العالم يعترف؛ إيران أساس المشكلة.. لكنه يجهل العقلية الفارسية
إن العالم العربي شعوباً وحكومات باتوا متيقنين أن نظام طهران يمارس الكذب والازدواجية في المعايير السياسية والعلاقات الدولية أكثر من ذي قبل، وأن النظام الإيراني – الجمهورية الإيرانية الإسلامية – لم يعد بعد محل للثقة والاعتماد في محيطه العربي خاصة، والعالم عموماً. فالمتابع للشأن الإيراني في حيرة من أمره لكثرة تصريحات القادة الإيرانيين التي لا تمت للصدق بأية صلة لا من بعيد ولا من قريب، وتأكيداً على هذه الازدواجية في المعايير السياسية والكذب الإيراني، من الممكن أن نستشهد بأحدث التصريحات لكبار القادة السياسيين والعسكريين لنظام طهران بتاريخ 26/9/2014. أولاً: تصريح رحيم صفوي المستشار الأعلى للشؤون العسكرية للمرشد علي خامنئي ورئيس الحرس الثوري السابق، قائلاً: "إن التحالف الغربي – العربي برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية غير مؤهل لمحاربة التكفيريين الإرهابيين، لأن الغرب والعرب – والمقصود هنا، الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية والإمارات وقطر – من صنع هؤلاء". (ائتلاف غربی – عربی به رهبری آمریکا صلاحیت لازم برای مبارزه با تکفیریهای تروریست را ندارد، زیرا خود، عامل به وجود آورنده آنهاست). وثانياً: تصريح ممثل المرشد في مجلس الأمن القومي الإيراني، والعضو في مجلس تشخيص مصلحة النظام سعيد جليلي، حيث قال: "اليوم، باتت كافة القوى العالمية – القوى الكبرى – تعترف أن حل قضايا المنطقة – المنطقة العربية – بدون حضور جمهورية إيران الإسلامية غير ممكن"، (امروز قدرتهای دنیا به این اعتراف میکنند که حل شدن مسائل منطقه بدون حضور ایران اسلامی امکان پذیر نیست). وتعقيباً على ما ورد في تصريحات هؤلاء القادة الإيرانيين، يبدو أن رحيم صفوي لم تسعفه بعد ذاكرته ليتذكر أن دواعش الشيعة هم أكثر بكثير من دواعش السنة، إذا صح التعبير، وأن فيلق القدس وسياسات طهران التوسعية هي من صنعت الدواعش – السنة والشيعة – في العراق وسورية ولبنان واليمن، ليأتي تصريح زميله سعيد جليلي على أنه وبدون حضور طهران لا يمكن أن يستتب الأمن والأمان في مناطق نفوذ إيران السياسي، ويبدو هذا الأخير نسي أن طهران استُبعِدت من التحالف الدولي – العربي بسبب سلوكها الأعوج في الإقليم، إنما الطريف في الأمر، لم يوضح بعد – سعيد جليلي – كيف لطهران معالجة الدواعش في العراق وسورية، وهل هي ضرب الداعشي السني بالداعشي الشيعي لتشتعل المنطقة أكثر، أم غير ذلك!!؟ ومن خلال سير الأحداث والمواقف السياسية لطهران، نستشف وبوضوح لا لبس فيه، أن حديث ممثل المرشد الأعلى علي خامنئي في مجلس الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي على أن حل قضايا المنطقة بدون حضور إيران إنه ضرب من الخيال، في واقع الأمر، يأتي حديث الأخير في إطار الاستجداء الإيراني المتكرر على لسان كبار قادتها الروحيين والسياسيين والعسكريين للإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي طيلة الأشهر الماضية، على أن طهران قادرة أن تعالج الدواعش والإرهاب في العراق وسورية إذا طُلِب منها ذلك في الإطارين التاليين: أولاً، محاولة إيران أن يناط بها دور الشرطي في المنطقة العربية على غرار الدور الإيراني في أيام الشاه، والذي كان مختصراً على منطقة الخليج العربي، ثانياً، ربط محاربة الدولة الإسلامية – داعش – من قبل إيران بملفها النووي المثير للجدل، واعتراف الغرب "بسلمية البرنامج النووي الإيراني". وبالعودة للعقلية الفارسية، والتي بُنِيت على جملة من الأوهام التاريخية والكذب والتزوير والغرور على أنهم العرق الأفضل في الإقليم قد يستغرب المتابع للشأن الإيراني من هذا الاستجداء المتكرر، إلا أن هذا الإلحاح في الاستجداء من قبل إيران للولايات المتحدة، قد لا يدركه إلا من تعمق في هذه العقلية وأدرك نمط التفكير لدى الشخصية الفارسية، ورغباتها المستقبلية في تحقيق أهدافها في الإقليم، فإيران ترى أن مشروعها النووي هو بمثابة الضمان المستقبلي للحلم الإيراني القومي الشيعي في المنطقة، لكن، وفي الوقت نفسه قد تتنازل إيران عن المشروع النووي برمته في حال اعترف الغرب أن إيران شرطي المنطقة، وعدها من الكبار في العالم، وهذا الأمر، الذي تتلهف إيران إليه، وفي حال تحقق لها، قد يكون أخطر بكثير من مشروعها النووي على دول الإقليم وشعوبها. وبناءً على الأحداث الأخيرة في اليمن، يرى البعض أن اليمن قد تكون مستنقع إيران بسبب الوضع الاجتماعي القبلي المعقد، وصعوبة الجغرافية في اليمن، إلا أنهم نسوا وضع العراق القبلي الذي مازال ماثلاً أمامنا، ناهيك عن الطائفية التي تجيدها إيران أكثر منا نحن العرب لأنها أي – الطائفية – ثقافة سياسة معتمدة لنظام طهران منذ التأسيس وإلى يومنا هذا، كما إنها أي – طهران – بارعة في توظيف بعض زعماء القبائل العربية، من ذلك تجربة رضا شاه البهلوي في توظيف القبائل العربية في الأحواز لصالحه في الماضي، والتي استمر نظام ولي الفقيه في تطبيقها، حيث يطبقها اليوم قاسم سليماني بخبث شديد في العراق، وقد يكون اليمن الوجهة التالية لهذا الخبث الفارسي القديم الجديد!! iranfiles@almezmaah.com مركز المزماة للدراسات والبحوث بقلم: جمال عبيدي