إقليم الأحواز.. مستعمرة إيرانية!
يبدو أن التحركات الأحوازية الأخيرة على الساحة الدولية، وما تلاها من تغطية إعلامية واسعة في العالم العربي، أثارت تخوف المسؤولين الإيرانيين من التحديات الخطيرة، التي ستواجههم في الأحواز. فقد صرح المستشار الأعلى لخامنئي والقائد السابق للحرس الثوري اللواء رحيم صفوي: «أن تسييس قضية القوميات من أهم القضايا التي تؤرق مضاجعنا، كما أن المنظمات الانفصالية تسعى – من خلال – استثمار هذه المعضلة؛ لإرباك الوضع الأمني في منطقة خوزستان – الأحواز – عبر نشر الدعاية، والهجمة الإعلامية ضدنا»؛ ولأن الصراع الأحوازي الإيراني أخذ أشكالاً متعددة – عسكرية واقتصادية وإعلامية وثقافية -، فإن الوقوف بشكل صارم أمام الزحف الإيراني، يستدعي العمل على تكوين قوة رادعة، تعمل على الحد من توسع النفوذ الفارسي في المنطقة.
أخذت سياسة التجهيل المتعمدة، والصمت الإقليمي، والدولي – الشامل – بعدا دوليا، وإيرانيا نحو العرب بالخذلان، والتجهيل، والمحاصرة – عبر تسعين عاما -، مع أن الأمن القومي العربي، مرتبط بمنطقة الأحواز التي تتمتع بمكانة، وموقع جغرافي، وتاريخي مهم، وعليه فإن المحافظة على إقليم الأحواز، هو بمثابة الدفاع عن الأمن القومي العربي، والدفاع عن السلم العالمي ضد مشروع فارسي توسعي في المنطقة.
بالأمس، كان ميزان القوى، والظروف الإقليمية تميل إلى صالح إيران، إلا أن المتغيرات المتسارعة في المنطقة، ستساعد في توجيه هذه القضية المنسية نحو أهدافها الإستراتيجية؛ شريطة أن تظهر إلى العلن، والتركيز على العدو التاريخي، والعمل على تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الجهوية، والضيقة، ومقابلة التصرفات الإيرانية بالمثل، بعد ما رأت الفشل الذريع، واستفحال الأزمات؛ نتيجة سياسة القمع المباشر، التي تنتهجها الحكومة الإيرانية.
كلّف الصراع الشعب الأحوازي الكثير من الخسائر، والتضحيات، واستلاب هويتهم، ومحاولة طمس ثقافتهم. وحريتهم – اليوم – أضحت الخيار الإستراتيجي المطلوب؛ لتحدي الغطرسة الإيرانية، ومعرفة الأوضاع الراهنة، وتوضيح سبل المستقبل المرهون ضمن رؤية، وسلوك المجتمع العربي، وذلك من خلال العمل بجدية؛ لوقف انتهاكات حقوق الانسان في الأحواز، ويأتي في مقدمتها: وقف الإعدامات الجماعية، وإطلاق سراح السجناء السياسيين الأحوازيين، – وكذلك – فتح المجال أمام القوى السياسية، وفعاليات المجتمع المدني؛ لبدء نشاطاتها، وهو الأمر الذي أكد عليه السيد حبيب جبر رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، بأن: «هذه المطالب تأتي – تأكيداً – لتصاعد العمل الأحوازي المقاوم ضد الاحتلال الايراني في الداخل، والخارج، وأن النشاط الأحوازي أصبح يأتي أكله.. – خصوصا – أن قدرة، وحجم الحراك الكبير الذي قامت به حركة النضال في بداية عام 2015 م، أشعر العدو الفارسي بمدى الخطر الذي سيواجهه في الفترة المقبلة، – فضلا – عن التحالف الذي بدأ بين الشعوب غير الفارسية، وتصاعد العمل العسكري، والسياسي لتنظيمات هذه الشعوب ضد الاحتلال الفارسي».
التحركات السياسية الجادة، تقتضي إعادة الحقوق إلى أصحابها، – من خلال – إنشاء مجلس رئاسي انتقالي، يضم كل الفصائل، والحركات الأحوازية، والمساهمة في التعامل معهم كمكون واحد. ويأتي تفعيل دور الجامعة العربية في هذه القضية المصيرية، بمنحها مقعدا – كاعتراف أولي بدولة الأحواز المحتلة -، والتقدم – بعد ذلك – بشكوى رسمية إلى هيئة الأمم المتحدة؛ من أجل استصدار قرار أممي من مجلس الأمن الدولي؛ للتدخل لحماية حقوق عرب الأحواز، وتقصي الأوضاع الصعبة التي يعاني منها السكان؛ جراء تصرفات السلطات الإيرانية التعسفية، والعمل على إعطائهم حقوقهم السياسية، والدينية، والاجتماعية المشروعة، وإعطائهم – أيضا – كرسيا في مجلس الأمم المتحدة، شأنه في ذلك شأن القضية الفلسطينية.
سعد بن عبدالقادر القويعي
المصدر: صحيفة الجزيرة السعودية