#أحوازنا-المشروع الأمني الشامل ، أهداف و تحديات
العقلانية، الوسطية، الإعتدال، الواقعية، دلالات حاولت إدارة الرئيس روحاني تبينيها و تضمينها ضمن خطابها الإعلامي و السياسي منذ انطلاق الحملة الإنتخابية الرئاسية عام 2013، و التي تبنت على إثرها برامج تسعى بالدرجة الأولى إلى تحسين الوضع المعيشي العام عبر الحديث عن مشاريع اقتصادية و سياسية و أمنية ، عرفت بعد ذلك ب(المشاريع الوطنية للتنمية المستدامة ), و التي تهدف الحكومة عبرها التوصل إلى حلول عقلانية و وسطية على حد زعمها، حلول باستطاعتها أن تساعد على صيانة الأمن و الإستقرار المجتمعي و السياسي في إيران و إبعاد الأخطار المحتملة من قبل المعارضة السياسية في الداخل و الخارج، بما في ذلك خطر الحركات الجهادية و السلفية نظرا لموقعية إيران الجغرافية و جوارها لدول تعاني من تهديدات وجودية و بنيوية كالعراق و سورية و افغانستان، حاولت الحكومة الايرانية عبرالحديث عن تنفيذ خطط مستقبلية و كذلك تفعيل المواد المعطلة من الدستور الوطني ، (المادة 15و 19)اللتان تنصان على ضرورة التعلم بلغة الأم للشعوب غير الفارسية و كذلك السماح بتشكيل أحزاب و اتحادات مستقلة عن أجهزة الدولة و رقابتها، و إصرارها على الخصخصة الاقتصادية التي تنص عليها المادة ( 44) ، إلى إزاحة كافة الآثار السلبية التي خلفتها السياسات المتشددة للحكومات السابقة ابرزها حكومة احمدي نجاد المؤيدة من قبل المرشد و الحرس الثوري ، مما دفع بالكثيرين بما في ذلك المجتمع الدولي إلى تعليق آماله على الإدارة الجديدة ، في التوصل إلى حل بشأن أزمات إيران الداخلية و الخارجية بما في ذلك برنامج إيران النووي .
التنمية المستدامة _ مشاريع و خطط
قدم أصغر افتخاري ، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للوزارة الداخلية في حكومة روحاني ، عام 2015 ، المشروع الوطني للتنمية المستدامة في ايران ، باعتباره المشروع الأول و الأهم بالنسبة للوزارة الداخلية وقال أن المشروع ستتم مناقشة من قبل الوزارة الداخلية و عبر تأكيدها على قيم التشاور و العمل المشترك، و بهدف إستثمار الطاقات المحلية في المحافظات التي سوف تكون هدفا و محل تنفيذ لهذا المشروع.
كما ربط وزير الداخلية الإيراني رحمان فضلي قبل ذلك بعام ، المشروع الوطني ، بضرورة صيانة الحدود و العمل على تنمية المدن و القرى الحدودية في إيران كخطوة هامة في سبيل تحقيق الأمن و الإستقرار في البلاد ، مشيرا إلى أن الإستثمار العام و كذلك توفير فرص للعمل و التي قد تساعد على زيادة الإنتاج المحلي، تعد من ضمن أولويات هذا المشروع ، مؤكدا في السياق ذاته على ضرورة الإجماع الوطني و الإقليمي لإنجاح تنفيذ المشروع الوطني للتنمية المستدامة في إيران، ،و في الإجتماع ذاته ،ربط نائب وزير الداخلية حسينعلي أميري المشروع ، بضرورة إعادة ترسيم الحدود للمحافظات، لعيد بذلك طرح خطة التقسيم التي طرحها مساعد الوزير الداخلية الإيراني لشؤون التنمية و الموارد البشرية قبل ذلك بعامين، جواد ناصريان ، و التي طالبت بتقسيم إيران إلى خمسة مناطق، بدلا من إحدى و ثلاثين محافطة و ذلك لإداعاءات إدارية و تنمويه بحتة ، تم السكوت عن هذه الخطة إثر رفض واسع تلقته الخطة من قبل النواب في البرلمان لتخوفهم من إحداث ردود فعل حادة من قبل الشعوب غير الفارسية، و ذلك لما تتضمنه الخطة من تهديد لخصوصيتهم القومية و المحلية و ما تحمله من دلالات تفهمها الأغلبية على أنها خطوات واضحة و صريحة لمشروع التغيير الديمغرافي الذي تنتهجه إيران منذ إنشاء دولتها الحديثة حتى يومنا هذا .
مشروع التمنية المستدامة في الأحواز ( خوزستان)
وفقا لما تناولته المراكز الإعلامية الفارسية في الإقليم على مر عامين، صرح العديد من المسئولين الإيرانيين عن بدء تنفيذ النسخة المحلية من مشروع التنمية المستدامة في الأحواز، و في تصريح للمحافظ الحالي للإقليم، عبدالحسين مقتدايي، في إجتماع ضم العديد من الوجوه الفاعلة في المشروع، من ضمنهم مساعد رئيس الجمهورية و المتحدث باسم الحكومة الايرانية، محمد باقر نوبخت، قال أن المشروع يتمركز على 17 منطقة في الإقليم ، تعرف بتردي أوضاعها الإقتصادية و المعيشية و الأمنية، كما أكد على عزم الحكومة في إنشاء مشاريع إقتصادية في المنطقتين الحدوديتين مع العراق ، شلمچه و الچذابة، و كذلك إنشاء ميناء هنديان ، و مشاريع إقتصادية أخرى بإمكانها أن ترفع من المستوى الإقتصادي و تحسين الوضع المعيشي ، و في نهاية حديثه أكد المحافظ، على ضرورة مواجهة التحديات البيئية التي تواجهها المحافظة مثل العواصف الترابية و التصحر المتزايد الحاصل عن تجفيف الأنهار و الأهوار بسبب بناء السدود الكثيرة علي نهري كارون و الكرخة اللذان يعدان المصادر المائية الرئيسية للإقليم ، و من ضمن المشاريع الإقتصادية التي يتضمنها مشروع التنمية المستدامة في الاحواز ، هي إعادة تأهيل الأراضي الزراعية بحجم 550الف هكتار مربع ، و الذي سمي بمشروع (المرشد) في فترات لاحقة .
مشروع التنمية المستدامة في الاحواز حسب الوثائق المسربة.
تحليل و دراسة جذور عوامل مثل الفوضى، الإدمان، السرقة، وجرائم القتل تعد بمثابة أسباب رئيسية في تدوين و إطلاق هذا المشروع ، و على هذا الأساس تم إيجاد استراتيجية خاصة للتصدي و كذلك الوقاية من حدوث أزمات قد تسببها الأفكار الإنفصالية و التجزئية في المحافظة.
قدرت الله دهقان _المساعد الأمني للمحافظ في الأحواز ، اكتوبر 2014
الخطة الأمنية الشاملة ، مشروع الغدير الشامل ، مشروع التنمية المستدامة ، تسميات تطلقها السلطات الإيرانية على مشروع واحد وفق وثائق سربها ناشطون أحوازيون بعد إطلاعهم عليها و نشرها على شبكات التواصل الإجتماعي، مما أحدثت اضطرابا ملحوظا لدى الاستخبارات الإيرانية بسبب فضح المخططات التي تضمنتها الوثيقة في 45 صفحة ، تم فيها شرح و تبيين الأهداف و التحديات الاقتصادية و السياسية و الثقافية و الاجتماعية التي بإمكانها إعاقة سبل تنفيذ المشروع و التي كان لابد من خلق آليات لمواجهتها و إحتوائها ، بعد أن أقرت الوثيقة التي صادقت عليها جهات أمنية و سياسية بالاضطهاد السياسي و البيئي و الثقافي و الطائفي الذي تدعمه الحكومة مباشرة ،و لذلك كان لابد الحد من التهديدات التي قد تسببها هذه الانتهاكات في المراحل الآتية عبرخلق أجواء مزيفة من الانفتاح الثقافي و السياسي و الاقتصادي ، خطوات يجب أن تنتهجها السلطات المحلية و بدعم من المركز في سبيل تسهيل عملية الإستيطان الواسعة التي تبرمج لها السلطات و بهدف التغيير الديمغرافي الشامل في مناطق يقطنها العرب.
الإستياء المجتمعي العام ، الاضطرابات القومية و الطائفية، إلإشتباكات المسلحة و ازدياد حدة عدم الشعور بالأمن و الإستقرار ، الفقر و تزايد حالات العنف المجتمعي ، سوء استخدام خدمات التواصل الاجتماعي وذلك لعكس حالة الحرمان التي يعاني منها الشعب العربي ، تفاقم أزمة البطالة بسبب استيراد العمال من محافظات و قوميات أخرى ، تقاعس السلطات في إعادة إعمار و تأهيل المدن و القرى المتضررة بفعل الحرب الايرانية _ العراقية و لهدف إرجاع النازحين إلي المناطق الحدودية ، ازدياد قدرة المعارضة السلمية و العسكرية في الداخل و الخارج عبر ارتباطها بمجاميع دولية و اقليمية و جهات حقوقية و سياسية محاولة و بشتى الطرق كسب تأييدها من أجل الاعتراف بقضيتها ، ظاهرة تغيير المذهب ، النشاط المدني المستقل عن أجهزة الدولة و رقابتها ، العواصف الترابية و الأضرار البيئية الناجمة عن السياسات الاقتصادية الخاطئة ، مصادرة الأراضي و السعي في تغيير ديمغرافية الاقليم على حساب العرب و التي أثارت سخطهم و إستياءهم و عدم ثقتهم بالدولة عبر الزمن، تجفيف الانهار و الأهوار و … تحديات إعتبرتها الوثيقة حجر عثرة أمام تنفيذ و تطبيق ( المشروع الأمني الشامل )الذي كشف حقيقة مشاريع التنمية الشاملة التي طرحت من أجل تحسين الوضع المعيشي و الاقتصادي، و من خلال تطلعنا عل الحلول التي طرحت ضمن الوثيقة المسربة، بتنا نعرف أن تلك الحلول جاءت بمثابة ضربة شاملة و قاضية في سبيل احتواء الوجود العربي و تثبيت عدم فاعليته إزاء الغائه الثقافي و السياسي و الاقتصادي ، و في النهاية التخلص من أي تهديد قد تواجهه الدولة الإيرانية من قبله في ظل ظروف إقليمية محتدمة قد تنقلب فيها المعادلة في أي ساعة ضد إيران و سياساتها العنصرية .
يوسف الصرخي