مظاهرة 6 مارس فرصة لفتح أفاق جديدة
تتمتع المظاهرات الأحوازية التي تقام في المهجر بأهمية بالغة ولها تأثير واسع على القضية الأحوازية ومستقبلها ولا سيما شقها الخارجي. إذ هذه المظاهرات تؤثر نسبيا على مؤسسات صنع القرار ومؤسسات المجتمع المدني في أوروبا وتضغط عليها، كما أنها تعتبر استفتاء محدودا للرأي العام الأحوازي تجاه سياسات العدو الفارسي ومشاريعه في الأحواز.
بعد سنوات طويلة من ضعف ووهن الساحة السياسية الأحوازية في المهجر، وبعد ما كانت الفعاليات الأحوازية والمظاهرات لم ترتق لمستوى طموحات الشعب الأحوازي ولم تستطع من رفع صوت الشعب عاليا. وبعد ما كان الحضور الأحوازي والأعلام المرفوعة في المظاهرات لم تتعد أصابع اليد و في أحسن الأحوال لم تتعد العشرات. اليوم تغيرت الظروف السياسية الأحوازية في المهجر وأصبحت مظاهرات الأحوازيين تتعدى المئات بل تصل للآلاف، وباتت أعلام الأحواز ترفرف بالمئات في العديد من العواصم الأوروبية، كما أن رموز القضية الأحوازية باتت ترفع صورهم اقتداء بهم وبالطريق الذي سلكوه.
وبموازاة هذه التغييرات الجذرية، سلط الإعلام العربي الضوء على القضية الأحوازية، بعد ما كنا نستجديه ونتوسله لنشر خبر واحد عن هموم الشعب الأحوازي وآلامه. هذا كله بفضل الله سبحانه وتعالى ثم همة المناضلين من الشعب الأحوازي في الداخل و المهجر، الذين بذلوا كل ما بوسعهم ليؤكدوا على رفضهم للاحتلال الفارسي، وأجادوا في بناء علاقات قوية مع صناع القرار والمؤسسات الإعلامية والحقوقية في الوطن العربي والعالم.
فهذه النقلة النوعية في الحراك الأحوازي في المهجر تبين وبدون أدنى شك قدرة الأحوازيين على حشد طاقاتهم وحشد الجماهير العربية وغير العربية نصرة للقضية الأحوازية، وتكشف قدرتهم على تنظيم وإدارة هكذا اعمال جماهيرية مهمة وفي ظل ظروف صعبة. كما أن هذه المظاهرات والفعاليات تظهر اتساع أفق تفكير النخبة الأحوازية وقدرتها على التعاطي الاستراتيجي أثناء تعاملها مع القضية الأحوازية وما ترتبط بها من قضايا في المنطقة والعالم. لحد الآن كل المعطيات ايجابية وتبشر بالخير ولصالح القضية الأحوازية، ولكن ما زالت بعض المؤشرات التي تدل على حالات سلبية من الضروري معالجتها أو تحاشيها لصالح القضية الأحوازية والمصلحة العامة. فما زالت حالة عدم الإطمئنان وعدم الثقة بين الأطراف الأحوازية موجودة رغم انحسارها. فهذه الحالة يمكن مشاهدتها عبر عدم تفاعل كل أحوازيي المهجر مع هذه الفعاليات والمظاهرات، بل في بعض الأحيان تصل لمقاطعتهم لها أو التشكيك بنوايا القائمين عليها. بكل تأكيد هذه الحالة تعتبر سلبية وتضر بالمصلحة الوطنية الأحوازية ولا سيما في هذا الوقت الحساس. مما تستدعي هذه الحالة من كل الأطراف الفاعلة في الساحة وخاصة من يمتلك عناصر القوة أن يبذل كل ما بوسعه ليطمئن الآخرين مرة أخرى، وأن يبرهن لهم كالسابق بأن هذه الأعمال لاتستهدفهم ولا تنوي اقصائهم بقدر ما تدعم نضالهم وتفتح لهم أبوابا كانت موصدة أمامهم، كما أنها تستهدف العدو الفارسي ومشاريعه في الأحواز و خارجها. وفي ذات الوقت يفترض على من يشعر بالقلق، أن يراجع سجل الجهات المنظمة لهذه الفعاليات ويجرد تضحياتها الجسام ومواقفها الاخلاقية والسياسية حتى يتبين له صدقها وأخلاصها قبل أن يبدأ بالتشكيك أو التردد في تعامله معها. إن الأيام والأشهر القادمة ستشهد مستجدات مهمة، بغض النظر عن شكلها ومضمونها، فأنها ستكون حقلا لتجربة قدراتنا الأحوازية على تعاطينا الأيجابي مع بعض، وتفهمنا للظروف والمتغيرات، وترجمة أقوالنا الوطنية إلى أفعال خدمة لشعب ذاق الأمرين.
في هذه المرحلة الحساسة لا يمكن الاستغناء عن أي أحوازي ولو كان بمفرده وهذا يدركه كل إنسان عاقل فطن، فالقضية الأحوازية معقدة وشائكة وكبيرة وتتسع لكل الأحوازيين، وتستطيع استيعاب كل طاقاتهم حتى يؤدوا واجباتهم الوطنية. كما أن القضية الأحوازية لا يمكن الإستحواذ عليها عبر تصريح أو صورة، لذلك فلنكن قدر الموقف ولا نفرط بفرصنا أكثر مما فرطنا لحد الآن. فأهم ما يمكن أن نفعله في الوقت الراهن الابتعاد عن الخصومات الوهمية والتركيز على العدو الفارسي، وفي نفس الوقت التركيز على الخطاب السياسي والإعلامي الأحوازي لطمأنة من نرجو مناصرتهم ودعمهم للقضية الأحوازية والابتعاد عن التدخل في شؤون الغير. وإلا فالظروف لن تستمر طويلا لصالح القضية الأحوازية كما هي الآن.
ابراهيم مهدي الفاخر