#أحوازنا – يريدون البحرين وينسون الأحواز وبوشهر وخراسان
هيمنة الفرس على دولة البحرين كانت عابرة، وواحدة من سلسلة غزوات عديدة قصيرة تعاقبت عليها، ولم تتمكن من امتلاكها، ولم تستطع أن تغير هويتها العربية الثابتة.
“وَدِدّتُ لَو أنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ فَارِسَ جَبَلًا مِن نَارٍ، لَا يَصِلُونَ إلَيْنَا مِنْهُ، وَلَا نَصِلُ إلَيْهِم”. الخليفة عمر بن الخطاب.
يقول التاريخ إن الجغرافيا في العالم كله، من أول حياة البشرية، لم تتغير ولم تتبدل. فلم ينتقل أيٌ منها من مكانه ليسكن في مكان غيره. أهلها فقط لم يعرفوا الثبات على حال. ففي كل مفصل من مفاصل الزمن كانت الأمم والقبائل والشعوب تتبادل الغزو والسطو والعدوان.
ولم تنجُ منطقتنا العربية من اختراقات وغزوات واحتلالات عبر العصور المتعاقبة. ودولنا العربية المتتالية، دولة الخلفاء الراشدين والدولة الأموية والعباسية، فعلت بدول العالم البعيدة وشعوبها ما فعلته بالدول والإمبراطوريات المجاورة. وإيران واحدة منها، وأهمها، وأطولها احتلالا من قبل الجيوش العربية الإسلامية مئاتٍ من السنين.
ومن يطالب اليوم، أيا كان، بإعادة تفصيل الجغرافيا على ما كانت عليه قبل قرون، لا يستمع إلى التاريخ، ولا يفهم ما تقوله الجغرافيا له ولنا وللعالمين أجمعين. إنه إما واهم وإما أحمق وإما خبيث. هذه الحقيقة هي التي يؤمن بها العقلاء، ويكفر بها الجهلاء.
تخيلوا كيف سيغدو العالم الكبير لو تقاتل أهله من أجل إعادته إلى ما كان عليه قبل خمسين عاما، أو مئة، أو ألف، أو بضعة ألوف من السنين؟
فماذا تقولون عن الجنرال سعيد قاسمي، قائد ميليشيات أنصار حزب الله المرتبطة بالمرشد الإيراني علي خامنئي حين يطالب باحتلال البحرين، وضمها إلى إيران، زاعما أنها كانت تابعة لمحافظة بوشهر؟
وبالعودة إلى التاريخ نجد أن وجود البحرين أكثر عراقة من الدولة الصفوية التي تمكنت، في غفلة من الزمن، من غزو البحرين واستعمارها سنة 1602 م”.
فتاريخها يعود إلى أكثر من 5000 عام عندما كانت حضارة دلمون مسيطرة على الخطوط التجارية بين الحضارة السومرية وحضارة وادي السند.
وفي القرن الميلادي الأول، أسماها الإغريق “تايلوس”، تنفيذا لأمر الإسكندر الأكبر. وكانت مركز تجارة اللؤلؤ. أما جزيرة المحرق فأسموها “أرادوس”.
وقبل ظهور الإسلام عرفت باسم “أوال”، نسبة إلى صنم في جزيرة المحرق الحالية كان يعبده بنو بكر بن وائل وتميم، حسب ما تذكر المصادر الإسلامية”.
وقد “كانت جزر “أوال” في تلك الفترة مرتبطة بالساحل الشرقي للجزيرة العربية، وتشكل الجزر مع المنطقة الممتدة من العراق شمالا إلى قطر جنوبا إقليما واحدا يسمى “بلاد البحرين'”. “ثم صار من أوائل الأقاليم التي اعتنقت الإسلام، في 629 م” (العام السابع للهجرة).
وبعد استيلاء العباسيين على الخلافة سنة 750م (132هـ) جعلوا بلاد البحرين وعُمان تحت ولاية اليمامة، حتى ظهرت حركة القرامطة التي استولت على شرق الجزيرة العربية سنة 899 م، وجعلت عاصمتها في الأحساء.
و“في عام 1521 م وصل البرتغاليون إلى البحرين، وأنزلوا قواتهم فيها، ونازلهم عليها زعيم الجبور مقرن بن زامل، فوقع قتيلا في المعركة، وبذلك سقطت جزر البحرين تحت الحكم البرتغالي لثمانين عاما، حتى قام الفرس الصفويون باحتلال الجزيرة سنة 1602م، وحتى سنة 1783 م”.
المهم في هذا الاستطراد التاريخي أن هيمنة الفرس على دولة البحرين كانت عابرة، وواحدة من سلسلة غزوات عديدة قصيرة تعاقبت عليها، ولم تتمكن من امتلاكها، ولم تستطع أن تغير هويتها العربية الثابتة.
ولا نجد ردا عادلا على هذا الجنرال الإيراني المُطالب بضم البحرين إلى محافظة بوشهر، بزعم أنها كانت، في حفنة من السنين، تحت هيمنة الفرس الغزاة، أفضل من أن نطلب منه أن يعيد إلينا أملاكنا، قبل ظهور الإسلام وبعده بمئات السنين، الأحواز، نهاوند، همذان، أصفهان، قومس، جرجان، طبرستان، أذربيجان، كرمان، سجستان، مكران، وخراسان.
هؤلاء هم المتعصبون من الفرس، لا ينصفون، ولا يعدلون، ولا يتقون. نسعى إلى حسن جوارهم، ويسعون إلى عداوات الزمن السحيق الرديء.
ابراهيم الزبيدي
كاتب عراقي
المصدر: صحيفة العرب