عاصفة الحزم
هل حقاً تفاجأنا بأن قوات الحرس الجمهوري وعدد كبير من قوات الجيش في اليمن الشقيق، لم يكونوا جنودا لليمن أرضا وشعبا، وإنما كانوا وما زالوا جنودا للمخلوع علي عبدالله صالح؟!
تأخّر دولنا في حسم الموقف في اليمن كان سيكلفنا أكثر مما نظن، حيث كانت إيران تستعد لتطويق رقبتنا، وتعميد صنعاء كرابع عاصمة عربية تسقط بيدهم بعد بيروت وبغداد ودمشق!
جاءت عاصفة الحزم، لتعيد النبض إلى قلوب أمة أعيتها جراحها المفتوحة، ما بين مكر الخارج وتآمر الداخل وعجز الثقات!
لا يحتاج المرء للتذكير بأن القصف الجوي حقق وسيحقق أهدافا نوعية كثيرة، من قبيل تدمير مقرات قيادة الحوثيين وقوات المخلوع صالح ومنصات إطلاق الصواريخ، إضافة طبعا لتدمير عدد كبير من مخازن الأسلحة وطائرات “ميغ” والصواريخ الباليستية، وغيرها من الأهداف التي يفترض أن تقضي على أجزاء كبيرة من قوات الطوابير الإيرانية هناك.
كما لا يحتاج المرء لأن يستذكر أيضا بأن القصف الجوي لا يمكن له أن ينهي حربا، وبالتالي “عاصفة الحزم” ليست كل شيء؟!
مواصلة تتبع وملاحقة وتدمير الأسلحة الإيرانية التي كانت تُشحن إلى صنعاء شحنا متواصلا، أمرا لا يمكن أن يتوقف، لأنه يعني إعادة ترتيب صفوف الحوثيين في الداخل.
وهو ما تسعى إليه طهران مؤخرا عبر تصريحاتها ودعواتها للحوار، الذي بدأوا الآن فقط؛ يستوعبون مفرداته جيدا؟!
إنهاك إيران وجنودها الحوثيين في كافة المدن والقرى اليمنية، هو السبيل لفرض الواقع الجديد على الأرض، بشرط دعم القبائل والأحزاب اليمنية الوطنية وما تبقى من الجيش اليمني الوطني، ليشكلوا كيانا موازيا على البر، لأن ذلك وحده الكفيل بقلب الكفة وتغيير المعادلة.
التحالف الخليجي العربي الإسلامي الذي يجب أن يؤسَّس على تقوى من الله ورضوان، لديه الكثير من الوسائل والأسلحة التي لم تستخدم بعد.
فالتدخل البري المحدود والواسع والإمدادات البحرية ومواصلة الدعم العسكري واللوجستي للقبائل والأحزاب اليمنية على الأرض، هو ما سيقطع الذراع الإيرانية في اليمن، وهو ما سيعيد الطوابير الإيرانية إلى جحورها.
هم سيواصلون إعادة ترتيب صفوفهم، وعاصفة الحزم يجب أن تمتد لكل الأذرع الإيرانية التي تغولت في دماء وأعراض السوريين والعراقيين، وما وجدت من دولنا غير الخذلان في مرحلة من مراحل شرود أنظمتنا الذهني، عما يحاك لدولنا من مؤامرات!
ليس ذلك فحسب، فقد آن الأوان لدولنا أن تبدأ مشروعها الحقيقي في حماية امتداداتها العربية في إيران، فهناك الأحواز العربية وقاطنوها من السنة والشيعة، الذين ضاقوا ذرعا بما تفعله إيران بهم من تمييز وتطهير مذهبي حاقد ومتواصل لم يتوقف.
على دولنا لاحقا ألا تنسى بأن سبب خراب اليمن هو وضع ثقة أنظمتنا في شخص مجرم كعلي عبدالله صالح، ومن ثم في خلفٍ ضعيف تسبب بتمكن الحوثيين من أجزاء كبيرة حولت اليمن إلى بلد عصابات ونهب وتصفية حسابات وانتقام.
على دولنا أن تبحث في خيارات حقيقية وثابتة، بإمكانها التمكن من الأرض ومنع أي تكرار لتلك التجربة البائسة.
برودكاست: كم كان لافتا في القمة العربية الأخيرة كلمة خادم الحرمين الشريفين الواعية بالأخطار المحدقة بهذه الأمة.
كم كان لافتا كلمة الأمير تميم حول غزة وحصارها الظالم.
كم كان لافتا الرد الصلب لسعود الفيصل على هذيان الرئيس الروسي حول سوريا.
بإمكان أمتنا أن تغير الكثير من المعادلات الظالمة في هذا العالم، فقط لو أرادت ذلك!
د.ابراهيم الشيخ
المصدر:صحيفة الشرق القطرية