الاجندة السياسية بين الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية
الجمهورية الإسلامية الإيرانية لها اجندتها السياسية في العالم العربي والإسلامي،
خاصة في العراق ولبنان وسوريا والبحرين والسعودية وغزة، المملكة العربية السعودية بالمثل،
اي تملك أجندتها في العراق ولبنان وسوريا والبحرين وإيران وغزة…. الاجندة ليست حكوماتٍ
أو جيشا، بل احزاب وجمعيات وشخصيات ومنظمات، والاجندة السياسية لبلد ما اشبه باذرع
تعمل في بلدها لصالح الدولة الموظِّفة بشكل من الاشكال، وفي سياق ظروف معقدة بطبيعة
الحال.
العالم يعرف ان لكل من إيران والسعودية أجندتها في هذه البلدان وغيرها، بل هذا
ما تصرح به ايران علنا، ولكن بلغة سياسية احترافية، فقد صرحت أيران اكثر من مرّة أن
لها عمقها الاستراتيجي في العراق ولبنان، وفي المقابل تسربت أخبار تفيد بان السعودية
كثيرا ما اخبرت الرئيس السوري بشار الاسد من أن عائلة الحريري خط أحمر!
تنظير العلاقة بين الدولة (الاجنبية) واجندتها ما زالت بعيدة عن علم السياسة،
فهي ليست مثل موضوعة (العلاقات الدولية)، حيث قد تكون موضوع شبه علم، ومن الصعب استقراء
اشكالها واسبابها ومجرياتها، ولذلك تخضع للتقدير الشخصي وما نملك من معلومات، وبالتالي،
هي في غاية الصعوبة بل وفي غاية الإشكالية.
المهتمون بالصراع الإيراني السعودي في الشرق الاوسط يتابعون بدقة وحرص نوعية
العلاقة بين كل منهما من جهة وبين الاجندة المرتبطة، لسبب بسيط، ان هذا الصراع سواء
كان بالاصالة او بالوكالة، وبالوكالة من طرف واحد أو من طرفين اخذ يقرر مصير الشرق
الاوسط…
ماذا يقول هؤلاء المهتمون ؟
1 : ان الضابط
الذي ينظم العلاقة بين إيران واجندتها يغلب فيها (العقيدي ) على (السياسي ) فيما العكس
هو الحاصل في نوعية الضابط الذي ينظم العلاقة بين السعودية واجندتها، مما قد يترتب
عليه أن الاجندة الايرانية محكومة بقيم المعتقد، وبالتالي، تتسم بالطاعة والولاء، فيما
إ ن الاجندة السعودية محكومة بقيم السياسة، وبالتالي، قد لا تتصف بالولاء (الجبري
) ؟ هكذا يتساءلون!
2 : من خلال الرصد
الميداني يقول هؤلاء المتابعون أن إيران تجهر بان لها اجندتها، وتعلن ذلك بشكل صارخ
وصريح، فيما لا تجرا السعودية بذلك، وفيما تعلن عن ذلك تلجا الى اللغة الدبلوماسية
الهادئة، او الملمِّحة، بل أكثر من ذلك إن الجمهورية الاسلامية تصرح علنا بأنها تخطط
مع اجندتها وتزودها بالسلاح والمال، والسعودية تعمل على ذلك ولكن بسرية أوشبه سرية،
بهدوء احيانا يصل الى حد الكتمان البالغ، ولكن هؤلاء المهتمين إنما يطرحون هذه التصور
بلغة نسبية بطبيعة الحال وليس مطلقة.
3 : ومن خلال
الرصد الميداني أيضا، يقول هؤلاء المهتمون إن ا يران مغرمة بتشقيق اجندتها، اي تجزئتها،
لا تريد أجندة موحّدة، تريد أجندة متشتتة، هذا على الاغلب، وقد وضحت هذه السياسة بشكل
صارخ على سياسة إيران تجاه المعارضة العراقية، وربما البحرانية، وقبلا المعارضة الافغانية،
ولم تتوفر دلائل على أن سياسة السعودية تجاه اجندتها تحمل مثل هذا الطابع، لماذا ؟
هناك اكثر من تفسير لهذه الحالة، منها : كي تحكم ايران قبضتها على هذا الاجندة، ومنها
: كي تبقى هذه الاجندة بحاجة الى ايران، وهناك تبريرات اخرى لا مجال للتوغل فيها.
4 : ومن خلال
رصد ميداني ايضا، يقول هؤلاء أن إيران تتدخل تفصيليا بطريقة تفكير وعمل وتوجه ومجريات
اجندتها، فيما السعودية كما يقول هؤلاء تترك التفاصيل لاجندتها، تساهم في طرح افكار
عامة، توجيها ت عامة، أما التفاصيل فالاجندة هي المسؤولة عن ذلك، ولا تتدخل الا عندما
ترى ان مصلحتها القومية تتطلب ذلك، ويحذر هؤلاء المهتمون من أخذ هذه النقطة على وجه
الاطلاق، فلا إطلاق في السياسة، ولكنها حالة لها مصاديقها الكثيرة، ربما السعودية تمارس
ذات السياسة ولكن المصاديق التي تؤشر على ذلك غير متوفرة كما هي متوفرة في خصوص علاقة
إيران باجندتها، هكذا يقول هؤلاء المهتمون.
يستدرك بعض هؤلاء المهتمين بهذا الشان ليؤكدوا أن ما يطرحوه من تصورات هنا ليست
مطلقة كما اسلفت، ففي الوقت الذي عملت به ايران على تشقيق أو تكثير الاحزاب الاسلامية
في العراق من داخل الاحزاب الاسلامية الكبرى نجدها عملت بقوة على إخضاع حركة أمل لتوجهات
حزب الله الذي اعلن بكل وضوح انه يخطط مع ايران ستراتيجيا، وفي الوقت الذي كانت فيه
السعودية تدعم الاخوان المسلمين كأحدى أجندتها المهمة في الشرق الاوسط نجدها اليوم
تعمل على زحزحتها بعيدا واستبدالها باجندة اخرى، وربما تعمل بالسر على تشقيقها!
المصدر: إيلاف