الإعلام و إنتفاضة الأحواز في نيسان 2005 (الحلقة الثانية)
دراسة مقدمة الى قسم
الاعلام في كلية الاعلام والصحافة
بالجامعة الحرة كجزء من
الماجستير في الاعلام
اشراف: د. أكرم محمد
الواقع الإجتماعي و السياسي و الإقتصادي لعرب الأحواز قبل الإنتفاضة النيسانية
قامت الدولة الفارسية بعد الإحتلال بعدة خطوات و سياسات ممنهجة، و مستمرة
تسهدف الإنسان الأحوازي و تاريخه و هويته و ثقافته و أرضه. و حاولت أن تفرض واقعا
مريرا يكبل الشعب الأحوازي بسلاسل من الفقر، و البطالة و الإدمان و المستوطنات و
نهب الثروات و سرقة الآثار الحضارية و تزوير. تضاعفت تلك السياسات في الفترة التي
سبقت الإنتفاضة النيسانية. أهم تلك الخطوات و الممارسات على النحو التالي:
أ- مصادرة
الإراضي و بناء المستوطنات
بدءت محاولات السيطرة على الأحواز من خلال الإستيطان في عهد القاجاريين في زمن
حكم ناصر الدين شاه, حيث حاول فرس الهند الزرادشتيين (المجوس) الأغنياء , (الفرس
الذين هربوا إلى الهند في زمن الفتوحات الإسلامية) ، لشراء الأحواز
برمتها و توطين الزرادشتيين. و دخلت إلى ميزانية الدولة الإيرانية مبالغ هائلة
لذلك الغرض، في وقت الذي كانت خزينة الدولة الفارسية تعاني من الإفلاس و
الفقر.1 و كتب
“ميرزا آقا خان كرماني”، رسالة وجهها إلى الدولة الفارسية، محاولا
إقناعها بقبول و تطبيق هذا المشروع و تأسيس مملكة جديدة لزرادشتي الهند.
________________
1- ولي الله شجاع بوريان, ساحل كارون به تاراج رفت, “إسبوعية ”
همدلي” رقم 66, في يوم الاحد الموافق 11-03-1382 هـ ش( التقويم الإيراني) , ص
2.
و إيران, لتكون مملكة الهند الثانية الغنية مثل بمبئي و كراجي الهنديتين, من
خلال التجارة و الإستثمارات في نهر كارون.1 بعد ما فشلت تلك
المخططات بالاستيلاء على الأحواز من خلال شراءه و الإستثمار فيه من قبل الفرس
الزرادشتيين. لتعود ثانية بعد سقوط القاجاريين واستلام رضا شاه السلطة ويعقبها
إحتلال الأحواز عسكريا ، محققاً بذلك مشروع الفرس الزرادشتيين, من خلال
وساطة ” شابورجي ريبورتر” نجل “أردشير ريبوتر” الذي كان
مندوبا في البرلمان الإيراني عن الزرادشتيين و حصل على لقب رئيس التجار في
إيران من قبل الملك مظفر الدين شاه القاجاري عام 1903. صادرت الدولة الفارسية
منطقة واسعة نحو 7960 كيلومتر مربع في منطقة جم أسخيل, سيد خلف و قرية الكريشان,
الواقعة في غرب نهر كارون في مدينة الأحواز العاصمة, و سلمتها الى شركة تسمى (Imino – Go) المسؤولة عن مشروع توطين فرس الهند الزرادشتيين.3 إستلمت شركة
“مزديستان” التي تتشكل من 300 عضو من الزرادشتيين الساكنين في يزيد وسط
إيران, إلى جانب عدد من اليهود, إستلمت منطقة “جم أسخيل” و مساحتها493
_______________
1.
1حسين فردوست, نشوء و سقوط المملكة البهلوية, دار النشر: مؤسسة
الإطلاعات و مؤسسسة الدراسات و البحوث السياسية, طهران 1984. الجلد 1, ص 114- 115
2.
2عيسى قلي أحمدي نيا, ساحل كارون به تاراج رفت, إسبوعية ”
نداء الجنوب” رقم 36, في يوم الثلاثاء الموافق 13_03-1382 هـ ش, ص 1 و 2.
3.
3ولي الله شجاع
بوريان,مصدر سابق, ص 2.
هكتار, و بنت أكبر مستوطنة في الأحواز
العاصمة تسمى ” كيان بارس” في عام 1333 هـ – ش.1
بعد الإحتلال مباشرة إقتطعت الدولة الفارسية أجزاء كبيرة من اراضي
الأحوازية و ضمتها إلى محافظات فارسية بغية تقليص مساحة الأحواز. و المساحات
المقطوعة ما يقارب 25 الف كيلو متر مربع, 11 الف كلم2 ضمت الى
محافظة فارس و 10 الاف كم2 ضمت إلى محافظة إصفهان و4,400 كلم2 ضمت
إلى محافظة خرم آباد.2 إستمرت الدولة الفارسية بنهج واحد في فترة
النظام البهلوي و النظام الحالي على حد سواء, بأخذ الأراضي الأحوازية بقوة السلاح
و العسكر و مصادرتها لمشاريع إستعمارية، تحت غطاء مشاريع إقتصادية أو تجارية أو
عمرانية أو عسكرية. و أهم مشروع تم تنفيذه في هذا الخصوص في عهد رئاسة رفسنجاني و
أكمله خلفه الرئيس محمد خاتمي هو ” مشروع قصب السكر” الذي
صادرت الدولة الفارسية لإنجازه, مئات الألاف من هكتارات الأراضي الأحوازية
العائدة إلى الفلاحين و المزارعين العرب. وقد أعترف أحد مندوبي البرلمان الإيراني
بأكثر من 120 ألف هكتار من الأراضي الزراعية تمت مصادرتها. و
______________
1- صحيفة ” همساية ها” رقم 261, يوم السبت, الموافق 10-03-1382 هـ ش (
التقويم الإيراني) ص 4.
2- الدكتور مصطفى النجار و الإستاذ فوأد الراوي, عربستان , إصدارات وزارة الثقافة
و الإعلام, دائرة الإعلام الداخلي العامة, السلسلة الإعلامية 119, رقم الإيداع في
المكتبة الوطنية ببغداد 48 لسنة 1981 ص 68 و69 .
هدمت المئات من القرى الأحوازية و أجبرت سكانها إلى الهجرة دون تعويض.1 شيدت السلطة الفارسية عدة مستوطنات مثل مستوطنة ( شيرين1) و ( شيرين 2) لعمال
هذا المشروع التي جلبتهم من المدن الفارسية، و تم توطين أكثر من 50 الف مستوطن في
مستوطنة (شيرين 1) فقط.2 و صادرت السلطات
الإيرانية أكثر من 47 ألف هكتار في منطقة الجفير، لمشروع يسمى
محاربي و معوقي الحرب العراقية- الإيرانية (إيثاركران).3 و صادرت أكثر من 25 الف هكتار بإسم المشروع الإستعمارى لتربية الأسماك فى أراضى
النواصر والبغلانية في جنوب مدينة الأحواز.4 و سلبت أكثر من 100 ألف
هكتار الواقعة من شرق مدينة الحويزة حتى شمال مدينة المحمرة،للمناورات العسكرية
لفرقة 92 المدرعة.5 و تقع في تلك الأراضي العشرات القرى الأحوازية
التي تهجيرها بالقوة. كما صادرت السلطة الفارسية أكثر من 6 آلاف هكتار في مدينة
الشوش وإعطائها إلى (الحرس الثوري) و سمي المشروع بمشروع اِستيطان (رجال الدين)
وتم
_______________
1.
(1)رسالة السيد جاسم شديد زادة التميمي تااريخ النشر 22-4-2005, المصدر موقع
ايران امروز على شبكة الانترنت ملحق رقم 1
2.
(2)المصدر السابق نفسه
3.
(3) المصدر السابق نفسه
4.
(4)جمال محيي, كاتب و ناشط سياسي إيراني- عرب الأحواز أمام التهجير و التطهير العرقي. آراء و
مقالات, جريدة الزمان اللندنية. العدد 2147, التاريخ 27
/ 6 /2005,-AZZAMAN NEWSPAPER- Issue 2147 – Date 27 / 6 /2005- ((اسم الحقيقي للكاتب: محمد شريف النواصري, أمين عام التيار الديمقراطي العربي
في الأحواز, توفي في هولندا في ظروف غامضة في بداية شهر مارس من عام 2007))
5.
(5)المصدر
السابق نفسه
تسريب وثيقة ذلك المشروع و عرفت (بوثيقة
ساردار رشيد) وهو أحد قادة الحرس الثوري.1 و صادر النظام الإيراني أكثر من 70 ألف هكتار من أراضى الكرخة و حوالي 60 ألف هكتار من أراضى الفكة و
ضمها إلى مقاطعة دهلران في محافظة عيلام.2
و تم مصادرة أراض بطول 50 كلم, و عرض 2,5 كلم ، باسم المشروع الإستعمارى
المسمى بـ (اروند كنار) أي “شط العرب” من منطقة الخضر و المنيوحى حتى
القصبة. تم مصادرة آلاف
الهكتارات من الأراضي الزراعية في مدن الخفاجية والحويزة والبسيتين بحجة تطوير
حقول (أزدكان النفطية). و حوالي 30 الف هكتار لصالح شركة المسماة بـ (معين).3
صادرت السلطة الإيرانية أكثر من 25 الف
هكتار في مناطق الشلمجة على حدود البصرة العراقية و أكثر من 30 ألف هكتار بحجة
بناء مشروع تجاري في جزيرة صلبوخ بين مدينتي المحمرة و عبادان. و ما يقارب 20 ألف
هكتار لمشروع إستعماري لتربية الروبيان في منطقة القصبة في عبادان.4 و
القائمة طويلة في مصادرة و نهب الأراضي و الثروات دون أن تعير السلطات الفارسية أي
حق لهذا الشعب الذي يعاني الأمرين جراء تلك السياسة و السياسات الأخرى التي تضيق
عليه الخناق و العيشة بشكل ممنهج و مستمر.
_______________
1- جمال محيي , مصدر سابق
2- المصدر السابق نفسه
3- المصدر السابق نفسه
4- المصدر السابق نفسه
ب- سياسة التهجير:
إستكمالاً لسياسة مصادرة الأراضي و بناء المستوطنات نفذت السلطة الفارسية
سياسة التهجير القسري ضد أبناء الشعب العربي الأحوازي و الهجرة المعاكسة إلى
الأحواز من القومية الفارسية و القوميات الأخرى في إيران. قامت السلطة الفارسية
بأكبر عملية تهجير جماعية في فترة الحرب الإيرانية – العراقية ما بين فترة 1980 –
1988 حيث هجرت مئات الآلاف من الشعب العربي الأحوازي من القرى و المدن المحاذية
للحدود العراقية بحجة خطر الحرب و الخوف عليهم. و تم تهجيرهم إلى العمق الفارسي
مثل محافظة إصفهان و محافظة فارس و محافظة طهران و خراسان. لم تعمر السلطات
الإيرانية و بعد مرور أكثر من 20 عاما من إنتهاء الحرب الإيرانية – العراقية، المدن و القرى و لم تسمح لسكان تلك المناطق بتصليح بيوتهم، ولم يتم إبطال مفعول الألغام الأرضية حتى يومنا هذا من الإراضي الزراعية و
السكانية لعرب الأحواز. و نتيجة للمشاريع المذكورة أعلاه في قسم الف: (سياسة
مصادرة الإراضي و بناء المستوطنات) تم تهجير مئات الآلاف من العرب بعد أن سلبت
السلطة الفارسية أراضيهم و منازلهم و ممتلكاتهم، في عملية ممنهجة تستهدف تغيير
ديمغرافية القطر الأحوازي. و لعل الوثيقة التي تسربت إلى أبناء الأحواز عام 2005 و
عرفت في ما بعد “بوثيقة ابطحي”, كانت تشير و بشكل واضح عبر أوامر و
توصيات ملزمة لوزارات معنية، بان يجب تغير سكان المنطقة إلى ثلث خلال عشرة سنوات
مقابل الفرس و القوميات الاخرى، عبر الهجرة المنظمة للمنطقة.1
1-وثيقة ابطحي ملحق
رقم2
تلتزم السلطة عبر مؤسساتها المختلفة الأمنية و الإقتصادية و غيرها، بتوفير
جميع أدوات و إمكانيات الحياة المرفهة و المريحة و إلآمنة للمستوطنين و المهاجرين.
و تحرم السكان الاصليين (العرب الأحوازيين) من أبسط الحقوق و إمكانيات الحياة
البدائية أو الطبيعة رغم وجود الثروات الهائلة في موطنهم و على أراضيهم التي
يعيشون عليها منذ آلاف السنين, حتى تجبرهم على ترك أراضيهم و قراهم و التوجه إلى
المدن الفارسية أو غيرها، من أجل سهولة الإستيلاء على الاراضي و مصادرتها، لبناء
مستوطنات أو مشاريع إستعمارية تستهدف ديموغرافية المناطق العربية في الإقليم. حسب
الإحصائية السنوية لمحافظة ((خوزستان)) لعام 2003 تم تهجر و إسكان 841,710 شخص في
الأحواز خلال عشرة سنوات أي منذعام 1993 حتى عام 2003 فقط, من أعمار و أجناس و مدن
و محافظات إيرانية مختلفة.1