ايران العاجزة عن اطعام شعبها تحلم بالسيطرة على طريق الحرير
الدولة العاجزة عن إطعام شعبها، هي أقل بكثير من أن تمد قدماها أكثر من غطاها، وهذا ما لا ينطبق على إيران التي أصبح اقتصادها يعتمد بنسبة أكثر من 40 بالمئة على التهريب.
التهب سعر الخبز في إيران مؤخرا فارتفع بنسبة 40 بالمئة، ولتفادي موجة احتجاجات شعبيّة، خطّطت حكومة حسن روحاني لرفع أسعار الخبز في المحافظة تلو الأخرى، وذلك لسهولة قمع المحافظات المحتجة على هذا القرار.
جاء ذلك إثر خفض أسعار النفط في الأشهر الستة الأخيرة، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات، حتى أصبحت إيران تصدّر نفط الأحواز المحتلة بقيمة 50 دولارا للبرميل الواحد. ووفقا لآخر تقارير منظمة أوبك، بلغت خسائر إيران من صادرات النفط فقط، أكثر من 8 مليار دولار خلال ستة أشهر فقط.
ويتنبأ مراقبون بأن إيران مقبلة على ثورة الخبز والجياع في المستقبل المنظور، إذا ما تواصلت الانهيارات في أسعار النفط، خاصة أن اقتصادها المتعطش على الذهب الأسود، يعتمد على تصدير مشتقات النفط بنسبة تفوق الـ60 بالمئة.
ورغم هذه المؤشرات التي تنذر بانهيار اقتصاد إيران، إلا أن النظام الذي أغرته أوهام القوّة ومرونة الموقف الأميركي الصهيوني بل شجعته، بات يفكّر بما هو أكبر بكثير من حجمه، فأعلن مستشار خامنئي للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أن نفوذ بلاده يمتد من اليمن إلى لبنان!
وكان مستشار خامنئي للشؤون العسكرية والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني، يحيى رحيم صفوي، قد بيّن أن حدود إيران الدفاعية لا تتوقف عند العراق فحسب بل تصل حتى جنوب لبنان، وأكد أن لسوريا أهميّة خاصّة، كونها جسرا للتواصل بين دول شمال أفريقيا وآسيا، وقال “للمرة الثالثة في تاريخ الإمبراطورية الإيرانية يمتد النفوذ الإيراني حتى البحر المتوسط!”.
وفي حين كان الملك الأردني عبدالله الثاني، أوّل من حذّر العام 2004 من الهلال الشيعي، إلا أنّ الطموحات الفارسيّة تتجاوز حدود الهلال المزعوم وتتسع هذه الطموحات لتصل حتى الهيمنة على أجزاء طريقي الحرير الشمالي الصيفي والجنوبي الشتوي والتي تمرّ من منطقة الشرق الأوسط وسواحل أفريقيا.
ومعلوم أن طريق الحرير الشمالي منه، يمرّ من الموصل في العراق وحلب في سوريا، لذلك نلاحظ أن الحرب على أشدها تدور في هذه المناطق وأن قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، يشرف مباشرة على هذه الحرب، والتي ترى إيران أنها ستحدّد مستقبل استراتيجيتها في المنطقة.وإذا كان ظهور تنظيم داعش قد ساعد على كثافة التواجد الإيراني في كل من الموصل وحلب، فالكثير من الاتهامات كانت ولا زالت موجّهة إلى إيران ونظام بشار وروسيا في صناعة هذا التنظيم المُريب. وفي حال صحّة هذه الاتهامات، فإنّ داعش يعد جزءا من الخطة الإيرانيّة لتوسيع نفوذها في بغداد ودمشق على حد سواء، وبالتالي الثأر من العرب المسلمين الذين أطاحوا بالإمبراطورية الفارسية.
وما إعلان مصر والسعودية والمغرب والبحرين والكويت واليمن والإمارات عن كشفها خلايا تجسس تعمل لمصلحة إيران، إلا دليل آخر على نيّتها في توسيع نفوذها، خاصة أن قادة إيران الذين خرجوا من التقيّة إلى العلنيّة في تصريحاتهم، لا يتردّدون في الإعلان عن أن صنعاء تعد رابع عاصمة عربيّة تصبح تحت هيمنة بلادهم بعد بيروت ودمشق وبغداد، رغم أنها في الواقع خامس عاصمة عربية باحتساب الأحواز العربيّة.
وبعد احتلالها كامل الساحل الشرقي للخليج العربي حيث الجزر الإماراتية وبعض الجزر العُمانيّة وخاصة تلك الواقعة في مضيق باب السلام (هرمز)، سيطرت إيران على أهم ممرّات طريق الحرير البحريّة، حيث احتلت ميناء عصب اليمني المطلّ على البحر الأحمر واستأجرت جزيرتي فاطمة ونهلقة الأرتيريتين لتوسع نفوذها في مضيق باب المندب.
ورغم أن طريق الحرير قد بدأ بتجارة الحرير منذ 3 آلاف سنة قبل الميلاد، إلا أن الدولة الفارسية تبحث عن الهيمنة على أهم ممراته للسيطرة على التجارة وخاصة تجارة المخدرّات التي اشتهرت بها ولنشر الصفوية القائمة على الفتنة.
وإذا كان يحق للدول البحث عن مصالحها، فإن ذلك لا ينفي كون جميع الإمبراطوريات الغابرة في التاريخ قد اندثرت إلى الأبد، بما في ذلك الإمبراطورية البريطانية التي “لا تغيب عنها الشمس”، ورغم ذلك، لم تعد بريطانيا تفكّر بإعادتها.
ويبقى النظام الفارسي وحيدا في تطلعاته نحو العودة إلى إمبراطورية الأكاسرة والساسانيين، ومرد هذه التطلعات هي أوهام القوّة، فالدولة العاجزة عن إطعام شعبها، هي أقل بكثير من أن تمد قدماها أكثر من غطاها، وهذا ما لا ينطبق على إيران التي أصبح اقتصادها يعتمد بنسبة أكثر من 40 بالمئة على التهريب.
الدكتور عباس الكعبي
المصدر صحيفة العرب