حوار أميركي – إيراني ؟!
حتى الآن لا حوار جدي محدد بين واشنطن وطهران، وان يكون الحوار اخذ طيلة انقطاع
مفاوضات 1 + 5، اشكالا مختلفة كانت تدور حول قضايا جانبية (غير هامشية) طيلة الوقت
منذ عام 1993.
نقطة الخلاف حتى الآن في مواجهة بدء الحوار الثنائي هي العلنية التي ترفضها طهران،
حتى لا تبدو وكأنها تساوم على سوريا او على لبنان او على العراق او حتى على برنامجها
النووي، فواشنطن لا يمكن ان تكف عن استعمال الصحافة كجزء رئيسي من مناوراتها.
واضعاف الخصم في تصارع الارادات. فلقد نجحت واشنطن وطهران في الحوار على العراق
في مطلع التسعينات، واستطاعت طهران خداع النظام العراقي بامكانية البقاء على الحياد
في معركته مع واشنطن، بل واقناع النظام العراقي بنظرية عدو عدوك .. صديقك.
حتى ان نائب الرئيس العراقي رتب لجوء جزء كبير من سلاح الطيران العراقي الى ايران
لتفادي تدميرة. فأمسكت طهران بالغنيمة المجانية، وتركت واشنطن تمارس قوة الحلف الاطلسي
المعدة للاتحاد السوفياتي وحلف وارسو على.. العراق وحده. بل وقد سمح النظام الايراني
لنفسه باطلاق جيش الأحزاب الشيعية العراقية وبدعم وصل الى 35 ألف من الحرس الثوري لاجتياح
جنوب العراق.
وحين استطاع العراق وقف المعركة الاولى مرّر على الاميركيين (ربما برضاهم) حق القوات
الجوية العراقية العمل بحرية في منطقة N6Fly، فدمرت الانتفاضة
تدميراً كلياً!!
لم ينقطع الحوار بين واشنطن وطهران، حتى بعد هذه العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة
على النفط والتجارة في ايران ويمكن القول بان ما يجري في سوريا هو جزء من الضغوط الاميركية،
وان قرارات مجلس الامن الخاصة بلبنان وفرض انسحاب حزب الله من الجنوب وتموضعه الى شمالي
الليطاني هو جزء من الضغوط. وما يجري الآن من تأزم بين حكومة المالكي وحكومة الاكراد
في الشمال هو ايضا جزء من الضغوط.. هذا الى جانب وجود اكبر قواعد اميركية ارضية وجوية
خارج اميركا موجودة في مياه الخليج ، قبالة الساحل الايراني.
المسرح الآن مفتوح لبدء تفاوض جدي اميركي – ايراني، فالاميركيون لا يمانعون في
«مجالات حيوية» ايرانية في المنطقة تأخذ طابع المصالح المشتركة مع اميركا ومع دول المنطقة.
لكنهم يمانعون كثيرا في المس بمصالحهم النفطية، والاستراتيجية وهم مستعدون لتقبل الصراع
الشيعي – السني، ومستعدون لتنشيط هذا الصراع باعطاء الاخوان المسلمين والسلفيين فرص
تقوية التجمع السني بالاضافة الى تركيا.
ثم ان الاميركيين لا يهمهم كثيرا وصول ايران الى القدرة النووية العسكرية رغم انها
تضع اعلامياً خطاً احمر ازاءه. فباكستان تملك قنابل نووية وصواريخ بالستية تحملها وهي
لا تجد ان مثل هذه التكنولوجيا لا تؤدي الى الحروب.. وانما على العكس فقد رسخت السلام
بين الهند وباكستان ولم تجد اسرائيل ان «القنبلة الاسلامية» تهددها!!.
المصدر: الرأي
الأردنية