الجمهورية الاسلامية والعلاقات مع السعودية
بينما الوضع الحالي لسياسة إيران الخارجية في الشرق الاوسط في اسوء
احواله وتدور علاقات سيئة بين طهران و دول المنطقة الا ان يعتقد رفسنجاني الرئيس
الإيراني الأسبق، «لو كانت علاقات ايران جيدة مع السعودية لما كان بوسع الغرب أن
يفرض عليها عقوبات» وما اضطرت طهران بالجلوس على طاولة المحادثات مقتنعة بشرب كأس
الذل، معلناً، أن «من الممكن إقامة علاقات جيدة مع الرياض»،بعد الحوار مع الولايات
المتحدة وأبدى استعداده لبذل جهود من أجل تحسين العلاقات بين إيران والسعودية.
وذكرت “فاينشنال تايمز” أن رفسنجاني قلق من ارتفاع التوتر بين إيران
والسعودية فيما يتعلق بالموضوع النووي والمسائل الامنية في ايران. بذلت ايران
جهدها، منذتولي روحاني مقاليدالحكم، للتواصل باطراف مختلفة اقليمية ودولية لفتح
ابواب جديدة في سياستها الخارجية. وتؤدي ايران لعبتين متطابقتين في الشكل أو
التكتيك، ومنفصلتين في الجوهر أو الاستراتيجية. حيث فتحت طهران المجال لاتفاق
ثنائي مع الولايات المتحدة الاميركية لانعاش اقتصادها المتدهور و الحصول على دور
اقيمي بارزعلى حساب دول المنطقة، بمعنى إدارة الصراع مع الغرب وأميركا تحديداً.
بناءً على هذه الرؤية، تُفقد اخر الذرائع التي تسمح للغرب بحصار إيران وتسمح
بالتالي للجمهورية الإسلامية بحد أقصى من الحركة في الشرق الاوسط، ومن جهة اخرى
تاخذ ايران منحى آخر في سياستها الخارجية عن قريب وتبذل مساعيها للوصول الى اتفاق
مع المملكة السعودية هذه المرة على حساب الشعوب في ايران اولاً ودول المنطقة
ثانياً.
حيث دعا رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران رفسنجاني إلى
انتهاج «البراغماتية»، معتبراً أن بناء علاقات مع السعودية تتيح تجنّب مآزق في
السياسة الخارجية الايرانية. وكشف،انه حضّ مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران،
الخميني على تسوية ۷ ملفات قبل وفاته،
بينها العلاقات مع الولايات المتحدة، مذكّراً بأهمية التواصل بين طهران والرياض. و
يبدو تجاهل رفسنجاني، مقولة الخميني المعروفة الذي قال فيها ” نتنازل عن
امريكا (كما رأينا قبل ايام) ولكن لم نتنازل عن السعودية العربية “.(
بالاشارة الى احداث الشغب في بيت الله الحرام من قبل الايرانيين) ولكم السند”
صحیفه الخميني، صفحات ۳۴۹ تا ۳۵۴
– و صفحات ۳۶۹ تا ۳۷۱”.
وزعم رئيس مجلس أئمة الجمعة في إيران، رضا تقوي تاييداً لسياسات
المعادية للعرب، أن مرشد الجمهورية خامنئي «يقود الوضع في جنوب لبنان، ورفع رأس
غزة بقيادته، ويمنح سورية مناعة في تصدّيها للثوار». واتهم أنصار الرئيس الاسبق
حسني مبارك بارتكاب «مجزرة» في مصر، مبرّراً ما يحدث هناك بعدم وجود “وليّ
فقيه”. كما جاء على الموقع الالكتروني للعربية وصحيفة الحياة في 22 من اغسطس
الجاري. من جهة اخري قال رفسنجاني، في مقابلة مع صحيفة “فاينشنال تايمز”
في 26 نوفمبر، أن بذل هذه الجهود أيّ توطيد العلاقات مع السعودية رهن بقرار من
قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن إزالة التوتر وكيفية التعامل مع
السعودية. عندئذ يمكن القول، اذا كانت القيادة الايرانية التي يعنيها رفسنجاني
جادة بقراراتها وصادقة، لكان أمر خامنئي، الرئيس الجمهورية روحاني، لتوطيد العلاقة
بالمملكة السعودية كما أمره بتوثيق العلاقة مع اميركا.
تسعى ايران للتواصل مع السعودية بعدما كًشف الغطاء عن تحالفها
السري مع واشنطن و ابرام اتفاقية موقتة مع القوي الدولية حول برنامجها النؤوي المكشوف
عنه. حيث اتضحت تدخلاتها في العالم العربي وتبيّن استهدافها لأمن منطقة الخليج
العربي وخاصة في البحرين واليمن. عندئذ تبعث طهران ” رفسنجاني “وسيطاً
بينها والرياض وبوساطة عمانية ايضاً لاذابة الجليد وتعزيز العلاقات الضحلة وتسوية
المسائل العالقة بهدف الوصول الى اهدافها في الشرق الاوسط وليس للحفاظ على أمن أو
مصالح المنطقة.
وتأتي جملة هذه المحاولات الايرانية للتقارب مع المملكة السعودية
في اطار توافقي للحفاظ على مصالحها أو تدور حول اتفاق ياتي لاهداف شتى:
أ: تحاول طهران تعزيز العلاقات المتدهورة بينها و السعودية، لتحصين
مصالحها القومية وخاصة في قضية مطالب الشعوب في جغرافية ايران.
ب: تسعى من خلال توثيق العلاقات، لتفريد اعضاء مجلس التعاون
الخليجي في ظل التدخلات الايرانية واحتلالها للاراضي العربية والحد من قوة وحدة
الصف العربي
ج: ترحب طهران بعلاقتها مع المملكة العربية حيث لازالت تتعرض الى
ضغوط دولية بسبب مشروعها النووي
د: ستطالب طهران السعودية بعد الاتفاق، بالالتزام بإنتاج حصتها من
النفط في أوبك، لكي لايستطيع الغرب الاعتداء أو الضغط علي ايران
ه: تأتي مبادرة طهران من اجل كسب مزيد من الربح الاقتصادي وتعزيز
هيبة نظامها المتدهورة، ولتستر فشلها مع الغرب واجتياح دول الخليج”بالمرونة
البطولية” بعدما فشلت في تفكيكها من خلال تدخلاتها طيل العقود الماضية.
و : ويضحي النظام الايراني بعلاقاته الخارجية مع دول العربية وخاصة
الخليج عند الحاجة أو الضرورة من اجل مصالح ايران الداخلية أو علاقاته بالغرب.
واخيراً أقول ورغم الثناء الخليجي المفعم بالتفاؤل على روحاني لانتخابه رئيس
لايران الا انه رجّح العلاقة بواشنطن على دول الجوار وعبّر عن نيته بعدم تلبية طلب
زيارة السعودية. وكان هذا الرفض متزامناً مع اللقاءات الاميركية الايرانية في
مسقط. حيث جلست واشنطن مع طهران، دون ان تدفع ادارة أوباما أي ثمن في المحادثات
ولبّت طهران مطالب الولايات المتحدة بما يخدم مصلحة أميركا وأحتفل النظام في طهران
رغم الاتفاقية المخجلة التى تم الاتفاق عليها في جنيف. بينما الحال لم يكن مشابهاً
في معاملة الرياض، حيث ظهر الامتعاض جلياً لدى الكثير من التيارات الفاعلة
والمتنفذة، التي عبرت عن نفسها لوماً وانتقاداً في أكثر من محفل عن العلاقات
الايرانية الخليجية وخاصة التيار المتشددصاحب النفوذ الذي يترأس السلطة الحقيقية
في ايران. ولا يوجد هناك اقبال في ايران أو ارادة حقيقية وصادقة في علاقاتها مع
دول الجوار. ولم تبرم ايران أيّ اتفاقية طول حياتها منذ دولة الصفوية حتى هذه
اللحظة الا من أجل مصالحها ولتنفذ نواياها الخفية التي فشلت في تنفيذها علناً.
والواقع هو خير دليل وليس يصح في الأذهان شيئ إذا إحتاج النهار إلى دليل.
كاتب سياسي
نقلا عن ايلاف