نجاح الدبلوماسية السعودية في آسيا يرعب النظام الإيراني
تعالت مؤخرا أصوات القلق في الدولة الإيرانية، من تصاعد عوامل عزلتها الدولية، التي بدت جلية في مظاهر انحسار مكانتها ونفوذها السياسي، إقليمياً ودولياً…بمؤشرات كان أبرزها تنامي النفوذ السعودي الكبير في منطقة تُعدُّ شريان الحياة الرئيسي لطهران ومنفذها الوحيد للفرار – ما أمكن – من العقوبات الأمريكية المشددة على قطاع النفط الإيراني.
هذا النفوذ الذي تمثل حتى الآن في نجاح جولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى كلٍ من باكستان والهند والصين. ويفتح آفاقاُ جديدة ليس للدولة السعودية فحسب، بل ولاستقرار شعوب آسيا قاطبةً.
المملكة العربية السعودية، التي تنطلق في توجهها نحو الشرق، لتأسيس معادلة جديدة في سياساتها التنموية بأبعادها الاستراتيجية وعلى كافة الصعد، لا شك أنها تسعى إلى تنويع أسواقها، وتنويع سلَّاتها الإقتصادية، وتقوية نفوذها السياسي بما يتناسب ومكانتها الإقليمية والدولية…فضلاً عن سعيها لتوفير كل عوامل النجاح لمشروعها الوطني الطموح 2030.
إلا أن البعد الهام في الرؤية الاستراتيجية الشاملة للمملكة، هو إنها لا تدخر جهداً في تعزيز الأمن والسلام والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط والجوار الآسيوي والإفريقي، إنطلاقاً من نهجها وقناعتها، بأن التنمية الشاملة، لا يمكن لها أن تتحقق إلا في ظل محيطٍ ينعم بالأمن والسلام… لذلك فإن الإستراتيجية السعودية تسعى إلى تصفير المنطقة وجوارها من المشاكل السياسية. فدورها في التصدي للمشروع الطائفي الإيراني في عموم المنطقة العربية، يأتي في مقدمة استراتيجيتها لإنجاح سياستها التنموية في المنطقة.
فكان من الطبيعي أن هذا التوجه السعودي الهادف إلى تحقيق الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة، أن يصطدم باستراتيجية إيران الساعية إلى تحقيق أهدافها بإشاعة الفوضى والدمار ونشر الإرهاب… لذلك لم يكن مستغرباً أن نرى محاولة التشويش على جولة ولي العهد السعودي الآسيوية، بافتعال علاقة للسعودية والإمارات وباكستان، بالتفجير الذي طال عناصر من الحرس الثوري في منطقة زاهدان ببلوشستان، تظهر قلقا إيرانيا كبيرا من الانفتاح السعودي على قوى إقليمية كالهند وباكستان والصين، وأن ذلك قد يمكن السعودية على تجريد إيران من بعدها الآسيوي، إثر تلك الخطوات التي بدأتها في اليمن ولبنان وتطورت لتصبح خيارا إقليمياً ودولياً أوسع يضغط في اتجاه إخراج إيران من سوريا والعراق، بل ويعلن عبر مؤتمر وارسو الدولى إلى إعتبار أن الدولة الإيرانية، الداعم الأول للإرهاب في العالم.
ربما كان لقلق النظام الإيراني من هذه الجولة ما يبرره، لما تشكله من خطرٍ يضيق الخناق عليه في ظل الحصار الدولي الذي انتزع صفة الشرعية الدولية بعد مؤتمر وارسو الأخير. وهذا ما دفعه إلى إطلاق مثل هذه الأراجيف التي لا تصدر إلا مِمَن فقد الصواب من هول الانهيار الذي ينذر بزواله… فربما ارتكب هذا النظام حماقات حسب التصريحات الصادرة من قياداته العسكرية والأمنية والسياسية، ولكنه إذا ما حاول أن يكون صادقاً مع ما يصرح به، ويأتي كما هو متوقع بحماقة من حماقاته، فسوف تكون القشة التي تعجل من نهايته.
الحقيقة التي لا يريد نظام الملالي أن يصدقها، هي، أن الاضطهاد القومي الذي مُورس ضد الشعوب غير الفارسية منه ومن الأنظمة التي سبقته، بلغ ذروته في عهده، وإن وعي هذه الشعوب بواقعها، جعلها تصعد من نضالها المشروع لتحقيق العدالة لنفسها، وأنها أصبحت قادرة على القصاص مِمَن يغتصب حياتها، وأن هذه الشعوب التي تترفع بقيمها من استهداف الأهداف المدنية، لا تستهدف سوى عناصر المنظمة الإرهابية المعروفة (بالحرس الثوري) وما شابهها من أجهزة القمع التي قتلت و روعت المسالمين في مناطق الأحواز والبلوش والكرد والأذر… عليه أن يصدق أن هذه الشعوب قد انتزعت منه زمام المبادرة، وجعلته في موقف الضعيف الشاكي الذي يبحث عن مشجب يعلق عليها فشله…
حركة النضال العربي لتحرير الأحواز
23-02-2019