى الناس بها وسلمان وجنده أولى أهل الأرض بها.
وما نراه في هذا الشأن يتفق سياسيا وفكريا وأمنيا واقتصاديا مع المطلوب في هذه الفترة في منظور المنظومة الخليجية إذ ان الاتفاق متواتر على تزايد فحش حكام إيران في أطماعهم الإجرامية في المنطقة والحديث الذي كنت أستغرق فيه ساعات في هذا الشأن، ليفهم من حوالي عشرين عاما مضت صار حقائق ملموسة الآن لا تحتاج الي تبيان، وحيث إن الاتفاق على أن هذا الشيطان الذي عبث ويعبث بالمنطقة لابد من بتر أياديه.
وعليه أذكر أهل الحل والعقد بحقيقة في غاية الأهمية وهي أن هذا الغول الذي تعاظم شره يستمد قواه الاقتصادية والجغرافية والسياسية وبدرجة كبيرة من أرض عربية قحه احتلها الفرس في العام 1925م ليس لأنها ضعيفة أو لأن حكامها بسطاء ولكن الأمر يتعلق بفاجعة تاريخية لم تدرس لنا في المدارس وهي أن البطل الشيخ خزعل بن جابر الكعبي حاكم الأحواز العربي المغوار قد استدرج من قبل الفرس والبريطانيين إلى اجتماع تم اعتقاله فيه ومن ثم احتلال الأحواز منذ ذلك الحين حتى اليوم.
ولك أن تعرف قارئي الفاضل أن هذه الأرض العربية المحتلة هي ثقل إيران حاليا وأن رجوعها عربية مسلمة كما كانت يعني زوال حقيقي لدولة البؤس والدمار في إيران إذ لن يكون لها أثر سياسي أو اقتصادي أو حتى جيولوجي من واقع المدمرات النووية التي زرعتها في بني شهر، أرضنا وجارتنا العربية، والأمر بكل بساطة يتعلق بعَلَن لا سر فيه وهو استخدام جميع وسائل الضغط والقوة المتاحة لعودة الأحواز العربية وهو اسمها الذي بقي قيد التداول حتى عهد إسماعيل الصفويّ (عام 1501م)، إذ أطلق الفرسُ على الأحواز منذ ذلك الوقت اسم: عربستان (أي: بلاد العرب) ولكي نكون تصورا ذهنيا عن عظمة الأحواز لنا أن نعلم أن مساحتها تبلغ (348) ألف كيلو مترٍ مربّع، أي أكثر من مساحة بلاد الشام كلها (سورية والأردن وفلسطين ولبنان). ويبلغ عدد سكانها العرب أكثر من (12) مليون نسمة.
وأهم إماراتها هي: المحمّرة والقواسم والمنصور والعبادلة وآل علي والمرازيق. وعدد مدنها أربع وعشرون مدينة، فيما يبلغ عدد قراها أكثر من ثلاثة آلاف قرية ومن يستقرئ التاريخ يعلم أنّ الوجود العربيّ في الأحواز بدأ مع ظهور هذه البقعة من الأرض على خريطة العالَم، وتمتدّ الأحواز على طول الساحل الشرقيّ للخليج العربيّ، من شماليّ شط العرب شمالاً إلى مضيق هرمز جنوباً، وذلك على امتداد (850) كم، وعرض (150) كم، وإيران ليس لها أيّ ساحلٍ على الخليج العربيّ، الذي بقي حلماً فارسياً لم يتحقّق، إلا باحتلال الأحواز العربية بتاريخ 20/4/1925م، عندما وقع آخر أمرائها الشيخ خزعل الكعبيّ الآنف الذكر ضحية مكيدةٍ بريطانيةٍ-فارسية، حين دُعِيَ إلى حفلٍ على متن يختٍ بريطانيٍّ في شط العرب، حيث تم اعتقاله مع مرافقيه من قِبَلِ مجموعةٍ من الضباط البريطانيين والفرس، واقتيدوا إلى سجنٍ في طهران، فيما بدأت قوات (رضا خان بهلوي) بالهجوم العسكريّ واحتلال (الأحواز) بمساعدةٍ بريطانيّة ومما أكسب الأحواز أهميةً بالغةً إضافية، هو اكتشاف النفط والغاز الطبيعيّ فيها منذ عام 1908م، وهو الأمر الذي أغرى الغرب وإيران، وكان أحد أسباب احتلالها، فالنفط في الأحواز العربية يمثّل (87%) من النفط الإيرانيّ المعتَمَد، فيما يمثّل الغاز المستخرَج من الأراضي الأحوازية نسبة (90%) من مجمل الغاز الإيرانيّ علماً بأنّ إيران تُعتَبَر من أغنى دول العالَم بإنتاج هاتين المادّتين الحيويّتين المنتَجَتَيْن من هذه الأرض العربية أما الطاقة الكهربائية الإيرانية، فيتم إنتاج (74%) منها، من المصادر الطبيعية الأحوازية كما تشتهر الأحواز بوفرة مياهها، إذ يمر فيها خمسة أنهارٍ كبيرة، أهمها أنهار: الكارون والكرخة والجراحي، وتمثّل مياهها نصف المخزون المائيّ لإيران، وكذلك التمور وغيرها، وببساطة وأقولها بملء القلب حقا: تلك هي الأحواز وهناك نهاية إيران وتحقيق الأمن الخليجي المنشود، حفظ الله بلادي من كل سوء.
أ. د. عبدالله العبدالقادر
المصدر: جريدة اليوم السعودية