الخطاب السياسي بين الجمود والتجديد
يعتبر الخطاب السياسي من أهم الأدوات التي تستخدمها التنظيمات الأحوازية بغية التواصل مع شعبها وقواعدها الجماهيرية، وفي ذات الوقت يعتبر أداة لبعث رسائل تطمين للأصدقاء والمؤثرين في الساحة ومد الجسور معهم، وقد تستخدمه لتوجيه رسائل للأعداء ومن يقف إلى جانبهم.
لذلك تركيزها على صياغة خطابها السياسي بطريقة واعية ومتماسكة وبعيدا عن الضبابية والتخبط، سوف يخدمها ويخدم القضية الأحوازية على حد سواء والعكس صحيح. كما أنها لا يمكن أن تصيغ خطابا متماسكا ورصينا إلا إذا أخذت جميع المتغيرات على أرض الواقع والمؤثرين على القضية بعين الاعتبار ولامست الواقع الأحوازي ومتطلباته.
بعد سنوات طويلة من النضال الأحوازي ضد العدو الفارسي وسياساته العنصرية في الأحواز دخلت بعض المتغيرات المهمة على القضية الأحوازية –بغض النظر عن نظرتنا تجاهها – التي لا يمكن تجاهلها في خطابنا السياسي.
إن الجغرافيا الأحوازية من عيلام إلى منطقة جرون تعتبر من أهم المتغيرات التي دخلت على القضية الأحوازية في السنوات الأخيرة، فبعد إهمال طويل للجزء الجنوبي من الأحواز وعدم إدراجه في الخريطة الأحوازية وعدم التطرق له في برامج التنظيمات الأحوازية. اليوم وخاصة بعد هذا الوعي الشعبي العام الناتج عن اطلاع نسبة لا باس بها من عامة الشعب على تاريخ شعبنا وأحداثه ومآثره بشكل أكثر دقة، بات من الضروري على التنظيمات أن تأخذ متغير الجغرافيا الأحوازية على محمل الجد أثناء خطابها السياسي وأن تتفاعل مع جميع مناطق الأحواز وكافة مكوناته، وألا تهمش منطقة لحساب منطقة أخرى فالأحواز كلها تستحق الاهتمام بها والتضحية من أجلها.
أما المتغير الثاني فهو المكون السني، خاصة بعد هذا الاهتمام النسبي بالجزء الجنوبي من الأحواز وعدم تجاهله كما كان في السابق وبعد تزايد رقعة التوجه التصحيحي في المناطق الشمالية من الأحواز. أصبح لزاما على التنظيمات السياسية مراعاة هذا المكون المذهبي وهويته الفرعية واحتياجاته وتطلعاته وأخذها بعين الاعتبار، وأن لا تتجاهله بل عليها أن تتفاعل ايجابا معه.
فبعد سنوات طويلة من الجهل والانغلاق الثقافي وانعدام فرص التعليم ونقل المعلومات واختصارها فقط على الفرس ومن يدور في فلكهم، أصبح اليوم تلقي العلم ليس كالسابق وأصبح الكثير من أبناء الأحواز يحملون شهادات دراسية جامعية عليا. وظهرت طبقة متعلمة في الأحواز، إضافة إلى ذلك إن التقدم العلمي وسهولة انتقال المعلومات والمعرفة وانتشارها بين الشعب الأحوازي ولا سيما الطبقة المتعلمة ساهم بارتفاع الوعي بين أبناء الأحواز. كل هذه المستجدات تعتبر متغيرا جديدا – ثالثا- دخل على الساحة الأحوازية ويجب وضعه نصب أعين من يتقدم القضية ويحمل همومها ويتحدث باسمها.
أما المتغير الرابع فيتمثل بالمستوطنين في الأحواز. فهؤلاء تزايدت أعدادهم في السنوات الأخيرة وتأثيرهم تضاعف في الوقت الراهن، ويعتبرون من أهم التحديات ويشكلون عقبة أمام تشكيل الدولة الأحوازية المستقلة مستقبلا. لذلك لا يمكن تجاهل خطرهم، ولا يمكن تأجيل مناقشة تحديهم للشعب الأحوازي ومستقبله. كما أنه لا يمكن أهمال ضرورة مواجهتهم في الوقت الراهن وتأجيلها إلى أجل غير مسمى. لذلك الواقع يحتم علينا أن نكون على قدر من المسؤولية ونأخذ هذا الخطر على محمل الجد ونساهم في معالجته.
هذه المتغيرات السياسية على أرض الواقع وغيرها من متغيرات أخرى تحتم على الطبقة السياسية الأحوازية وعلى رأسها التنظيمات الأحوازية تجديد خطابها السياسي ليتوافق مع واقع الشعب الأحوازي وما تتطلبه المرحلة الراهنة. وبغض النظر عن مَن يكون المتلقي لخطابنا – الشعب الأحوازي أو الأمة والمجتمع الدولي أو العدو الفارسي – فيجب أن يهتم صائغ الخطاب السياسي الأحوازي بهذه المتغيرات ويبين موقفه منها ويتفاعل معها بطريقة واضحة تخدم المصلحة الوطنية العليا. وإلا إذا أهملناها في خطابنا السياسي وسياساتنا العامة ولم نعطها حقها، سيؤدي هذا الإهمال إلى إهمال مضاد من الشعب الأحوازي وستكون الطبقة السياسية الأحوازية والتنظيمات الأحوازية على رأس المتضررين.
ابراهيم مهدي الفاخر