نظام الملالي يسير نحو الانتحار
يعيش نظام الملالي حالة من الانتعاش هذه الأيام إذ يعتبر أنه حقق انتصارات كبيرة, ولابد من المحافظة عليها, بل يتوسع في السيطرة على بلدان اخرى. تكمن عقدة نظام الملالي في السعودية والأردن, ويتوعد هذين البلدين بالمحاصرة ومن ثم التدخل. ويجد النظام ضرورة محاصرة السعودية من اتجاهين الاول من الجنوب, لاسيما بعد سيطرة الحوثيين على اجزاء من اليمن, وصاروا يتحكمون بالقرار السياسي فيه, اما الاتجاه الثاني فهو من الشرق, اي من البحرين, ومن غير المستبعد ان يفتعل نظام الملالي احداثا جديدة في البحرين لتكون مبررا لتدخله عسكريا تمهيدا لاحتلال هذا البلد, ومن ثم تكون الفرصة مهيأة للتحرك نحو المنطقة الشرقية حيث التواجد الشيعي الكثيف فيها.
ان هدف نظام الملالي قديم جديد, وهو السيطرة على منابع النفط في السعودية لكي يتحكم في تصدير النفط الى العالم الغربي, ومن ثم يفرض ارادته وتكون ايران القطب القوي في الاقليم ويقرر السياسة التي تصب في صالحه. اما الهدف الثاني فهو السيطرة على الاماكن المقدسة وبالذات مكة المكرمة والتحكم بها وفق العقيدة الاثني عشرية.
هذا الكلام مدعوم بتصريحات علنية بات أركان النظام يلوكونها ليل نهار وعلى وسائل الاعلام المختلفة, وهذه الفضائيات التابعة للملالي تتغنى بسيطرة نظام الملالي على عدد من الاقطار العربية, ويعتقد النظام ان المسبحة قد انفرط عقدها, وان الدول العربية ستكون تحت سيطرته, ولم يدرك هذا النظام المغرور ان للتوسع ضريبة سيدفعها نظام الملالي لاحقا, وهي الهزيمة المنكرة. ولكل كبوة نهضة تكون ردة فعلها اقوى ومدمرة.
وفي تقرير للمجلس الأعلى لأمن نظام الملالي المقدم الى مسؤولي النظام حول آخر التطورات في سورية جاء فيه أن سورية تعتبر خطا أحمر يجب الاحتفاظ به, كما يجب الاحتفاظ بكل من العراق وسورية ولبنان واليمن واكمالها بأي ثمن كان لكي تحاصر سائر الدول العربية. وجاء هذا التقرير بعد زيارة علي شمخاني سكرتير المجلس الأعلى لأمن النظام الى سورية ولقائه مع بشار الأسد ومسؤولين آخرين في الحكومة السورية بتاريخ 30 سبتمبر 2014. وجاء في التقرير ان سورية تعتبر خطا أحمر للخامنئي, حيث انه استخدم طيلة السنوات الثلاثة الماضية جميع الإمكانيات لإنقاذ بشار الأسد, وأمر باتخاذ أي خطوة ضرورية بهدف اكمال الحلقة المكونة من العراق وسورية ولبنان واليمن والمحافظة عليها لكي تحاصر سائر الدول العربية عن طريق ذلك. وفي ما يلي بعض البنود الواردة في هذا التقرير: 1-ستراتيجية النظام الايراني ما زالت تراهن على نظام بشار الأسد وحفظه بأي ثمن كان. وأكد الخامنئي قائلا: يلعب كل من محور العراق وسورية ولبنان واليمن دورا حاسما لجمهورية ايران الاسلامية, فلايجب التراجع عنه ويجب اتخاذ أي عمل ضروري في هذا الاتجاه لاننا نتمكن من محاصرة سائر الدول العربية خصوصا المملكة العربية السعودية والأردن عن طريق هذه الحلقة, كما نتمكن من ممارسة الضغوط على دول أخرى كمصر.
2-يؤكد التقرير انه قبل أشهر تغير ميزان القوى لصالح الأسد واصبح اعداؤه ضعافا إلا ان تطورات الأوضاع في العراق خصوصا تنحية المالكي عن السلطة والأمور الداخلية في هذا البلد, قد ادت الى اثارة مشكلات للنظام الايراني في سورية, سواء بسبب نقل القوى والاعتدة عن طريق أراضي العراق, أو إجبار النظام على اعادة جزء من الميليشيات الارهابية كعصائب الحق والكتائب وألوية ابوالفضل العباس وذوالفقار من سورية الى العراق.
3-التطور الأهم كان الغارات الجوية للائتلاف الدولي حيث انها قد قلبت الوضع بعد ذلك, وأكد التقرير ان هناك مخاوف بانه اذا اجهز الاميركان على “داعش” ثم عززوا الجيش السوري الحر قد يتغير سير الاحداث ضد الأسد. وحسب التقرير “بحث شمخاني مع بشار الأسد ومسؤولين آخرين في حكومة سورية خلال الزيارة بالتفصيل حول كيفية تعامل الأسد مع الغارات الجوية حيث يستغلها لصالحه”.
4-وبناء على هذا التقرير, بعد انطلاق الغارات الجوية ضد “داعش” في سورية كانت معنويات الأسد وقادته هابطة جدا حيث كانت زيارة شمخاني ضرورية جدا لرفع معنوياته. اضافة الى ذلك, كان النظام الايراني يريد ان يوجه رسالة عن طريق هذه الزيارة الى اميركا والاعداء الآخرين لسورية بأن النظام متواصل في دعمه التام للأسد.
5-يؤكد المجلس الأعلى لأمن النظام انه يجب ان يحصل على معلومات في ما يتعلق بغارات قوات الائتلاف ضد سورية بأي شكل من الأشكال لأن هذه المعلومات تعتبر “حيوية لأمن جمهورية ايران الاسلامية”. ويفيد التقرير ان المعلومات التي تقدمها الحكومة الاميركية الى الحكومة السورية بشأن الغارات تصل الى النظام الايراني مباشرة.
6-قبل ثلاثة اعوام, وبعد ان تعززت مكانة الجيش الحر في سورية اصبح المعارضون اقوياء, دخل قادة ومستشارون عسكريون لقوات الحرس الايراني الى سورية وتولوا فعلا “مهمة التخطيط والقيادة العملياتية” وحسب ما جاء في التقرير “ان مشكلة سورية لم تكن ستحل بالحرب التقليدية بحيث استخدمت قوات الحرس الايراني جميع تجاربها في الحرب التقليدية وحرب الشوارع, وجربت الخطط الاستخبارية والأمنية لانقاذ سورية, والا لم يكن الجيش السوري قادرا على المواجهة, وكان قد سقط النظام في الأشهر الأولى”. وكانت قوات الأسد محاصرة من قبل المعارضين قبل عامين وحتى قوات الحرس الايراني ومكتب الخامنئي كانا محاصرين من قبل الجيش الحر.
7-تدخلت القوات العملياتية والقادة الميدانيون لقوات الحرس مباشرة في بعض ميادين القتال حيث كان الأمر أكثر تعقيدا لقيادة العمليات. وخلال العامين الماضيين تم نقل الكثير من الضباط والقادة السابقين في قوات الحرس وقوة القدس ممن كانوا احيلوا الى التقاعد, أو كانوا مشغولين بارتكاب جرائم في قطاعات حكومية أخرى عادوا من جديد الى قوات الحرس وتوجهوا الى سورية. بينما تقتني طائرات من دون طيار لقوات الحرس معلومات كثيرة عن المعارضة السورية لتكون قوات الأسد اكثر نجاحا في قمعهم.
8-وبحسب التقرير فإن الإجراءات المتخذة في سورية يتم تنسيقها من قبل الخامنئي ومكتبه الذي يأمر الخامنئي مباشرة عناصر قوة القدس وقادتها. بينما جعل الخامنئي سورية لقاسم سليماني قائد قوة القدس ان تكون شغلها الشاغل وفي الوقت نفسه “خصص اللواء همداني الذي يعرف الجميع مكانته ومنزلته لشؤون سورية على مدار الساعة”. ودائما ما يتنقل سليماني ذاته إلى سورية بحيث اصبح يتردد على ألسن الضباط السوريين عبارة “حينما يتواجد الحاج قاسم سليماني في سورية فنحن ننام ملء جفوننا”.
9-أفاد “أن الخامنئي قد خصص لسورية ميزانية تعادل ميزانية بلد وتكاليف عسكرية وسياسية فلذلك, أعلن “السيد” أن سورية تعتبر الخط الأحمر بالنسبة لنا, ولولا بصيرة القيادة لكان قد انتهى كل شيء” بالتالي كنا نواجه في العراق ولبنان كارثة “يمتد نطاقها إلى طهران”.
10-في الكثير من المناطق العسكرية وقواطع العمليات وفي كل نقاط التفتيش بين الطرق, وبين المدن السورية, هناك طرق خاصة لمرور القوات العسكرية وقوات الحرس الايراني وعناصر النظام الإيراني, بحيث يعبرون منها بابراز “البطاقة الوطنية الإيرانية”. وجدير بالذكر أن القوات العسكرية ورجال الأمن السوريين يكنون احتراما كبيرا لأفراد الحرس الايرانيين ويتعاملون معهم بصفة قادتهم.
11-فضلا عن تواجد قوات الحرس وقادتها في سورية وتدريب قوات الأسد, تنقل قوات الحرس الكثير من العناصر التابعة لنظام الأسد الذين ينتمي جلهم إلى الطائفة العلوية إلى طهران على هيئة مجموعات حيث يتم تدريبهم بشكل مكثف (في فترة تتراوح بين أسبوع و 7 أسابيع) ومن ثم يتم إعادتهم إلى سورية لتنظيمهم في صفوف المجموعات القتالية, أسوة بميليشيات “البسيج” من أجل محاربة الجيش السوري الحر. وقد كانوا يقاتلون في بادئ الأمر تحت يافطة الدفاع عن “الزينبية” لكن في الخطوات التالية كانوا يحاربون للدفاع عن نظام الأسد.
انضمام تركيا إلى التحالف الدولي, بعد المصادقة عليه من قبل البرلمان التركي خصوصا دخول محتمل للقوات البرية التركية الى سورية يشكل تهديدا خطيرا لمستقبل النظام السوري, فلذلك على النظام الإيراني أن يستخدم كل إمكانياته وطاقاته ليحول دون تدخل تركي اكثر نشاطا. ويظهر التقرير أن الأزمة السورية وإطالة الحرب وإراقة الدماء في سورية هي حصيلة لتدخلات نظام الملالي في شؤون هذا البلد والا لكان نظام الأسد قد سقط قبل فترة طويلة, ولم تكن بيئة لنمو وتطور القوى المتطرفة وفي ابعادها الحالية.
إن التطرف والإرهاب والتشدد تحت يافطة “الإسلام” قد ظهر منذ مجيء نظام الملالي الى السلطة قبل 35 عاماً في هذه المنطقة, وسيزول من المنطقة فور إسقاط هذا النظام. وبما أن ظهور ونمو داعش في سورية والعراق ناجم عن سلطة نظام الملالي المشؤومة وتدخلاته فان هزيمة داعش يكمن في قطع أذرع نظام الملالي عن هذين البلدين.
قد يفرح نظام الملالي كثيرا هذه الأيام لكنه سينهزم في وقت قريب, لأن حالة الهبوط والنكوص التي يعيشها العرب لن تطول, واذا كان الشباب العرب الذين ينخرطون في صفوف داعش وغيره لتنفيذ أهداف آنية تلبي أغراضا لمنظمات معينة, فانهم سيكونون نواة مقاومة لنظام الملالي في القريب العاجل.
حسن الطوالبة
المصدر: السياسة الكويتي