دعم مقاومة الأحواز..واجب ام ضرورة ؟!
لم تحتل ايران العراق وسوريا واليمن فقط،بل هى احتلت الأحواز العربية من قبل،حتى يمكن اعتبار الصمت وضعف رد الفعل العربى على احتلال الدولة الفارسية للأحواز وعدم مساندة مقاومة اهلها وشعبها على مدار نحو قرن من الزمان، كان الاساس الاستراتيجى والمفاهيمى لتوسيع ايران احتلالها فى مرحلة لاحقة باتجاه دول عربية اخرى جديدة.الامر بدا بالأحواز. لقد جرى احتلال الأحواز فى ذات "مرحلة" صدور القرار البريطانى بتسليم فلسطين لليهود الصهاينة اي عقب الحرب العالمية الاولى .لم تشمل سايكس بيكو تقسيما بهدف تفتيت الامة الى دول متناحرة فقط -فذلك احد ابرز الاخطاء فى معرفة ابعاد سايكس بيكو- بل شملت، ايضا ،منح دول الخصوم والاعداء اوطانا جرى نزعها من الجسد العربى –الاسلامى واحتلالها وتغيير هويتها اومحو وجودها ،ليكون هؤلاء الخصوم والاعداء حراسا للمشروع الغربى وادوات لتاديب الدول التى تشكلت وفق سايكس بيكو،وعامل ضمان لتثبيت عوامل الضعف.
كانت الاولى فى قلب الامة –فلسطين-بما حقق فصلا بين جناحي الدول العربية –الاسلامية في افريقيا واسيا ، وكانت الثانية -اي الأحواز- على طرف المنطقة العربية وهي التي منحت الخصم الفارسى ثروة بترولية لا تزال هي عصب الاقتصاد الايراني ومصدر قوته حتى الان .وكان اللافت ان جرى منح فلسطين للحركة الصهيونية واليهود تدرجيا وعبر صراع طويل امتد من وعد بلفور عقب الحرب العالمية الاولى (1917 ) وحتى نهاية الحرب الثانية ،تحديدا فى عام 1947 ،وان جرى انهاء وضع امارة الأحواز وتسليمها لايران وجعلها جزءا من ارضها بين يوم وليلة .كما كان لافتا اكثر ان كلا الاحتلالين جرى انجازهما بيد البريطانيين لا غيرهم ،ووفق خطط كانوا فيها العامل الاقوى فى التنفيذ ،حتى من المحتلين انفسهم.
كانت مأساة الأحواز وما تزال بالغة التعقيد ،واشد تعقيداتها ان كان العامل الأول في الحرب عليها عربيا .كان النسيان والغفلة والصمت على الاحتلال الفارسي وجرائمه في تلك الدولة العربية ،اشد واخطر على القضية الأحوازية من كل عامل اخر، فلم يصدر بشأنها مجرد مواقف عربية –تسجيلية تحافظ على الحقوق – وللأسف كان رد فعل الحركات السياسية الشعبية خافتا هو الاخر ولا يزال.وجاء التعقيد الثاني ان خاضت الدول العربية حربا مباشرة او غير مباشرة لترسيم الحدود مع ايران ،لم تكن الا رسما للحدود مع الأحواز .ففي الحرب العراقية الايرانية وقبلها خلال اتفاقية شط العرب ،جرى ترسيم الحدود مع الأحواز باعتبارها جزءا من ايران ،وهو ما مثل اعترافا بضم ايران للأحواز .ومن يلق نظرة على الخريطة يرى الأحواز هي نقطة التماس والالتقاء الجغرافي بين ايران والعراق بل يجدها البقعه المطلة على الخليج العربي في مواجهة الكويت وقطر والبحرين والسعودية .وهي بالمناسبة منطقة تكاد تكون مفصولة عن ايران سلسلة بجبال زاجروس الشاهقة الارتفاع التي تشكل فاصل طبيعي بينهما ،فيما تواصلها مع العراق ارضا منبسطة.وجاء التعقيد الثالث من انشغال العرب –فعليا او شكليا -بالمعركه الجارية حول فلسطين دون سواها،وحشد كل الطاقات ،بل كان هناك من تصور ان ايران المحتلة للأحواز –ضمن نفس المخطط الاستراتيجى لاضعاف الامة-يمكن لها ان تلعب دورا مساندا للعرب في مواجهة الاحتلال الصهيوني لفلسطين ..الخ. والان، اذ انكشفت طبيعة المشروع الصفوي الفارسي من العراق الى سوريا ولبنان واليمن والبحرين ،الم يحن الاوان ليقول اصحاب القرار الرسمى والشعبى، ان ما ينطبق على حق مقاومة الاحتلال فى العراق وسورية ومن قبل في فلسطين ،ينطبق بنفس الدرجة على مقاومة اهل الأحواز العربية المحتلة .
الم يحن الاوان ان يعلن العرب تبنيهم ودعمهم للمقاومة الاحوازية ؟ الا تستطيع الدول الخليجية ان تقابل دعم ايران للحوثيين والميلشيات الطائفية فى العراق ،بدعم مقابل للمقاومة الاحوازية؟ لقد سجل الاحوازيون بطولات مقاومة طوال قرن من الزمان ،معتمدين خلالها على الله وانفسهم-دون مساندة من اي احد اخر- وقد حافظوا على استمرار مقاومتهم وهم تحت احتلال يعتمد نفس الخطط الصهيونية ،حيث ما يجرى فى الأحواز ليس الا صورة طبق الاصل من الخطة الصهيونية في فلسطين ،اذ تجرى اعمال تهجير وترحيل سكاني واحلال للفرس محل العرب واعمال استيطانية منظمة وممنهجة لتغيير هوية اغلبية السكان، كما تمارس اخطر اشكال الحروب على الذاكرة الوطنية والعربية للأحوازيين فضلا عن اعمال القتل والقمع والاعدام فى الشوارع .هي فلسطين الثانية بلا منازع. كل الاسباب تدفع الان لاعتبار المقاومة الاحوازية مقاومة شرعية فى مواجهة احتلال غير شرعى ،بل دعونا نقول ان الامر لا يتعلق "بالواجب " فقط ،بل "بالضرورة " ايضا !
بقلم :طلعت رميح
المصدر: موقع شؤون خليجية