#أحوازنا-الدستور الإيراني والعنصرية ضد الشعوب غير الفارسية
واجهت الشعوب غير الفارسية والأقليات الدينية في إيران القمع منذ مجيء نظام الملالي في إيران عام 1979، كما أن هناك وثائق أصلية توثق الجرائم المروعة وانتهاكات حقوق الإنسان والتي ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب ضد تلك الشعوب والأقليات الدينية.
شملت الانتهاكات جميع مجالات القضايا المدنية والاقتصادية والبيئية والعرقية والاجتماعية والسياسية. على سبيل المثال، هناك انتهاك صارخ يمارس بشكل منهجي في مجال التعليم باللغة الأم ضد الشعوب غير الفارسية في إيران، مثل المادتين 15 و19 من الدستور الإيراني اللتين تؤكدان بشكل واضح على ضرورة التعليم باللغة الأم للشعوب، بمن في ذلك الشعب العربي الأحوازي والأكراد والأتراك والبلوش والتركمان، لكن العنصرية الفارسية تتناقض مع هاتين المادتين ويتم حرمان الملايين من غير الفرس من لغاتهم، مما تسبب بأزمة هوية لهؤلاء الناس.
في نفس الوقت، فإن حالة حقوق الإنسان في إيران مقلقة للغاية. وهو ما يعني أن الأقليات والشعوب تواجه حالات حرجة بسبب تعنت السلطات الإيرانية في قضايا مثل "القانون الدستوري والفكر السياسي المتطرف عند النظام". على سبيل المثال، تمت زيادة الاضطهاد ضد أهل السنة والجماعة كأقلية في إيران (25 % من الشعب الإيراني هم من أهل السنة) منذ تولي الجمهورية الإسلامية السلطة في 1979.
إضافة إلى ذلك، فإن المتشددين والمتطرفين الإيرانيين الموجودين في السلطة يعتبرون أهل السنة والجماعة في إيران تهديدا للأمن القومي الفارسي، وقد قاموا بحملات قمعية واسعة النطاق لقمع النشطاء، حتى إنهم نعتوهم بالمرتدين أو الوهابيين المنتمين إلى المملكة العربية السعودية، مما يمهد الطريق أمام النظام القضائي لإصدار الأحكام الجائرة ضدهم. على سبيل المثال "تم إعدام الآلاف من أهل السنة في إيران منذ أوائل انتصار الثورة، وألقي القبض على الآلاف من أهل السنة وأيضا من الشيعة الذين اعتنقوا التسنن وبالأخص في الأحواز العربية، وعدد هائل منهم محرومون من الحصول على وظيفة عمل وفرص التعليم''. صادرت السلطات الإيرانية أيضا ممتلكاتهم والمراكز الدينية للأقليات الدينية مثل أهل السنة، كما حرمت الأقليات الدينية -ومنهم أهل السنة- من الصلاة في أماكنهم الدينية، ومنعت أكثر من مليون ونصف المليون سني في طهران من بناء مسجد، ودمرت كل مساجد أهل السنة في الأحواز العربية.
المادة 12 من القانون الدستوري الإيراني تنص على أن ''الدين الرسمي لإيران هو التشيع، وهذا المذهب غير قابل للتغيير". جماعات إسلامية أخرى مثل السنة، ليس لها الحق في الوصول إلى مراكز القرار الحكومي، وليس لهم حق التساوي مع المعتنقين للمذهب الشيعي. كما تخضع كل المحاكم والمراكز الأمنية في مناطق أهل السنة لسيطرة الأمن الفارسي، ويمنع أهل السنة من أي ممارسة أو تطبيق لشعائرهم الدينية.
علاوة على ذلك، فإن المادة 23 من الدستور الإيراني تنص على أنه: ''لا يتم التحقيق مع أحد بسبب الدين، وينبغي ألا يضطهد أحد بسبب عقيدته الدينية''، لكن الدولة الإيرانية تناقض هذه المادة التي هي أساسا غير شفافة بالنسبة لحقوق الأقليات الدينية، كما تجمع السلطات في إيران معلومات واسعة عن المعتقدات الشخصية للعديد من الذين يعتنقون التسنن وباقي الأقليات الدينية، وعلى سبيل المثال، يتم الإعدام والاعتقال العشوائي لشيوخ الدين السنة واعتقال للشيعة الذين يعتنقون التسنن، مثل إعدام رجل الدين الشيعي الأحوازي الشيخ عباس البوعلي لأنه اعتنق التسنن وتخلى عن المذهب الشيعي، وإعدام 11 أحوازيا سنيا في السنوات القليلة الماضية، وعمليات الإرهاب لشيوخ الدين في بلوشستان وكردستان والأحواز. واختطاف رجال دين سنة من الأحواز وبلوشستان وتقطيع جثثهم ودفنهم في مدينة ميناب شرق جمبرون (بندرعباس) ضمن عمليات الاغتيالات السياسية التي شهدتها سنة 1998. وأخيرا، صدور حكم الإعدام بحق 27 سنيا من كردستان إيران بسبب اعتناقهم للفكر السلفي!
العنصرية وانتهاك حقوق الإنسان للشعوب غير الفارسية في الدستور الإيراني دعوا الاتحاد الأوروبي إلى إصدار بيانات شديدة اللهجة ضد النظام الإيراني. وعلى سبيل المثال، صدرت قرارات من البرلمان الأوروبي إلى جانب منظمات حقوقية في مناسبات عديدة تندد بالانتهاكات الواسعة ضد الأقليات الدينية والشعوب غير الفارسية التي يتعمد النظام انتهاك حقوقها الأصيلة. كما أشار البرلمان الأوروبي إلى أن التمييز ضد الشعوب مثل الشعب العربي الأحوازي له تأثير هائل على مجال التعليم، لأن التعليم في مناطق الشعوب غير الفارسية هو في الأساس ضعيف الإمكانات ولا تتوفر فيه التسهيلات اللازمة لنجاح العملية التعليمية، مما أدى إلى ازدياد معدلات الأمية بين العرب -مثلا- مقارنة مع المعدل الوطني في إيران.
أخيرا، دعا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة والسيد أحمد شهيد المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون إيران إلى توفير محاكمات عادلة وشفافة للسجناء الأحوازيين الذين تم اعتقالهم بسبب النشاط السياسي والديني. كما طالبا إيران بالتوقف عن أسلوب التعذيب لنزع الاعترافات من المعتقلين العرب. ولكن رغم ذلك، رفضت إيران جميع التوصيات الأممية.
أصدرت المنظمات الدولية أكثر من 400 وثيقة وتقرير خلال سنة واحدة توثق انتهاك حقوق الإنسان ضد الشعوب غير الفارسية والأقليات الدينية في إيران، وتثبت أن السياسات الإيرانية تجاه الأقليات الدينية والشعوب لم تتحسن. وفي المقابل، فإن ملف إيران في التدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول العربية وباقي دول الجوار ما زال حافلا ومستمرا.
كميل البوشوكة
المصدر: صحيفة الوطن السعودية