الأحواز قضية العرب المنسية
قطن اﻟﻌﺮب الأحوازيون اﻟﻀﻔﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺣﻴﺚ ﻇﻞ ﻃﺎﺑﻊ اﻹﻗﻠﻴﻢ ﻋﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻌﺼﻮر واﻷزﻣﺎن واﻟﻈﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ. ﻗﺒﻞ اﻷﻟﻒ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻗﺒﻞ ﻣﻴﻼد اﻟﺴﻴﺪ اﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم كانت ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺟﻨﻮب اﻟﻌﺮاق واﻷﺣﻮاز ﻣﻐﻤﻮرة ﺑﻤﻴﺎﻩ اﻟﺨﻠﻴﺞ وﻣﻴﺎﻩ اﻷﻧﻬﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﻞ ﻣﻴﺎﻩ اﻟﺠﺒﺎل اﻟﻤﺠﺎورة إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻴﺞ العربي. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت اﻟﻤﻴﺎﻩ ﻓﻲ اﻷﻟﻒ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ﺗﻨﺤﺴﺮ روﻳﺪاً روﻳﺪاً ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺑﻔﻌﻞ ﺗﺮﺳﺐ اﻟﺘﺮﺑﺔ واﻟﻄﻤﻲ ﻣﻦ ﻣﻴﺎﻩ اﻷﻧﻬﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .
ﺳﻜﻨﺖ ﺗﻠﻚ اﻷرض ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻗﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻟﻌﺮاق. ﻟﻘﺪ كانت اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وأرض اﻟﻌﺮاق أول ﻣﻦ اﺳﺘﻮﻃﻦ ﺑﺤﻜﻢ اﻟﺠﻮار اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﻨﺒﺴﻄﺔ اﻟﻤﺤﺎذﻳﺔ ﻟﺸﻮاﻃﺊ وﺳﻮاﺣﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف اﻷﻧﻬﺮ واﻟﻮدﻳﺎن ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮف اﻵن ﺑالأحواز العربية. ﻋﺮﻓﺖ ﻃﻼﺋﻊ هذه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﻴﻼﻣﻴﻴﻦ اﻟﺴﺎﻣﻴﻴ؛ ﻓﺎﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﻴﻼﻣﻲ اﻟﺴﺎﻣﻲ كان أول ﻣﻦ سكن ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻮاﺣﻞ اﻟﺨﻠﻴﺞ العربي ﺑﻌﺪ اﻧﺤﺴﺎر اﻟﻤﻴﺎﻩ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺷﺎﺳﻌﺔ هناك. ﻓﻤﻨﺬ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺎﺑﻠﻲ اﻷول، 2800 ﻋﺎم ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻴﻼد ﻋﺮف ﺗﻮاﺟﺪ ﻟﻠﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ (اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ) ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف ﻧﻬﺮ اﻟﻜﺎرون (ﻧﻬﺮ اﻟﻘﺎرون) وﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎف ﻧﻬﺮ اﻟﺠﺮاﺣﻲ وﻧﻬﺮ اﻟﺪز اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺮي ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻳﺎر .
وﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ من الخليج العربي ﺳﻜﻨﺖ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﻦ واﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ هذا اﻟﺴﺎﺣﻞ ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ وﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎن العربي ﻓﻲ الضفة الغربية من الخليج العربية والجزيرة العربية واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺤﻀﺎرﻳﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ. ﻓﺎﻟﻮﺟﻮد اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ ﺳﺒﻖ ﺑﻮﺟﻮدﻩ، ﻧﻈﺮاً ﻻﻋﺘﺒﺎرات ﺟﻐﺮاﻓﻴﺔ، ﺗﻮاﺟﺪ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﻲ المناطق المجاورة .قطنت اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ “اﻟﻌﻴﻼﻣﻴﺔ” اﻷﺣﻮاز اﻟﺘﻲ كانت ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ إﻟﻰ ﺳﻠﻄﺔ الدولة الأكدية ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ “أور “،ﻣﻜﺎن ﻣﻮﻟﺪ أﺑﻲ اﻷﻧﺒﻴﺎء ابراهيم اﻟﺨﻠﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم، اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﻌﺮاق اﻟﺤﺎﻟﻲ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﺳﻴﻄﺮ اﻟﻌﻴﻼﻣﻴﻮن ﻓﻲ ﻋﺎم 2320 . ق م ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮاق واﻟﺴﺎﺣﻞ اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﻠﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ . وﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺒﺎﺑﻠﻲ ﺣﻤﻮراﺑﻲ ﻋﺎم 2094 . ق م أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻌﺮاق و “ﻋﻴﻼم” ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ كان ﻧﻔﻮذ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﻣﺨﺘﺼﺮاً ﻋﻠﻰ ﻋﺮاق ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ. ﻗﻮﻳﺖ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺁﺷﻮر وﺳﻴﻄﺮت ﻋﻠﻰ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺑﺎﺑﻞ وﺣﻮاﺿﺮهﺎ ﻣﻦ ﻋﻴﻼم (اﻷﺣﻮاز اﻟﻴﻮم) وﻗﻀﺖ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﻴﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 646 . ق م .
ولا توجد حتى يومنا هذا إحصائيات دقيقة عن عدد سكان الأحواز العرب، وتمنع السلطات الإيرانية أن تقوم مراكز إحصاء خاصة تقوم بالعمل الميداني لإحصاء المدن والقرى والأقضية في الأحواز. ولكن حسب المعطيات العلمية القريبة للواقع ، لا يقل عدد سكان الأحواز من شماله حتى المدن والمناطق الجنوبية من عشرة مليون نسمة .
ترجع عروبة الأحواز وقبائلها العربية إلى ما قبل الفتح الإسلامي للأحواز العربية وتعود جذور الشعب الأحوازي إلى قبائل بني تميم وبني خالد وبني أنمار وبني العم وبني تميم وطي وبني إياد وبني وائل وبني مالك وبني ساله وقبائل شمر والدواسر وكعب وتعتبر قبيلة بني تميم من بناة الأحواز ما قبل الإسلام وكل هذه القبائل لها امتدادات وجذور تاريخية في العراق ودول الخليج العربي واليمن.
ويعاني الشعب الأحوازي العربي المسلم من سياسات التفريس والتفير والتجهيل الممنهج من قبل السلطات الإيرانية في الأحواز ويمنع على الأحوازيين التعلم بالمدراس والجامعات العربية حيث نعلم أطفالنا اللغة العربية في البيوت عندما نتكلم معهم باللغة العربية وأيضا يتعلم أطفالنا اللغة العربية أثناء الحياة اليومية عند الارتباط مع الأقران والأقارب والجيران، لأن في الأحواز على الأغلب تستخدم اللغة العربية في تعاملتنا غير الرسمية وأيضا ساهمت القنوات العربية الدينية وغيرها في تعليم أطفالنا اللغة العربية حينما يتابعون الأخبار والبرامج لهذه القنوات باللغة العربية.
وتضيق السلطات الإيرانية العمل على النشطاء في داخل الأحواز وتنفذ هذه الاستخبارات الإيرانية عمليات اعتقال واسعة بحق النشطاء والمناضلين الأحوازيين ويرتكب أبشع الجرائم والانتهاكات بحقهم، وذلك لأنهم متمسكين بهويتهم العربية والإسلامية ويطالبون بحقوقهم السياسية والمدنية. والعديد من النشطاء الأحوازيين يتم اعتقالهم وزجهم في الزنازين الانفرادية التي مساحتها أقل من مترين ويقضون فيها فترات طويلة قد تزيد عن السنة والسنتين في بعض الأحيان. والكثير من المناضلين يقضون فترات تصل لسنوات بدون تقديمهم للمحاكم وحتى وإن تتم محاكمتهم فلا يُحرمون من حق توكيل محام ومن جميع الإجراءات القانونية الأخرى وغالبا ما تكون المحاكمات صورية.
المصدر : مجلة البيان