يونس عساكرة… بوعزيزي الأحواز
ان الثورات دائما ما يشعلها الفقراء حين ينفجرون بوجه الظلم، لأنهم هم من يثورون بوجه الطغاة وسالبي الحرية وهكذا ايضا اشتعلت الثورات في الوطن العربي والتي بدأت بإشتعال جسد محمد البوعزيزي الذي غيّر مجرى تاريخ الوطن العربي عندما أضرم النار في جسده بغية الاحتجاج على الظلم الذي طاله من خلال منعه من البيع بعربته المتجولة التي تحمل الفاكهة بسيدي بوزيد في تونس الخضراء فخرجت من هنا الجماهير لتعلن عن رفضها للظلم و الديكتاتوريات.
وها هو اليوم تشهد فيه الأحواز البوعزيزي أخر حيث قام قبل يومين ماضيين شاب أحوازي يدعى يونس عساكرة بضرم النار في نفسه أمام بلدية مدينة المحمرة جنوب الأحواز بعد ان أعتدت سلطات دولة الاحتلال الفارسية على عربته المتجولة التي أعتاد ان يبيع عليها الفاكهة والخضار ليعين عائلته المكونة من زوجته وطفليه، وقد نقل يونس إلى المستشفى مباشرة بعد اصابته بجروح عميقة لم تكن أعمق من جرح الوطن رغم أن جروحه تهدد حياته بالموت.
وقد أشعلت هذه الحادثة نار الغضب في نفوس أبناء وطنه حيث قام عدد من أبناء الأحواز بحملة "كلنا يونس" تضامنا معه، كما قاموا بدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي دعوا فيها أبناء الوطن للخروج إلى الشارع وفي جميع المدن الأحوازية إحتجاجا على التمييز والظلم الذي يعانيه الشعب العربي الأحوازي الأعزل.
لا شك أن ما قام به يونس عساكرة صرخة خرجت من رحم هذا الشعب المثقل بالألام والجروح، صرخة تتحدث عن معاناة الشاب العربي الأحوازي بل معاناة شعب باكمله يرزح تحت احتلال فارسي عنصري انتهج كل السياسات العدوانية كـ سياسات التطهير العرقي والتمييز العنصري والاقتصادي ضد كل ما هو عربي على هذه الأرض العربية.
ان الجرائم العنصرية والاعمال العدائية التي يمارسها الاحتلال الفارسي منذ بداية احتلاله لأرض الأحواز فاقت كل التصورات حيث لم يترك الاحتلال سياسة تدميرية إلا وعمل عليها ليدمر كل ماهو أحوازي. فهنالك عشرات الألاف أمثال عساكرة يعانون من الفقر والبطالة والحرمان في ظل اوضاع اقتصادية صعبة فإن اكثر من 80% من الشعب العربي الأحوازي يعيش تحت خط الفقر جراء الممارسات اليومية للاحتلال الفارسي. وهذا ما اشعل النار في جسد يونس عساكرة فهل سنعلن نحن اشعال نار الثورة بوجه الاحتلال؟
ان يونس قد أصبح لنا البوعزيزي أخر بذات الرمزية والمعاني الإنسانية التي سحقت تحت أقدام الاحتلال، فهل انتفاضة البوعزيزي التي اسقطت النظام الديكتاتوري في تونس، بل في دول عربية كبرى، ستصبح انتفاضة أحوازية تكون شعلتها النار التي احرقت جسد يونس عساكرة لتسقط الاحتلال الفارسي البغيض الذي احتل أرض عربية اكثر من تسعون عاما، خصوصا ونحن على أبواب الذكرى التسعين لهذه النكبة؟
اسية حبيب جبر