الجاليات الإيرانية قنبلة موقوتة في دول الخليج العربي
لا تستغربوا عندما
تنقل الصحفية الإيرانية فرزانه روستايي عن علي اكبر صالحي وزير الخارجية الإيراني قائلا
قبل ثلاثة سنوات (يجب على الوزارة الخارجية أن تسعى لإقناع أمريكا بقبول إيران كمرتكز
لسياستها الخارجية في المنطقة بدل إسرائيل و أن تتحول إيران إلى إسرائيل المنطقة)،
فهذه حقيقة الفرس الحاقدين. و لكن ما يثير الاستغراب و الحيرة عندما تستمر شريحة
واسعة من العرب بتسويقها السياسي للمشروع الصفوي في المنطقة و الترويج له.
عندما عبرت فئة قليلة من سياسي و مثقفي العرب
قبل سنوات عن رؤيتها تجاه المشروع الإيراني في المنطقة و عن الفكر الصفوي الذي
تحمله هذه الدولة المتمردة، و قارنت بين خطرها و الخطر الصهيوني و تأثيرهما على
الأمن القومي العربي. اتُهمت جزافا بالعاملة للغرب و إسرائيل، و اتُهمت غلوا بحرف
الصراع العربي – الصهيوني إلى صراع عربي – إيراني، و خلق عدو جديد للعرب و العرب
بغنى عنه.
لكن اليوم و بفضل السلوك العدواني للدولة
الفارسية في الوطن العربي باتت هذه الرؤية تتضح أكثر فأكثر للأمة. باعتبار إيران أصبحت
تشكل طرفا خطيرا في الصراع الجاري في المنطقة ضد العرب. و خطرها لا يقل عن الخطر
الصهيوني حتى و أن اختلف عنه ببعض التفاصيل و الجزئيات.
لم يؤخذ المشروع
التوسعي لإيران بعين الاعتبار. و لم يعط الطموح الفارسي للتحكم بالمنطقة العربية قليلا
من الاهتمام اثناء التعاطي مع هذه الدولة المارقة. شجعت إيران الهجرة نحو الخليج
العربي و دعمتها ماليا و سياسيا و فكريا. و في نفس الوقت فتحت مراكزها الثقافية و مدارسها
التربوية و الدينية في دول الخليج العربي لتغذية هذه الجاليات الإيرانية بمعية شرائح
واسعة من الشعب العربي الخليجي، بمعتقدات و توجهات لا تخدم قيم المواطن و المواطنة
و انما تخدم المشروع الصفوي و الأهداف الفارسية. و قابلها العرب بكثير من التجاهل
و الاهمال.
تمكنت إيران من خلال
دعمها المالي و السياسي للإيرانيين المجنسين في الدول الخليجية و أيضا الجاليات
الإيرانية المقيمة هناك أن تصل بهم إلى مراكز صنع القرار في هذه البلاد، و أن يتبوؤوا
مناصب رفيعة و حساسة. حيث باتت تؤثر على القرار الاقتصادي و السياسي لهذه الدول من
خلال نفوذها بواسطة هذه الجاليات. بل بعض الدول الخليجية أصبح اقتصادها مرتهنا
للقرارات السياسية في طهران و قم.
اما الوضع القانوني و السياسي لهذه الجاليات،
امست شرائح واسعة منها تحمل الجنسيات الخليجية و تتمتع بحقوق المواطنة! و لكنها
تتنصل عن أداء واجباتها و مسؤولياتها و لا تدين بالولاء لهذه الدول – رغم النعيم
الذي تعيش فيه – و انما قلبها و عقلها في قم و طهران. و في نفس الوقت باتت هذه الجاليات تلعب أدوارا
سياسية و إعلامية ملموسة لا يمكن لصانع القرار السياسي في الخليج أن يتجاهلها.
تُحسب اليوم الجاليات الإيرانية في الخليج العربي من أهم مصادر التهديد الإيراني، للأمن
السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي في هذه الدول و يجب التصدي لها.
تحوّل التمدد و النفوذ
الإيراني بعد احتلال العراق من الخفي و الناعم إلى العلني و العنيف و أخذ منحى
خطيرا، ضد الأمن الخليجي. من خلال الضخ الإعلامي الذي وفرته ماكينة إيران
الإعلامية و الغطاء السياسي و الدبلوماسي الذي أمنته الدولة الفارسية للطائفيين و للفكر
الصفوي. باتت المنطقة الخليجية تعج بالمشاحنات و التناحرات و أصبح الفكر الطائفي و
المواقف الطائفية هي السمة الطاغية عند كل جهة عقدية كانت أو عرقية مرتبطة بإيران.
و الهوية الطائفية نمت و كبرت على حساب الهوية الوطنية التي اضمحلت و تراجعت في
الآونة الأخيرة بدرجة مخيفة.
بعد مرور سنوات عديدة من
الإهمال و التجاهل الخليجي للدور العدواني لإيران، بات ضروريا على الحكومات
الخليجية و المؤسسات و الجمعيات أن تنهض و تتصدى للمشروع الصفوي و إن بدا الوقت
متأخرا، قبل أن يزداد تناحر أبنائها.
تُعتبر الجاليات
الإيرانية المُجنسة و المقيمة على الأراضي الخليجية أدوات و أهدافا إيرانية متجددة.
تُعتبر أدوات لأن إيران تستخدمها من أجل نشر فكرها الصفوي في الخليج و مد نفوذها و
التأثير على المعادلة السياسية في هذا الإقليم. و أهدافا متجددة لأنها بيئة خصبة
لتلقف مخططات السياسة التوسعية الإيرانية في الخليج و هي القوة البشرية التي تدين
بالولاء لإيران و هي الموجه الأساسي لسلوك ايران السياسي في المنطقة.
تُعد الجاليات
الإيرانية المقيمة في الخليج والإيرانيون المجنسون، قنبلة موقوتة تتحكم بها إيران
عن بُعد. من المفترض على الدول الخليجية أن تعيد مراجعة بعض القوانين و تنظم حقوق المواطن
و شروط المواطنة و تقنن المسؤوليات و الواجبات الملقاة على عاتقهم، و تنظم الهجرة
و الإقامة. حتى تحافظ على هوية دولها و أمنها. و في نفس الوقت تتعامل مع من لم
يلتزم بالدستور و القانون بطرق قانونية و تُسحب منه الجنسية أو الإقامة و يُرحل إلى
بلده الأصلي بعيدا عن الضجيج الإعلامي و السياسي. و الحالة البحرينية المؤلمة
ماثلة أمام العقلاء.
المصدر: العرب الآن