#أحوازنا-قواعد الإجراءات: الخطة الأمنية الشاملة لإقليم الأحواز
يقدم مركز مستقبل الشرق للدراسات والبحوث، الترجمة العربية الكاملة للخطة الأمنية الشاملة لمحافظة خوزستان (الأحواز)، والمصنفة بأنها سرية للغاية، حيث تم تسريبها من داخل وزارة الداخلية الإيرانية، وقام بإعداد ترجمتها نخبة من الباحثين العرب الأحوازيين، فيما تمت مراجعة الترجمة باللغة العربية من قبل مركز مستقبل الشرق.
وتعتبر هذه الخطة، من أخطر الخطط والاستراتيجيات الأمنية الإيرانية في التعامل مع الداخل الإيراني، حيث تعتبر دليل عمل حول منهج السلطات الفارسية تجاه الشعوب المحتلة ضمن ما يعرف بجغرافية إيران السياسية، وخصوصاً تجاه إقليم الأحواز المحتل، والذي يعتبر أكثر الأقاليم مناهضة للاحتلال الفارسي، فيما يحتفظ بهويته القومية العربية رغم مرور قرن من الاحتلال.
ومما يلاحظ في هذه الخطة، تركيزها على ثلاثة محاور رئيسة في التعاطي مع القضية الأحوازية، وهي:
أولاً: التركيز المكثف في كافة فقرات الخطة، على استعادة الحالة المذهبية في الأحواز، من خلال إعادة نشر المذهب الشيعي وتعزيز مقومات استمراره، في ظل توسع التحول المذهبي كنوع من أنواع المقاومة للمحتل. ويلحظ في الخطة تخصيصها قسماً مهماً من الموارد المالية المخصصة لها، باتجاه عمليات التبشير المذهبي ومناهضة عمليات التحول المذهبي نحو المذهب السني، والذي ارتأت فيها السلطات الإيرانية حالة خطر عالٍ على النظام الإيراني، تحت مسميات: السلفية والوهابية والتطرف والتشدد. في حين تخصص إيران أموالاً طائلة لعمليات التبشير المذهبي في الدول العربية دون أية مناهضة فعلية. وترى السلطات الإيرانية في هذا المحور، أن عمليات التحول المذهبي السني تخدم الهوية القومية العربية، والامتداد الخليجي للأحواز، وبالتالي تعزيز أواصر العلاقات بينه وبين السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة.
ثانياً: على أن محاولات الضبط المذهبي في الأحواز، قد أوكلت إلى الأجهزة الأمنية، التي شكلت المحور الثاني في هذه الخطة، حيث يلحظ ضخامة المهام الموكلة إلى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية سواء في عمليات الضبط والتغيير والمراقبة والعبث بالتركيبة السكانية للإقليم. بل يمكننا القول إن هذه الخطة بالأساس، هي تجسيد لاسمها “أمنية”، بحيث تقوم الأجهزة الأمنية بمتابعة كافة تفاصيل تنفيذها، سواء بشكل مباشر من قبل أفرع الباسيج، أو بشكل غير مباشر من خلال الإشراف على الأجهزة والمؤسسات الأخرى.
ثالثاً: أما المحور الثالث، وهي الأدنى اهتماماً من قبل السلطات من نظيريه السابقين، فيتمثل بالوضع الاقتصادي والمعاشي داخل الأحواز، باعتباره سبباً لتدهور الانتماء الأحوازي للدولة الإيرانية، وتحول الولاء إلى خارجها، وعليه فقد أسردت الخطة جملة من الإصلاحات الاقتصادية داخل الأحواز، يلحظ فيها تداخل الشأنين الديني والأمني، بل يكاد يكون الغرض الرئيس منها، إحكام ضبط الوضع الاجتماعي والاقتصادي داخل الإقليم.
يبقى الهدف الرئيس من هذه الخطة، حسب واضعيها، هو إحكام قبضة الأجهزة الأمنية على كافة مفاصل الحياة داخل إقليم الأحواز، وتسريع عملية تغيير التركيبة السكانية، من خلال استقدام مواطنين إيرانيين فرساً أو سواهم، وتوطينهم في الإقليم (الهجرة السلبية كما أسمتها الخطة)، وتقديم حزمة إغراءات تيسر لهم ذلك.
كما أن من أهدافها الرئيسة، محاصرة النشاط المقاوم السياسي والعسكري، داخل الأحواز وخارجه، باستخدام عدة وسائل (أمنية، عسكرية، قضائية، اقتصادية، ملاحقات دولية، إعلامية، دينية، …)، بهدف تحطيم الهوية العربية التي شهدت نهوضاً قوياً في السنوات الأخيرة، وهو ما دفع السلطات الإيرانية إلى محاولة استدراك ذلك، وخصوصاً وعيها بأن الحراك الأحوازي هو حراك تحرري (انفصالي وفق وصف الخطة)، فأتت الخطة بعد قراءة معمقة للداخل الأحوازي، ودراسة إشكالياته ومداخله الرئيسة.
وللتأكيد على أن الخطة لم تأتِ استجابة لمطالب إنسانية ومعاشية كما حاولت تصوير ذلك في أكثر من فقرة، نلحظ غياب مفهوم العدالة الاجتماعية أو الانتقالية، كمرحلة مصالحة بين السلطات الفارسية والشعب الأحوازي، فلم تقدم أية مبادرات صلح أو تسويات سياسية، إنما تتمثل بعض الإجراءات التي تستقى من إجراءات العدالة الانقتالية، في محاولة تعزيز الانتماء المذهبي للسلطة الإيرانية (الشعية الإمامية)، في حين تجاهلت المظالم الحقيقة الواقعة على الشعب الأحوازي طيلة القرن الفائت.
كثير هي مفردات هذه الخطة، ونحن إذ نضعها بين يدي القارئ العربي، السياسي والأكاديمي والمختص، إنما نسعى لرفد المكتبة العربية بمرجع مهم في فهم السياسة الإيرانية الداخلية ومنها الخارجية.
لتحميل الملف اضغطه هنا
المصدر: مستقبل الشرق للدراسات والبحوث