الأحواز جرح عربي نازف وقصة اضطهاد إيراني وتمييز عرقي وطائفي
تشكل قضية الأحواز العربية التي تحتلها إيران جرحاً عربياً نازفاً إذ لا تكتفي إيران بالسيطرة على هذه المنطقة العربية، وإنما تستمر سياستها القائمة على التمييز العرقي والطائفي فسكان الأحواز لا يتمتعون بحقوق المواطنين الفرس فدائماً ما يتعرضون للاضطهاد وممارسات وحشية تهدف إلى سلخهم عن بني جلدتهم، كما تفريسهم ومنعهم من تعلم لغتهم العربية وأيضاً تهجيرهم عبر أساليب شيطانية تهدف إلى تغيير ديمغرافية المنطقة التي يسكنها العرب، وتقوم إيران بممارسات لا تخطر على البال حتى أنها تقطع الأشجار وتسهم في تصحر المنطقة كي تتعرض إلى ظروف جوية صعبة للغاية، وهذا كله جزء من ممارسات طهران غير الإنسانية في مناطق الأحواز، وللذي لا يعرف الأحواز جيداً فهي تقع في الجنوب الشرقي من العراق والجنوب الغربي من إيران ومن الجنوب يحدها الخليج العربي وتشير مصادر إلى أن هناك اختلافات جغرافية بين منطقة الأحواز وإيران كان لها دور مؤثر في طبيعة سكانها من جميع النواحي الاجتماعية، وهذا ما نجده واضح أمامنا على أرض الأحواز إذ تختلف الحضارة والثقافة والعادات والتقاليد بين الأحوازيين العرب والإيرانيين الفرس الوافدين من خلف الجبال إلى أرض الأحواز، وبعد أن قامت بريطانيا في فترة الانتداب على بعض الدول باقتطاع إقليم الأحواز من العرب وضمه إلى إيران لمطامع سياسية، ومنذ ذلك الوقت يعاني سكان الإقليم العرب من الاضطهاد وممارسات قاسية للغاية تجلت في منعه من التكلم بلغتهم العربية كما منع تعليمها وحتى محاصرتهم اقتصادية والإسهام في تجهيلهم عبر جعل التعليم الجامعي والعالي صعباً في الجامعات الإيرانية.
لكن رغم كل ما تقوم به طهران من ممارسات فالشعب الأحوازي مصرّ على تحقيق حريته وانتزاع مطالبه حتى أن التجمعات الأحوازية تنطلق دائماً في هدف تنبيه العالم إلى قضية الأحواز الإنسانية المحقة، وقد نظمت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز أمس مظاهرة حاشدة، تحت عنوان "لن ننساكم أبداً" أمام البرلمان الأوروبي، في العاصمة البلجيكية وأقيمت المظاهرة تنديداً بسياسات الاحتلال الفارسي وجرائمه المستمرة بحق الشعب العربي الأحوازي، وانطلقت المظاهرة الأحوازية من أمام مقر الاتحاد الأوروبي، وجابت شوارع العاصمة البلجيكية، في مواكبة مع التضحيات الجسام التي يقدمها الشعب العربي الأحوازي في سبيل الحفاظ على هويته العربية وتحرير أرضه من الفرس، وإيماناً بجدوى استخدام جميع الوسائل المشروعة ضد الاحتلال الفارسي وممارساته غير الإنسانية. وتعتبر هذه المظاهرة ضمن سلسلة مظاهرات وفعاليات تقوم بها حركة النضال العربي لتحرير الأحواز لفضح سياسات العدو الفارسي، كما جاء في بيان حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، الجهة المنظمة لهذه المظاهرة، وقد شارك المئات من الأحوازيين في هذه المظاهرة الحاشدة الذين جاؤوا من مختلف الدول الأوروبية، كما كان حضوراً لافتاً للجاليات العربية في هذه المظاهرة، الذين أتوا من مختلف أنحاء أوروبا. وساهم عدد من الأشقاء العرب من بينهم شخصيات سياسية وإعلامية معروفة بمناصرتها للقضية الأحوازية إذ جاؤوا من دول الخليج العربي وسائر الأقطار العربية الأخرى.
اللافت أيضاً في هذه التظاهرة، مشاركة بعض الأقليات والأعراق التي تتعرض لاضطهاد الفرس والرازخة تحت نير الاحتلال الفارسي مثل الكرد والبلوش والأذريين، وبينت هذه المشاركة الواسعة من قبل أبناء الشعوب الرازخة تحت الاحتلال الفارسي، روح التآزر والتعاضد بينهم في مواجهة الفرس الذين يرتكبون أفظع الجرائم يومياً، كما شارك عدد من الشخصيات الأوروبية المؤيدة والمناصرة للقضية الأحوازية، وركز الاحتجاج على الدمار البيئي الذي أحدثته الدولة الفارسية في الأحواز نتيجة بناء السدود وتجفيف الأنهر مما تسبب في تلوث يفوق المعدلات الطبيعية بعشرات الأضعاف، وتسبب في الآونة الأخيرة بأزمة العواصف الترابية والرملية التي اجتاحت الأحواز وقتلت العشرات من المواطنين الأبرياء. كما جعلت من مدينة الأحواز العاصمة المدينة الأكثر تلوثاً في العالم. وأيضا رفض الإعدامات المتكررة والاعتقالات العشوائية والأحكام الجائرة والمسيسة بحق المناضلين الأحوازيين، والوقوف إلى جانب عوائل هؤلاء الضحايا. والإعلان عن الرفض القاطع لما تقوم به الدولة الفارسية من أعمال عدائية تجاه البلاد العربية سواء كان بالتدخل المباشر والتهديد والاستفزاز أو غير المباشر بواسطة ميليشياتها التي أصبحت تعبث بأمن المواطنين الأبرياء في كل مكان من الوطن العربي. ورفض جعل قضايا الشعوب الأحوازية والكردية والبلوشية والآذرية وانتهاكات الدولة الفارسية لحقوق الإنسان ملفاً للمساومة في المفاوضات الجارية بين الغرب والدولة الفارسية حول ملفها النووي، فلا يجوز المساومة على الحقوق الأساسية لهذه الشعوب التي تدعمها الشرعية الدولية تحت أي ظرف. وأيضاً المطالبة بإرسال مبعوثين متخصصين من قبل الأمم المتحدة للوقوف على حالات الانتهاك المتكررة التي يتعرض لها الشعب الأحوازي حيث البعض منها يصل في بشاعته إلى مستوى جرائم إبادة وتطهير عرقي، والمطالبة بمعاقبة المسببين ووضعهم تحت طائلة المسؤولية القانونية.
المصدر: مركز المزماة للدراسات والبحوث