#أحوازنا- كذبة الديمقراطية الإيرانية
يضحك الإيرانيون علينا بالانتخابات. إنهم يتخيلون أنهم يضحكون بها على العالم، غير أنهم في الحقيقة يضحكون على أنفسهم.
أما الضحك علينا فنحن مصدره. فالإيرانيون لا يقيمون لنا اعتبارا. ثقافتهم تفرض عليهم ذلك. ولأن وعيهم لم يتحرر من ثقل تاريخهم، فإن القبول بنا أندادا هو آخر ما يفكرون فيه. ربما سيقلب السلوك السعودي تلك المعادلة، لكن ذلك الأمر في حاجة إلى وقت، تصر فيه السعودية على أن تملي إرادتها الحرة والمستقلة على إيران.
إلى أن يتحقق ذلك، فإن مريدي إيران سيستمرون في الضحك علينا بعروض الديمقراطية الإيرانية السمجة. بالرغم من أن النظام الإيراني، نفسه، لا يحبذ استعمال مفردة “ديمقراطية” في الإشارة إلى نظامه الانتخابي. “ديمقراطية” إيران موجهة إلى الخارج ولا علاقة لها بالداخل.
النظام الإيراني يخدع العالم حين يستعمل الأدوات المتاحة لتزوير إرادة الشعب في دولة يحكمها الولي الفقيه. أما ممثلو ذلك الشعب المنتخَبون، فإنهم ليسوا سوى عجلات في الماكنة التي يحركها رجل واحد تقع سلطته بين الأرض والسماء.
الدهاء الإيراني روّج لكذبة المسافة التي تفصل بين المحافظين والإصلاحيين. وهي الكذبة التي صدقها العرب دون سواهم. رغم أن إصلاحيا مثل حسن روحاني هو رجل دين. فهل يُعقل أن يخرج روحاني على طاعة خامنئي الذي هو إمام المحافظين في السياسة ورمز الاتصال بعالم الغيب في الدين؟
الإيرانيون في الداخل يدركون جيدا أن لا فرق بين أن يكون الرئيس محافظا كأحمدي نجاد أو إصلاحيا كروحاني. فالنظام المتشدد الذي أقامه الخميني على أسس حديدية لا يزال قائما. بل أن الإصلاحيين هم الأكثر وفاء لذلك النظام حين يتعلق الأمر بتأكيد أصالة إيمانهم بخط الإمام الخميني.
من المؤكد أن سذاجة النظر إلى الوضع الإيراني تزيد من تعاسة الإيرانيين الذين عاد بهم النظام إلى عصر الدولة الدينية. وهو ما عزلهم عن العصر الذي صارت البشرية فيه تتمتع بحصاد الفكر التنويري. إيران لمَن لا يعرف هي الدولة الوحيدة في عالمنا التي يحكمها نظام ديني بالكامل. وهي الدولة الوحيدة التي لا يقف رئيسها على رأس الهرم الإداري فيها، بل هناك سلطة تعلوه، هي سلطة المرشد التي لا تخضع للنقض أو للنقاش.
في ظل وضع من هذا النوع هل يمكن الحديث عن الديمقراطية، وهي اختراع غربي، تفصح عنه تصرفات الفرد قبل سلوك الجماعة في المجتمعات التي تربت ديمقراطيا؟
لكن عليّ الاعتراف أن الانتخابات في إيران هي فكرة ممتازة، يتم من خلالها تداول السلطة بين أجنحة النظام. وهي أجنحة لا يحمل بعضها للبعض الآخر شعورا بالود. وهو ما يعني أن النظام استطاع عن طريق الانتخابات التنفيس عن أزمته الداخلية. فعل ذكي استطاع النظام من خلاله أن يضم أبناءه بين جناحيه. بدلا من أن يطحن الطامحون إلى السلطة من أبناء النظام بعضهم بعضا، صار عليهم أن يتجهوا إلى صناديق الاقتراع لكي يتعرفوا على أوراقهم في المزاد الشعبي.
الانتخابات هناك هي نوع من البازار الإيراني. يتساوى في ذلك فستق هاشمي رفنسجاني بنووي أحمدي نجاد.
ما لا يعرفه غير الإيرانيين والعرب الموالين لنظام ولاية الفقيه في مقدمتهم أن إيران التي افتتحت حقبتها الخمينية بمحاكم خلخالي الشهيرة لا تزال (وستظل) محكومة بالمعايير الفقهية التي ترى في الديمقراطية نوعا من الكفر. ذلك لأنها (أي الديمقراطية) تخالف الشرع. هكذا تذهب أسئلة العصر إلى هباء.
ما يشيعه العرب الموالون لإيران عن ديمقراطيتها لا يقره النظام الإيراني نفسه. فهو نظام شمولي لا تختلف فيه سلطة خامنئي عن سلطة الشيوعي ستالين أيام كان الاتحاد السوفييتي قائما.
خامنئي هو ستالين هذا العصر وقد يكون هتلره، إذا ما أخذنا في نظر الاعتبار المجازر التي شهدها العراق وسوريا واليمن.
علينا أن نتخيل أي نوع من الانتخابات تلك التي تتم برعاية جزار.
فاروق يوسف
المصدر: صحيفة العرب