#أحوازنا -قراءة في العقل الأحوازي
أن تقرأ عن جماعة أو أقلية في الكتب وتتعرف عليها من خلال الدراسات أمر، وأن تتعامل معها مباشرة من خلال اللقاءات العلمية النخبوية وأن تكون على اتصال مع بعض البارزين فيها من النخب والمفكرين أمر آخر تماماً.. ورغم اهتمامي بالقراءات في الشأن الإيراني، ومن ذلك الأقليات القومية في إيران، إلاَّ أني لم أتعرف بما يكفي على العقل الأحوازي إلاَّ بعد الاتصال والتواصل المباشر معه. ورغم أنها لا تعدو على كونها قراءة شخصية إلاَّ أني أضعها عين الاعتبار في حديثي عن الأحوازيين تحديداً. وفي نقاط مقتضبة أورد أهم ملامح قراءتي المتواضعة للعقل الأحوازي.
1-يتمتع العقل الأحوازي بتشبث نادر بالقضية والمصير والثبات على الحق، يجند نفسه وأبناءه لخدمة القضية ليل نهار ويعكف على انتظار اللحظة المواتية لنيل حقه في الانفصال وتقرير المصير.
2- الأحوازي حساس جداً تجاه مفهوم العروبة وثوابتها، عندما تتعامل معه عن قرب تستعيد عبق العروبة الأصيل ومفاهيم «النخوة» و«الفزعة» العربيتين، وتفهم جيداً معنى أن يكون المرء عزيزاً أبياً رغم أنف كل الظروف والتحديات والمهددات التي يعيشها منذ أن أبصرت عيناه النور.
3- يميز الأحوازي أن له صبراً لا يلين، يبحث عن بصيص أمل يسهم في حلحلة قضيته من هنا وهناك، إن كان ذلك الأمل دعماً من جهة خارجية بكلمة أو موقف سياسي، أو من خلال متغيرات سياسية تتيح له استنهاض قضيته والترويج لها من جديد، إنه الأنموذج الأمثل لقولنا «البحث عن النور من ثقب إبرة«.
4-في لقاء نخبوي جمعني بهم، وعلى هامشه، لفتني تعاون الأحوازيين في كافة التفاصيل رغم محدودية الإمكانيات وصعوبة الحياة، بل والعمل الدؤوب على تدويل القضية رغم ضيق الأدوات والفرص.
5- من المميز أن كثيراً من الأحوازيين بينما قرروا الخروج من الجحيم الإيراني، لم يتركوا ماضيهم وهويتهم وراء ظهورهم كما فعلوا أبناء دول أو قوميات أخرى مع أول فرص لتأمين حياة أفضل، بل تجدهم ماضين في الخارج نحو بناء سمعة الأحواز العربية على نحو يدعو للفخر حقيقةً.
من خلال قراءة سريعة للعقل الأحوازي أردت القول إن إيران «الخصم النمرود» التي أرهقت دول، وبطشت في عموم المنطقة وخطفت ولاءات شعوبها.. استعصى عليها شعب واحد منذ عقود، فهل لنا أن نتخيل ما لهذا الشعب من قوة ومواجهة؟ إن الاعتراف بالأحواز العربية، قد يكون ثقلاً في ميزان القوى ما أحوج دول مجلس التعاون إليه في هذه المرحلة الحساسة وما أقدرها عليه بدعمها لشعب كهذا وفي ظروف آخذة في التهيؤ.
*اختلاج النبض:
يبقى السؤال.. كيف سيستثمر الأحوازي الإدراج المنتظر للحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية وفرض العقوبات عليه؟! وما الضمانات التي سيقدمها لدول الخليج العربية لاعتباره معول بناء لا هدم في منظومة الأمن القومي الخليجي؟!
فاطمة عبدالله خليل
المصدر: صحيفة الوطن البحرينية